< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 محاضرة أخلاقية: مسائل حول النوروز
 جاء في الروايات أحاديث عن النوروز ولكن لا يصل الحد لأن يصبح النوروز عيداً إسلامياً، ومن الأفضل أن نقول إن النوروز هو عيد الطبيعية وهو عيد وطني، كل شعب لديه أعياد خاصة به مثلاً نحن نحتفل بيوم انتصار الثورة، ونعتبره عيداً. فالشعوب تعتبر الأيام العظيمة التي تحقق فيها إنجازاً عظيماً، وعيد النوروز من هذا القبيل وبالإضافة إلى الانسجام مع الطبيعة والربيع، فصل التجدد والحركة في عالم الحياة، لذا نحن لا نعارض النوروز، خصوصاً إن للنوروز آثار إيجابية ملحوظة.
 1ـ إحدى هذه الآثار هي شعور الناس بالفرح والسرور، فمن الأعمال التي فيها الأجر والثواب هي إدخال السرور على قلب المؤمن، فكيف بإدخال السرور على قلوب جميع المؤمنين، فإن الله حتماً سيكون راضٍ عن ذلك.
 2ـ من الأمور الأخرى هي تنظيف الناس للبيوت وإزالة الأوساخ عنها، ومن المستحسن أيضاً تنظيف القلوب من البغض والأنانية، ومن كل الأمور السلبية.
 3ـ من الأمور كذلك إقامة احتفالات النوايا الحسنة التي تقام لجمع الأموال للمحرومين والمحتاجين، فإن لهذه الأعمال آثار إيجابية كثيرة والإسلام يشجع على بذلك.
 4ـ من الآثار صلة الرحم وما أجمل أن يلتقي في هذه المناسبة الأشخاص الذين لم يروا بعضهم خلال السنة أو كانوا على خصام فيلتقوا في هذه المناسبة ويتصالحوا، فتزيد الرحمة والمحبة وتنبعث كل الآثار الايجابية في الجميع.
 5ـ من الآثار استراحة الناس ليستعدوا للنشاط الفكري والجسمي المفيد، فقد جاء في الروايات فإنها عون على تلك الساعتين [1] .
 أي إن ساعاتا الاستراحة والترويح عن النفس تساعد ساعات العمل والأعمال الأخرى.
 6ـ من الأمور الايجابية كذلك إن الجميع وقت تغيير السنة يفكرون بالله وينشغلون بالدعاء والذكر ويريدون من الله (عزوجل) أن: حوّل حالنا إلى أحسن حال، وأحسن الحال هو الإيمان، التقوى، الشجاعة، الكرم، الحرية وأمثال ذلك، كذلك فإن الناس تعتبر نفسها ملزمة بالذهاب إلى الأماكن الدينية، لبدء السنة الجديدة بالارتباط بالله (عزوجل).
 لقد كانت تقاليد النوروز منذ القدم وهي تحتوي على آثار إيجابية يجب المحافظة عليها، كما حفظ النبي (صلى الله عليه وآله) التقاليد الإيجابية التي كانت قبل الإسلام.
 إلى جانب هذه الآثار الإيجابية هناك سلبيات يجب التخلي عنها، من جملة ذلك خرافة الأربعاء النحس في آخر أربعاء من السنة الشمسية. فلا يوجد لها أي دليل شرعي ولا عقلي، وهناك أشخاص كثر يشاركون في مثل هذه الخرافات فيتضررون جسمياً وروحياً، وعلى الوالدين شرعاً أن يحفظوا أطفالهم من هذه الأعمال الخطرة والمؤذية، لأنهم ولي الطفل ومسئولون عنه.
 وهذه الممارسات تؤذي الآخرين كذلك، فالأصوات الصاخبة، والممارسات الخطرة في هذه الأيام تؤدي إلى أذية الآخرين وهذا حرام شرعاً.
 ومن جملة السلبيات المبالغة في التكلف، وكثرة البذخ، والاهتمام الزائد بالشكليات.
 * * *
 الموضوع الفقهي: حكم الظن في ركعات صلاة الطواف
 قلنا سابقاً إننا لا نذهب إلى وجوب تحديد السورة عند قراءة البسملة، ولا نرى أن عدم تحديد سورة يؤدي إلى عدم جعل البسملة جزءاً من السورة، ونحن من القائلين أن البسملة لا تختلف بين سورة وأخرى لأن البسملة ذات ماهية واحدة، لذا فمن الممكن أن يقرأ الإنسان البسملة دون أي يحدد سابقاً أي سورة يريد أن يقرأ، يمكنه أن يقرأ البسملة أولاً ثم يحدد السورة التي يريد أن يقرأها، فتصبح البسملة جزءاً من السورة، ولا دليل عندنا يدل على أن البسملة جزء من العناوين القصدية بمعنى أن السورة يجب أن تقصد قبل الابتداء بالبسملة.
 فالبسملة ليست بداية السورة، فبداية السورة هو أول آية بعد البسملة.
 وقد ذكرنا سابقاً إن الكاتب إذا أراد أن يكتب البسملة بنية سورة الجحد، ثم عدل رأيه وأراد أن يكتب سورة التوحيد بدل عنها، فالبسملة التي كتبها لا تبطل ولا يمكنه أن يضع يده عليها دون وضوء.
 وقد طرح إشكالاً وهو إذا أراد شخص أن يبدأ بنية سورة الجحد، ثم أراد أن يكمل بنية سورة التوحيد، فلا يمكنه على أي حال أن يضع يده بدون وضوء على البسملة، لأن البسملة إذا كانت متعلقة بسورة الجحد فلا يمكنه مسها كذلك بدون وضوء، وإذا كانت متعلقة بسورة التوحيد لا يمكنه مسها بدون وضوء.
 والجواب هو: إن العرف لا يرى أن المكتوب مركب من سورتين، أي لا يرى أن البسملة متعلقة بسورة الجحد والآيات التالية متعلقة بسورة التوحيد، فالعرف يرى أن الجزئين يتعلقان بسورة واحدة.
 طبعاً في نسخة عثمان طه للقرآن، اعتبرت البسملة جزء من سورة الحمد ولكن في كافة السور لم تعتبر جزاً من السورة، لأن ماهية البسملة واحدة.
 أما مسألة الشك في ركعات صلاة الطواف، فالسيد الماتن من القائلين إن الظن في ركعات صلاة الطواف بحكم اليقين، يعني إذا كان لدى شخص احتمال أكبر بركعة فعليه أن ينوي على تلك الركعة ولا يجب عليه إعادة الصلاة، نعم الشك يوجب إعادة الصلاة.
 مباني السيد الماتن وآخرين كثر على أن الظن في الركعة الأولى والثانية في كل الصلوات بحكم اليقين نعم الكل متفق على إن الظن في الركعة الثالثة والرابعة في حكم اليقين، ولكن البحث في الظن في الركعة الأولى والثانية.
 نحن لا نعلم أن الظن كاليقين في الركعة الأولى والثانية، ما نعلمه هو أن الظن كاليقين هو فقط في الركعة الثالثة والرابعة.
 أساس دليلهم هو رواية واحدة، وقد صرح بذلك صاحب المستمسك، وهذه الرواية هي صحيحة صفوان التالية:
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) قَالَ إِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي كَمْ صَلَّيْتَ وَ لَمْ يَقَعْ وَهْمُكَ عَلَى شَيْ‌ءٍ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ [2] .
 الوهم في الرواية المذكورة هو بمعنى الظن، لأن الشك هو تساوي الطرفين وعدم إمكانية ترجيح طرف على آخر. ولا يمكن أن يكون الوهم بمعنى اليقين، فعليه فإن معنى الرواية هو إذا وقع ظنك على ركعة من الركعات فأعد الصلاة.
 والحكم هنا مطلق ويشمل كل الركعات سواء الركعة الأولى أو الثانية أو غيرها.
 لابد من ألفات النظر إلى أن الوهم في اصطلاح الروايات هو غير الوهم في اصطلاح المناطقة ومتأخري الأصوليين، فالوهم في الروايات هو بمعنى الظن.
 نقول: للدليل معارض واضح وهو أخص منه ويقيده.
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ قَالَ‌ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) كَانَ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَ فِيهِنَّ الْقِرَاءَةُ وَ لَيْسَ فِيهِنَّ وَهْمٌ يَعْنِي سَهْواً فَزَادَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) سَبْعاً وَ فِيهِنَّ الْوَهْمُ وَ لَيْسَ فِيهِنَّ قِرَاءَةٌ فَمَنْ شَكَّ فِي الْأُولَيَيْنِ أَعَادَ حَتَّى يَحْفَظَ وَ يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ وَ مَنْ شَكَّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ عَمِلَ بِالْوَهْمِ [3] .
 تبين الرواية بصراحة إن الصلاة كانت في البداية عشر ركعات (خمس صلوات كصلاة الصبح) ثمّ زاد رسول الله بإذن الله عدة ركعات، لذا فإنه لا سهو في الركعتين الأولتين التي هي فرض الله، والشك والظن فيهما مبطل للصلاة، فيجب على المصلي إحراز اليقين فيهما، ولكن في الركعتين الأخرتين الشك والظن لا تبطل الصلاة بهما.
 الرواية خاصة وتخص الركعتين الأولتين، والرواية السابقة مطلقة وتشمل كل الركعات وتقيد بالرواية الخامسة.
 يذهب صاحب المستمسك في ذيل مسألة القراءة إن رواية صفوان من قبيل الحكومة لأن الإمام (عليه السلام) في هذه الرواية يقول: إن الوهم في حكم اليقين، وعندما يرد في رواية زرارة وجوب اليقين في الركعتين الأولتين ففي الواقع الظن هو في حكم اليقين.
 ولكن الإنصاف إن رواية صفوان ليست في صدد تنزيل الظن منزلة اليقين، لأن الإمام (عليه السلام) يقول: إذا ظن شخص في الصلاة فيمكن أن يعمل طبق ظنه فقط، ولا يوجد أي ذكر أن الظن في حكم اليقين، فليس لسان رواية صفوان لسان الحكومة، من هنا فإن رواية زرارة التي تقول بوجوب اليقين في الركعتين الأولتين، تخصص رواية صفوان.


[1] الكافي: ج 5، ص 87، ح 1.
[2] وسائل الشیعة، ج 5، باب 1 من أبواب خلل، حدیث 15.
[3] وسائل الشیعة، ج 5، باب 1 من أبواب خلل، حدیث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo