< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث:
 البحث في المسألة 25 من مسائل الطواف، وهذه المسألة في ما لو اختل الترتيب بين الطواف والسعي بمعنى أنه يجب أولاً الطواف ثم السعي، فما هو تكليف من لم يراع هذا الترتيب؟
 يقول السيد الماتن في هذه المسألة: لو علم في حال السعي عدم الإتيان بالطواف قطع و أتى به ثم أعاد السعي، ولو علم نقصان طوافه قطع وأتم ما نقص، ورجع و أتم ما بقي من السعي وصح، لكن الأحوط فيها الإتمام والإعادة لو طاف أقل من أربعة أشواط، و كذا لو سعى أقل منها فتذكر.
 للمسألة فرعان:
 الفرع الأول: إذا التفت شخص حال السعي أنه نسي الطواف، ففي هذه الحالة يقطع السعي ثم يذهب للطواف ثم يعود، مرة أخرى للسعي، ويعيد السعي من جديد.
 الفرع الثاني: إذا التفت شخص حال السعي أنه لم يقم بجزء من الطواف، ففي هذه الحالة يقطع السعي ويكمل ما بقي من الطواف، وبعدها يذهب للسعي ويكمل ما بقي من السعي، وفي هذه الحالة لا فرق سواء أوصل إلى نصف الطواف أو لا، بل يكمل ما بقي من الطواف على أي حال.
 ثم يحتاط السيد الماتن احتياط استحبابياً، وهو فيما إذا طاف أقل من أربعة أشواط، فيكمل النقيصة أولاً، وبعدها يعيد، وكذلك إذا كان سعيه أقل من أربعة فيكمل، ثم يعيد السعي.
 أما الفرع الأول: أي الشخص الذي التفت في أثناء السعي التفت أنه لم يأتٍ بالطواف بسبب الجهل بالمسالة أو الغفلة.
 يظهر إن المسألة هنا ليست خلافية لأنه يجب رعاية الترتيب بين الطواف والسعي، يجب الطواف أولاً ثم السعي.
 مقتضى القاعدة:
 الترتيب المذكور شرط واقعي وعندما يقال مثلاً يجب رعاية الترتيب بين صلاة الظهر والعصر، هنا فالشرط واقعي، بمعنى أنه إذا أخطأ شخص بالترتيب، فيجب عليه إعادة صلاة الظهر، وجميع الشرائط التي ذكرت في لسان الأدلة مثل شرطية القبلة والطهارة وغيره يحمل على الشرط الواقعي.
 الشرط الواقعي في قبال الشرط الذكري مثل نجاسة الثياب والتي ليست بشرط واقعي يعني إذا لم يعلم وصلى بالثياب المتنجسة فصلاته صحيحة.
 على هذا يمكن القول ليس بحثنا في موضوع العلم، لأنه لا يخل أحد بالترتيب عالماً عامداً، لذا فإن بحثنا هو في الجهل والغفلة، وحديث الرفع يشمل الحالتين، (فما لا يعلمون) يشمل صورة الجهل، (ورفع النسيان) يشمل حالة النسيان كذلك، ونحن في حديث الرفع من القائلين بأن هذا الحديث يشمل الأحكام الوضعية والتكليفية، كذلك، لهذا الدليل جاء في رواية صحيحة أن الإمام (عليه السلام) تمسك بحديث الرفع في الأحكام الوضعية وهي في موضع الشخص المضطر الذي أقسم بالطلاق والعتق والصدقة ولم يكن هناك شيء في ملكه، فالإمام (عليه السلام) تمسكاً بحديث الرفع قال: زوجته ليست طالق، وقسمه لا يحتاج إلى كفارة.
 وفي ما نحن فيه ثلاثة روايات صحيحة يمكن الاستفادة منها وجوب إعادة الطواف.
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ بَدَأَ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَالَ يَرْجِعُ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ السَّعْيَ قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ قَدْ فَاتَهُ. قَالَ عَلَيْهِ دَمٌ أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا غَسَلْتَ شِمَالَكَ قَبْلَ يَمِينِكَ كَانَ عَلَيْكَ أَنْ تُعِيدَ عَلَى شِمَالِكَ [1] .
 يظهر إن الرواية صحيحة، وتدل على إن رعاية الترتيب شرط واقعي لا ذكري لذا فإذا لم يراعِ الترتيب فعليه الإعادة.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَالَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَيَطُوفُ بَيْنَهُمَا [2] .
 الرواية صحيحة، ومتنها أوضح من الرواية السابقة، وصرحت بأن الرجل قد ذهب إلى السعي قبل الطواف، ويظهر من الرواية إن عليه بعد الطواف إعادة السعي.
 عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رَجُلٌ طَافَ بِالْكَعْبَةِ ثُمَّ خَرَجَ فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ (بین الصفا والمروة) إِذْ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ تَرَكَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ قَالَ يَرْجِعُ إِلَى الْبَيْتِ فَيُتِمُّ طَوَافَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَيُتِمُّ مَا بَقِيَ قُلْتُ فَإِنَّهُ بَدَأَ بِالصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْبَيْتِ فَقَالَ يَأْتِي الْبَيْتَ فَيَطُوفُ بِهِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ طَوَافَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ. قُلْتُ فَمَا فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ قَالَ لِأَنَّ هَذَا قَدْ دَخَلَ فِي شَيْ‌ءٍ مِنَ الطَّوَافِ وَهَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْ‌ءٍ مِنْهُ [3] .
 الرواية موثقة، وصدر الرواية يرجع إلى الفرع الثاني، ولكن ذيل الرواية يدل على ما نحن فيه، والمستغرب إن صاحب الجواهر عندما ينقل الرواية الثالثة، ينقلها باختلاف كبير بحيث أوجب الخلل والتشويش فيها.
 أما الفرع الثاني:
 وهو عمن أدى مقداراً من الطواف ولكن لم يكمله، ودخل في السعي، وتذكر أثناء السعي.
 الأقوال:
 في المسألة قولان:
 الأول: التفصيل بين تجاوز نصف الطواف وعدمه فإذا تجاوز النصف فلا يعيد وهكذا في السعي، ولكن إذا كان قبل النصف فيجب إعادتهما.
 يقول صاحب الجواهر في هذه المسألة: و کذا التفصیل المزبور لو دخل فی السعی فذکر انه لم یتم طوافه رجع فأتم طوافه إن کان تجاوز النصف ثم تمم السعی تجاوز نصفه أو لا وأن لم یکن قد تجاوز النصف استأنف الطواف کما عن المبسوط و السرائر و الجامع ثم استأنف السعی [4] .
 للبحث صلة ...


[1] وسائل الشيعة، ج 9، باب 63 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[2] وسائل الشيعة، ج 9، باب 63 من أبواب الطواف، حدیث 2.
[3] وسائل الشيعة، ج 9، باب 63 من أبواب الطواف، حدیث 3.
[4] جواهر الکلام، ج 19، ص 335.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo