< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/05/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: موضع صلاة الطواف وحكم نسيانها
 قبل البدء في البحث في الفرع الرابع من المسألة الثالثة من مسائل صلاة الطواف، لا بد من بيان مسألة ذكرناها في البحوث السابقة حيث ذكرنا أن شيخ الطائفة في كتابه الخلاف يقول بعدم وجوب صلاة الطواف عند المقام، ويذهب إلى إمكانية صلاة الطواف بأي مكانٍ من المسجد وقد أدعى الإجماع على ذلك (رغم أن هذا القول خلاف المشهور).
 ومع ذلك قول في النهاية: فمن نسي هاتين الركعتين أوصلهما في غير المقام ثم ذكرهما فليعد إلى المقام فليصل فيه ولا يجوز له أن يصلي في غيره [1] .
 وكذلك قال في المبسوط: ومن نسي هاتین الرکعتین أو صلاهما فی غیر المقام ثم ذکرهما عاد إلی المقام وصلی فیه و لا یجوز له أن یصلي في غیره [2] .
 أما عن الفرع الرابع من المسألة الثالثة: فقد استوفينا البحث فيه وبقيت ونقطة في ذيل المسألة يلزم معالجتها.
 تعرض الشهيد في المسالك وهو من القلائل الذين تعرضوا للمسألة فقال إن لكلمة المقام معنينان:
 فالمعنى الأول هو بمعنى الخمرة التي وقف عليها النبي إبراهيم (عليه السلام) وبني عليها الكعبة.
 والمعنى الثاني: هو البناء الذي بني على الصخرة.
 ثم يشكل على عبارة المحقق والتي هي متن المسالك.
 فيقول: یجب أن یصلی رکعتي الطواف فی المقام [3] ، وهذا الكلام لا يناسب أي معنى من المعنيين، لأنه إذا كان المراد من المقام الخمرة، فإنه من الواضح عدم إمكانية الصلاة على الخمرة، وإذا كان مراده المعنى الثاني فهو غير ميسر وما هي الضرورة للذهاب إلى داخل البناء والصلاة بداخليها، فلا مشروعية لوجوب صلاة الطواف داخل المقام، فإذا صلى أحد خارج البناء وعند المقام فلا إشكال في ذلك.
 نقول: لا بد من البحث عن تاريخ البناء على الصخرة فهل كان موجوداً في عهد المعصومين؟
 ولا دليل على ثبوت هذا الأمر، حتى أن الروايات تذكر خلاف هذا الأمر، حيث تذكر أن مقام إبراهيم في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبسبب السيل الذي حصل أخذ ووضع ملاصقاً للكعبة، فإن هذه الروايات تؤيد أن المقصود من المقام هو الحجر لا البناء.
 وكذلك جاء في روايات أخرى أن سيل آخر حصل في عهد الخليفة الثاني، وحرك المقام من مكانه، فأرادوا إرجاعه إلى مكانه فاخطئوا، فقد أدعى شخص أنه قاس مساحته وعين مكانه الصحيح، ووضع في ذلك الموضع.
 نعم كان البناء موجوداً في زمن صاحب الرياض وصاحب المسالك، حتى أننا قد رأيناه وبعد ذلك هدم، وكان مكاناً صغيراً تتزاحم الناس وتتنازع للدخول إليه.
 وعلى هذا فإن من الشرائط الفعلية هو أن على الإنسان أن يصلي خلف المقام، وإذا كان هناك ازدحام فيمكنه أن يبتعد، حتى أنه يمكنه أن يصلي في البهو، ولا يجب عليه الإعادة إذا خلى المسجد من الازدحام.
 المسألة الرابعة: يتطرق السيد الماتن لحكم النسيان والجهل، وهو يستعرض المسألة في ثلاثة فروع للنسيان، وفرع للجهل فيقول:
 الفرع الأول: لو نسي الصلاة أتى بها أينما تذكر عند المقام.
 وعلى هذا لا تشترط الموالاة بين الطواف وبين صلاة الطواف، ولا يجب إعادة الطواف بذلك، طبعاً فإن عبارة (أينما) لا تستعمل للزمان بل هي تختص المكان.
 الفرع الثاني: ولو تذكر بين السعي رجع و صلى ثم أتم السعي من حيث قطعه و صح.
 أي ولا يجب إعادة السعي من جديد.
 الفرع الثالث: و لو تذكر بعد الأعمال المترتبة عليها (كبعد التقصير مثلاً) لا تجب إعادتها بعدها.
 لا يجب إعادة الأعمال بعد صلاة الطواف.
 الفرع الرابع: ولو تذكر في محل يشق عليه الرجوع إلى المسجد الحرام صلى في مكانه (ولا يجب أن يرجع إلى المسجد الحرام لصلاة الطواف) ولو كان بلدا آخر، ولا يجب الرجوع إلى الحرم ولو كان سهلا.
 يعني الذهاب إلى المسجد صعب ولكن يمكنه الدخول للحرم، فعلى هذا لا يجب الذهاب إليه، ويمكنه أن يصلي صلاة الطواف في مكانه.
 الفرع الخامس: والجاهل بالحكم بحكم الناسي. في جميع الأحكام.
 أما الفرع الأول: لو نسي الصلاة ففي أي زمان ومكان يمكنه الرجوع إلى المسجد، يجب عليه الرجوع والصلاة عند المقام هناك.
 أقوال العلماء:
 القول المشهور هو بوجوب الرجوع، ولكن هناك قول غير مشهور بعدم وجوب الرجوع مطلقاً سواء استطاع الرجوع بسهولة إلى المسجد أو لم يستطع.
 يقول صاحب المستند: من نسي رکعتي الطواف قال جماعة بل هو الأشهر انه یجب علیه الرجوع إلی المقام مع الإمكان وعدم المشقة وإتيانهما فیه [4] .
 ومن جملة القائلين بهذا القول كما جاء في حاشية المستند هم: الشهيد في الدروس، والمحقق الكركي في جامع المقاصد، وصاحب المدارك، والسبزواري في الذخيرة، والفاضل الاصفهاني في كشف اللثام.
 ثم يضيف: و تظهر من ذلك الأخبار (الأخبار التي ذكرها) قوة القول بعدم وجوب الرجوع مطلقاً وجواز الإيقاع حیث تذکّر مع أفضلیة الرجوع مع الإمکان کما احتملهما (الجواز والاستحباب) الشیخان فی الفقیه الاستبصار و مال إليه فی الذخيرة و بعض مشایخنا الإخباريين (صاحب الحدائق) [5] .
 ولكن صاحب الجواهر يدعي أنه لم يرَ خلافاً في المسألة فيقول: لو نسیهما وجب علیه الرجوع بلا خلاف أجده إلاّ ما یحکی من الصدوق من المیل إلی صلاتهما حیث یذکر بل فی کشف اللثام الإجماع علیه [6] .
 ومن العجيب منه دعوى عدم الخلاف، مع أن كتاب المستند كان بجانبه دائماً حيث صرح بوجود الخلاف.


[1] النهایة، ص 242.
[2] المبسوط، ج 1، ص 360.
[3] المسالك، ج 2، ص 336.
[4] المستند، ج 12، ص 143.
[5] المستند، ج 12، ص 146.
[6] الجواهر، ج 19، ص 303.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo