< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث: جواز الاستراحة أثناء الطواف وأحكام صلاة الطواف
 البحث في المسألة 27، وهي آخر مسألة من مسائل الطواف، لهذه المسألة ثلاثة فروع، واليوم نتحدث عن الفرع الثالث الذي يتمحور حول جواز الجلوس والاستلقاء إذا ما أضرت بالموالاة.
 دليل المسألة:
 الدليل الأول: إن مقتضى الأصل هو البراءة.
 ما المانع من الجلوس والاستراحة إذا لم تضر بالموالاة؟
 فإذا أدى الشخص واجبات الطواف وحافظ على الموالاة فقد أدى الواجب، وليس لدينا دليل يمنع من الجلوس والاستلقاء وعليه ان أصالة البراءة تجري هنا.
 الدليل الثاني: الرواية الواردة في الباب 46 من أبواب الطواف، والتي ذكرناها وصحيحة ابن أبي يعفور المرويتان عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وقد جاء في كلاتا الروايتين عبارة (يستريح) أي أن الطائف يمكنه الاستراحة والعبارة مطلقة وتشمل الجلوس والاستلقاء، وأي نوع من الاستراحة، طبعاً لا يجب أن تضر الاستراحة بالموالاة.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الرَّجُلُ يُعْيِي فِي الطَّوَافِ أَلَهُ أَنْ يَسْتَرِيحَ قَالَ نَعَمْ يَسْتَرِيحُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي سَعْيِهِ وَ جَمِيعِ مَنَاسِكِهِ [1] .
 الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَسْتَرِيحُ فِي طَوَافِهِ فَقَالَ نَعَمْ أَنَا قَدْ كَانَتْ تُوضَعُ لِي مِرْفَقَةٌ فَأَجْلِسُ عَلَيْهَا [2] .
 أما الاحتياط الذي قال به السيد الماتن في آخر المسألة حيث قال: بمقدار لا يضر بالموالاة العرفية والا فالأحوط الإتمام والإعادة.
 فإذا فاتت الموالاة لماذا يجب الإكمال والإعادة مع أنه عليه الإعادة فقط؟ واطلاق كلامه يعم قبل النصف وبعده.
 يظهر أن هذا الاحتياط ناظر إلى الذين لا يرون الموالاة شرطاً في الطواف الواجب مثل صاحب الحدائق حسب ما ورد في الجواهر حيث يقول [3] : إن صاحب الحدائق لا يرى الموالاة شرطاً أصلاً.
 فعلى رأي الذي لا يرى الموالاة شرطاً فعليه بعد فوات الموالاة الإكمال، والذي يرى أن الموالاة شرط عليه الإعادة. لذا احتاط السيد الماتن وجمع بين القولين.
 نقول: لا يذهب أحد إلى شرط الموالاة بعد النصف لذا كان من المناسب للسيد الماتن أن يفصل ما بين قبل النصف وبعده، ويجعل الاحتياط مختصاً بما قبل النصف.
 
 القول في صلاة الطواف
 يذكر السيد الماتن ست مسائل في هذا الفصل، ويختص بعضها بالمستحبات.
 المسألة الأولى تحتوي على أربعة فروع، يقول السيد الماتن: يجب بعد الطواف صلاة ركعتين له (للطواف) و تجب المبادرة إليها بعده على الأحوط و كيفيتها كصلاة الصبح و يجوز فيهما الإتيان بكل سورة إلا العزائم و يستحب في الأولى التوحيد و في الثانية الجحد و جاز الإجهار بالقراءة و الإخفات.
 الفرع الأول يختص بوجوب صلاة ركعتي الطواف بعد الطواف.
 الفرع الثاني يختص بالوجوب الفوري للركعتين.
 الفرع الثالث يختص بكيفية صلاة الركعتين، فيجب أن تكون مثل صلاة الصبح، فبعد الحمد تقرأ أي سورة ما عدا سور العزائم (وإذا أخطأ فقرأ سورة فيها سجدة فيجب السجود مباشرة ثم إعادة الصلاة) ومن الملفت أن أهل السنة يصرون على قراءة سور العزائم في صلاة الصبح يوم الجمعة في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي وبعد آية السجدة يسجدون خلال الصلاة ثم يكملونها.
 الفرع الرابع يختص بالمستحبات حيث يستحب في الركعة الأولى قراءة سورة التوحيد وفي الركعة الثانية سورة الكافرون، ثم يضيف السيد الماتن إن صلاة الطواف يمكن قراءتها جهراً أو اخفاتاً.
 أما الفرع الأول: وهو ما يختص بأصل وجوب صلاة الطواف. (طبعا الكلام في الطواف الواجب وإلا فصلاة الطواف المستحب مستحبة).
 أقوال العلماء
 المشهور عند علماء الشيعة والسنة وجوب ركعتي الطواف، نعم هناك قول ضعيف عند أهل السنة بعدم الوجوب، وكذلك عند الشيعة مثل هذا القول، ولكن لم يعرف قائله.
 يقول صاحب الرياض: و من لوازمه (لوازم الطواف) ان یصلي رکعتین وجوباً في الطواف الواجب و ندباً في المندوب علی المعروف من مذهب الأصحاب کما في کلام جماعة (قد يكون إشارة إلى صاحب المدارك وصاحب الحدائق) وفي الخلاف الاجماع علی الوجوب مع ان فیه و في السرائر نقل قول بالاستحباب [4] .
 يقول صاحب المستند: علی المعروف من مذهب الأصحاب کما صرح به جماعة بل قیل کاد أن یکون إجماع و عن الخلاف الإجماع علی وجوبه و تدل علیه بعد الآیة المبارکة الأخبار المتواترة [5] .
 مراده من الآية، هي: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّی [6] .
 يقول الشيخ الطوسي في الخلاف: ركعتا الطواف واجبتان عند أكثر أصحابنا وبه قال عامة أهل العلم أبو حنيفة ومالك والأوزاعي والثوري وللشافعي فيه قولان أحدهما مثل ما قلناه والآخر أنهما غير واجبتين وهو أصح القولين عندهم وبه (الاستحباب) قال قوم من أصحابنا [7] .
 عبارة (أكثر أصحابنا) دليل على وجود المخالف، والبعض فهم من عبارة (عامة أهل العلم) الإجماع، والحال أن الأمر ليس كذلك لأنه نقل قول المخالف بوضوح، ويستند صاحب الجواهر يقول بالوجوب على الشهرة العظيمة، وهو ينقل الإجماع عن الشيخ بل ينقل عين عبارته فيقول: قال الشيخ، به قال عامة أهل العلم [8] .
 طبعاً فإن صاحب الجواهر ينقل بأن هناك من خالف ذلك، ولكننا لا نعلم أسماءهم.
 الدليل على الوجوب:
 الدليل الأول: الآية الشريفة.
 يقول الله (عز وجل): وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّی [9] . هذه الآية لا تدل لوحدها على وجوب صلاة الطواف ولكن تتعلق بصلاة الطواف لقرينتين:
 القرينة الأولى: إن الأمر في الآية المذكورة يدل على الوجوب، وهناك إجماع بأنه ليس هناك صلاة واجبة في الحج غير صلاة الطواف، فعليه فإن الوجوب في الآية المذكورة ليس له مصداق إلاّ صلاة الطواف.
 القرينة الثانية: الروايات المفسرة، فقد وردت روايات متعددة عن المعصومين (عليهم السلام) فسرت الصلاة في الآية بصلاة الطواف، وهذه الروايات موجودة في باب 74 من أبواب الطواف، الحديث 10، 15، 16، وفي باب 72 الحديث 1 و 2 كذلك.
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثٍ قَالَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ إِلَّا خَلْفَ الْمَقَامِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى فَإِنْ صَلَّيْتَهَا فِي غَيْرِهِ فَعَلَيْكَ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ [10] .
 قد تكون الرواية ناظرة إلى محل الصلاة، ولكنها تشير إلى إن الآية الشريفة تتعلق بصلاة الطواف.
 مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْزَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ فِي الْحِجْرِ قَالَ يُعِيدُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى عَنَى بِذَلِكَ رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ [11] .
 أكثر روايات باب وجوب صلاة الطواف يرجع إلى حالة نسيانها، وهذا يدل على إن أصل وجوب الصلاة كان أمراً مسلماً به، وفي هذه الروايات كلام عن تفاصيل وفروع تلك الصلاة.
 وفي ذيل الرواية تصريح بأن الآية المذكورة تتعلق بركعتي صلاة الفريضة.


[1] وسائل الشیعة، باب 64 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[2] وسائل الشیعة، باب 64 من أبواب الطواف، حدیث 3.
[3] ج 9 ص 239.
[4] الریاض، ج 7، ص 19.
[5] المستند، ج 12، ص 136.
[6] سورة البقرة، الآية 125.
[7] الخلاف، ج 2، ص 327، مسألة 138.
[8] جواهر الكلام، ج 19، ص 300.
[9] سورة البقرة، الآية 125.
[10] وسائل الشیعة، باب 72 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[11] وسائل الشیعة، باب 72 من أبواب الطواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo