< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث: أحكام خاصة بالطواف
 البحث في المسألة 27، وهي المسألة الأخيرة من مسائل الطواف، يقسم السيد الماتن هذه المسألة لثلاثة فروع، ويقول: لا يجب في حال الطواف كون صفحة الوجه إلى القدام‌ بل يجوز الميل إلى اليمين واليسار والعقب بصفحة الوجهه، وجاز قطع الطواف وتقبيل البيت والرجوع لإتمامه، كما جاز الجلوس والاستلقاء بينه بمقدار لا يضر بالموالاة العرفية، وإلا فالأحوط الإتمام والإعادة.
 في الفرع الأول يقول: لا يجب في حال الطواف أن يكون الوجه إلى الأمام، بل يمكن أن يحرك وجهه إلى الجهتين وحتى يمكنه أن ينظر بوجهه إلى الخلف.
 وفي الفرع الثاني يقول: يمكن قطع الطواف مؤقتاً لتقبيل الكعبة ثم العودة مجدداً لإكمال الطواف، طبعاً سوف نذكر أن هذا ليس مختصاً بالتقبيل بل يشمل حتى الاستلام وإلصاق البدن بالبيت كذلك.
 في الفرع الثالث يقول: يمكن قطع الطواف مؤقتاً للجلوس قليلاً أو الاستلقاء، طبعاً لا يجب أن يضر هذا المكث بالموالاة العرفية، وإذا أضر بالموالاة، فالاحوط إكمال الأشواط ثم الإعادة، ولم يفرق السيد الماتن في هذا الحكم بين الأقل من أربعة أشواط والأكثر منه.
 أما الفرع الأول: لم يذكر الأصحاب هذا الفرع غالباً، وقد عالجه أكثر المتأخرين. يمكن أن يكون عدم معالجتهم لهذا الأمر لوضوح المسألة، نعم إذا قطع شخص الطواف وذهب إلى الكعبة.
 وفي هذا الفرع كلام في إكمال الطواف وانحراف الوجه لا التوقف.
 دليل المسألة:
 ورد في الدليل أن الكعبة يجب أن تكون على يسار الطائف فقط، ولم يرد في الدليل أن على الإنسان أن يبقي رأسه إلى الأمام.
 قلنا سابقاً أن كون الكعبة على اليسار لا يخلو من المسامحة، لأنه أثناء الطواف حول الكعبة لا تكون الكعبة دائماً على جهة اليسار، بل عند الوصول إلى الحجر تكون الكعبة إلى الخلف، وعند الوصول إلى آخر الحجر تكون الكعبة في المقابل.
 نعم يمكن للإنسان عند الوصول إلى الحجر أن ينحرف لتبقى الكعبة على يساره ولكن هذا الأمر خلاف المتعارف.
 من هنا فإن أصالة البراءة تجري في مسألة وجوب أن يكون الوجه إلى الأمام أثناء الطواف، والظاهر أنها مسألة موضع اتفاق.
 طبعاً ليس الأمر كذلك في الصلاة، لأن الوجه يجب أن يكون باتجاه الكعبة في الصلاة والآيات التي تتحدث عن الاستقبال في الصلاة تركز على الوجه وعليه شاهد من الكتاب في الآية 144 من سورة البقرة يقول الله (عزوجل): فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [1] .
 نعم يلزم من استقبال الوجه أن يكون كل البدن باتجاه القبلة، ولكن الآية ركزت على الوجه.
 وفي الآية الأخرى يقول الله (عزوجل): وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه [2] .
 أي إذا خرجت من مكة أيها الرسول!
 وفي آية أخرى نقرأ: وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرام [3] .
 ولكن في الطواف لا يوجد شيء في مقابل الوجه ليجب استقباله، على عكس الصلاة حيث هناك موضوعية للوجه.
 دلالة الروايات:
 مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ طَوَافُ الْفَرِيضَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَكَلَّمَ فِيهِ ... وَ النَّافِلَةُ يَلْقَى الرَّجُلُ أَخَاهُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَ يُحَدِّثُهُ بِالشَّيْ‌ءِ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْيَا لَا بَأْسَ بِهِ [4] .
 الرواية أما أنها تدل على المراد أو لا أقل فيها إشعار بذلك، لأن الكلام مع الأخ في الله عادةً يؤدي إلى الالتفات بالرأس.
 نعم، ذيل الحديث يتعلق بطواف النافلة، ولكن نحن نعلم، أنه لا فرق في الحكم بين طواف الفريضة وطواف النافلة، ففي الحالتين يجب أن تكون الكعبة على اليسار، وعدم الالتفات بالوجه ليس شرطاً في الحالتين.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ أَخِي أُدَيْمٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الْقِرَاءَةُ وَ أَنَا أَطُوفُ أَفْضَلُ أَوْ أَذْكُرُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَالَ الْقِرَاءَةُ قُلْتُ فَإِنْ مَرَّ بِسَجْدَةٍ وَ هُوَ يَطُوفُ قَالَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ [5] .
 الظاهر أنه يلتفت برأسه نحو الكعبة ويومئ بالسجود، يضاف إلى ذلك أنه ورد في عدة روايات التي تتحدث عن مجيء صاحب الحاجة إلى الإنسان أثناء الطواف فيقول له الإمام (عليه السلام): إذا كان شيعياً فاذهب وأقضِ حاجته، ومن المعلوم أنه عندما يريد الشخص أن يطلب حاجة من إنسان، فإن هذا الإنسان سوف يلتفت بوجهه نحوه، لا أنه يبقى وجهه إلى الإمام ويتحدث إليه.
 أما الفرع الثاني: فهو جواز قطع الطواف لتقبيل الكعبة، وقد ورد في الروايات استلام الكعبة (أي وضع اليد على حائط الكعبة)، وإلصاق البطن بها.
 في وقد الروايات بذلك:
 الطائفة الأولى: الروايات التي تذكر جواز قطع الطواف لاستلام الركن اليماني والحجر الأسود.
 أكدت الروايات على استلام هذين الركنين، وكذلك ورد أنه سئل الإمام (عليه السلام) عن سبب استلام هذين الركنين فأجابهم (عليه السلام): بأنها عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتوجد هذه الروايات في الأحاديث: 2، 3، 5، 12، 13 من الباب 22 من أبواب الطواف.
 الطائفة الثانية: الروايات التي تذكر استحباب استلام جميع الأركان.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ مَا بَالُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ يُسْتَلَمَانِ وَ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانِ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) اسْتَلَمَ هَذَيْنِ وَ لَمْ يَعْرِضْ لِهَذَيْنِ فَلَا تَعْرِضْ لَهُمَا إِذْ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)، قَالَ جَمِيلٌ وَ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا [6] .
 الرواية صحيحة، الجمع بين رواية الركنين ورواية جميع الأركان، بالحمل على اختلاف درجة الاستحباب، فاستلام الركنين (اليماني والحجر، استحبابهما أكثر، والركنين الآخرين استحبابهما أقل).
 الطائفة الثالثة: الروايات التي تدل على التقبيل.
 أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ‌ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام) قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَا يَسْتَلِمُ إِلَّا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَ الْيَمَانِيَّ ثُمَّ يُقَبِّلُهُمَا وَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَيْهِمَا وَ رَأَيْتُ أَبِي يَفْعَلُه [7] .
 ذيل الحديث يدل على المدعى.
 الطائفة الرابعة: الروايات التي تذكر غير الأركان، مثلاً تذكر التزام المستجار واستحباب إلصاق البدن به عند الوصول إليه، والمستجار هو الذي يقابل باب الكعبة، وقد جاءت روايات متعددة في هذا الشأن في الباب 26 من أبواب الطواف.
 يمكن إلغاء الخصوصية من هذه الروايات والقول: بأنه يمكن الإتيان بهذه المستحبات في أي مكان من الطواف، نعم اليوم بسبب الازدحام الشديد لا يمكن القيام بهذه المستحبات، خصوصاً إذا كانت تؤدي إلى مزاحمة الطائفيين حيث ان ذلك حرام.


[1] سورة البقرة، الآية 144.
[2] سورة البقرة، الآية 150.
[3] سورة البقرة، الآية 149.
[4] وسائل الشیعة، باب 54 من أبواب الطواف، حدیث 2.
[5] وسائل الشیعة، باب 55 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[6] وسائل الشیعة، باب 22 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[7] وسائل الشیعة، باب 22 من أبواب الطواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo