< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: قضاء الولد الأكبر لصلاة الطواف والقراءة الصحيحة
 البحث في المسألة الخامسة من مسائل صلاة الطواف. وهي إذا لم يؤد صلاة الطواف ومات فهل على وليه أو الولد الأكبر أن يقضي عنه صلاة الطواف؟
 يقول السيد الماتن في هذه المسألة: لو مات وكان عليه صلاة الطواف يجب على ولده الأكبر القضاء.
 وقد قال بالوجوب جمع من قدماء الأصحاب، وجمع من المتأخرين، وجمع لم يذكر هذه المسألة، وعلى كل حال لا يوجد معارض في هذه المسألة.
 دليل المسألة:
 الدليل العام:
 الروايات التي وردت في باب قضاء الصلوات والتي تقول: أن على الولد الأكبر القضاء عن الوالدين الصلاة والصوم، والروايات في هذا الشأن عامة وتشمل صلاة الطواف كذلك.
 وقد ذكر صاحب الوسائل هذه الروايات في المجلد الخامس باب 12 من أبواب قضاء الصلوات وكنموذج سنذكر رواية معتبرة وهي:
 مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ رِجَالِهِ عَنِ الصَّادِقِ (عليه السلام) فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ قَالَ يَقْضِيهِ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ [1] .
 والرواية وأن كانت مرسلة ولكنها من مرسلات ابن أبي عمير التي في حكم المسندات والتي لا توجب ضعف السند.
 وفسرت الروايات الأخرى (أولى الناس) بالولد الأكبر. والرواية مطلقة وعبارة (عليه الصلاة) تشمل جميع الصلوات.
 ولكن يوجد شبهة صغيرة في هذه الرواية، وهي إمكانية انصراف الصلاة إلى الصلاة اليومية، بالأخص أنها معطوفة على الصيام، وعندما يقع الاثنان بجانب بعضهما ينصرف الظهور للصلاة اليومية.
 يقول صاحب الجواهر: لصلاة الطواف أولوية لأن الصلاة اليومية لا تقبل النيابة في حال الحياة، وتقبل صلاة الطواف (حسب رأيه) النيابة حال الحياة.
 الدليل الخاص:
 الروايات الواردة في خصوص صلاة الطواف:
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِيمَنْ نَسِيَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ حَتَّى ارْتَحَلَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ إِنْ كَانَ قَدْ مَضَى قَلِيلًا فَلْيَرْجِعْ فَلْيُصَلِّهِمَا أَوْ يَأْمُرُ بَعْضَ النَّاسِ فَلْيُصَلِّهِمَا عَنْهُ [2] .
 الرواية ناظرة لحال الحياة، وهي الحال التي يستطيع أن يستنيب فيها، وبطريقة أولى يمكن الاستنابة حال الممات.
 مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَنْ نَسِيَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ أَوْ يَقْضِيَ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [3] .
 الرواية مطلقة، وتشمل حال الحياة والممات، ودلالتها أكثر وضوحاً لأنه ذكر فيها قضاء الولي.
 وفي سند الرواية عمر بن يزيد وهو مردد بين ثلاثة أشخاص.
 1ـ أحدهم عمر بن يزيد بياع السابري وهو الكوفي الثقة له كتاب، وفي كتابه جمعت روايات الإمام الصادق (عليه السلام).
 2ـ الآخر هو عمر بن يزيد الثقفي يقول فيه صاحب جامع الرواة: يظهر أنه بياع السابري، ومن ذلك فهو ثقة كذلك.
 3ـ الثالث هو عمر بن يزيد الأبيان، وقد وثقه النجاشي وابن داود، وقد نقل عنه الميرزا محمد الاسترابادي صاحب كتاب تلخيص المقال وهو من علماء الرجال والعلامة الحلي كذلك، وقد أشار إلى ذلك صاحب جامع الرواة، وهو بعد أن ينقل توثيق النجاشي وابن داود يضيف، وفيه نظر لا يخفى.
 وعلى أي حال فنحن في الرجال كسائر الأمور الأخرى نقبل رأي أهل الخبرة، ولا نحتاج إلى دليل يظهر ذلك كمراجعة أهل اللغة.
 ومع ملاحظة الرواية الثالثة عشر نجد أن محمد عذافر الذي ينقل الحديث عنه ثقة، وينقل عن عمر بن يزيد بياع السابري وهو ثقة، ومن هذه القرينة يستفاد أن سند الحديث لا مشكلة فيه، وقد يكون لهذا السبب عبر صاحب الجواهر وآخرون عن هذه الرواية بصحيحة عمر بن يزيد.
 مع هذا البيان الذي عرضناه، فإن مسألة النيابة تثبت في هذا البحث وفي البحث السابق الذي ذكر فيه مسألة النيابة ونقول: إن الشخص هنا مخير بين أن يصلي بنفسه أو أن يستنيب (وإن كان قد أشكلنا على السند سابقا).
 بقي هنا شيء:
 في بحث وجوب قضاء الولد الأكبر الصلاة اليومية والصوم عن والديه قلنا: أن الأمر يتعلق إذا كان للوالدين عذر شرعي أو عرفي في عدم الأداء (طبعاً لا يتصور العذر الشرعي في الصلاة لأن الصلاة يجب أن تؤدي بأي حال، والذي يتصور هو العذر العرفي فقط) فإذا لم يؤدي الأب الصلاة والصوم عمداً فلا يجب على الولد الأكبر القضاء عنه. فبرأينا أن الأدلة في هذا الخصوص منصرفة، فإن وجوب قضاء الولد الأكبر نوع من الإرفاق من قبل الشارع للوالدين، وتنصرف برأينا عن الذي لا يؤدي الصلاة والصوم عمداً لأنه لا يستحق هذا الإرفاق.
 بالأخص أن أصل البراءة يجري هنا (ولكن إذا تاب ولم يقدر على القضاء فيمكن البحث في هذا الأمر).
 المسألة السادسة: لو لم يتمكن من القراءة الصحيحة ولم يتمكن من التعلم صلى بما أمكنه وصحت ولو أمكن تلقينه فالأحوط ذلك، والأحوط الاقتداء بشخص عادل، لكن لا يكتفي به كما لا يكتفي بالنائب.
 إذا لم يستطع شخص أداء صلاة الطواف بقراءة صحيحة، ولم يتمكن من التعلم (وإلا وجوب عليه التعلم) ففي هذه الحالة يصلي بالطريقة التي يستطيع فيها الصلاة وصلاته صحيحة.
 البعض ليس لديهم الاستعداد للتعلم، ولا يمكنهم أن يصححوا قرأتهم الخاطئة، في أحيان أخرى قد يكون لهم الاستعداد ولكن لا تسنح الفرصة للتعلم.
 يقول في الفرع الثاني من المسألة: إذا أمكن تلقينه فيكرر ما قيل له فالأحوط وجوباً القيام بذلك، فيقف بجانبه شخص ويلقنه مخارج الحروف فيكررها من بعده بشكل صحيح.
 ويقول في الفرع الثالث: الاحتياط في أن يصلي مرة أخرى خلف شخص عادل، فيتحمل عنه قراءة الحمد والسورة والباقي يؤديه بالطريقة التي يستطيع فيها.
 ثم يقول السيد الماتن: لأنه لم يثبت إمكانية صلاة الطواف جماعة، فلا تكفي الجماعة.
 ويقول في الفرع الرابع: لا يكفي النيابة، بل عليه أن يصلي بالطريقة التي يستطيع.
 ومن المناسب قبل بيان هذه المسألة، الألفات إلى مسألة أخرى وهي أن على كل مكلف أن يتعلم القراءة الصحيحة، وقد ذكر العلماء هذه المسألة في باب الصلاة، كصاحب الجواهر الذي تعرض لهذا البحث [4] ، وقبل الخوض في هذه المسألة لابد من حل شبهتين:
 الأولى: بأي دليل يجب تصحيح القراءة قبل دخول وقت الصلاة، فعندما لم يحن وقت الصلاة بعد، فالصلاة غير واجبة، فكيف تكون المقدمة واجبة قبل وجوب ذي المقدمة.
 فالواجب يجب أن يكون بإصلاح القراءة بعد دخول الوقت، وإذا تمكن فبها وإلا فلا إشكال عليه.
 في جواب هذه الشبهة نقول: بالإضافة إلى وجوب المقدمة يجب الإتيان بغرض المولى.
 مثلا: إذا كان على العبد أن يهيئ لمولاه يوم عاشوراء الماء والخبز والطعام والدواء، وهو يعلم قبل يوم عاشوراء أن في الغد تكون كل الأماكن معطلة، فالعقلاء يحكمون بوجوب تحضير الأمور الأزمة قبل ذلك اليوم. وأ، كان الوجوب يتعلق بذمته في اليوم التالي، وهذا الأمر عند العقلاء من الواضحات، وإذا لم يهيئ العبد الأمور اللازمة في اليوم السابق حيث تكون المتاجر مفتوحة فهو ممن يستحق اللوم بنظرهم.
 وهذا يشبه ما حصل في قصة النبي يوسف (عليه السلام) الذي خزن الطعام قبل سبع سنوات للسنوات السبع الكاحلة التالية.
 وللبحث صلة.
  ة الحلي كذلك، وقد أشار الى شي وابن داود، وقد نقل عنه الميرزا محمد الاسترابادي صاحب كتاب تلخيص المقال وهو من


[1] وسائل الشیعة، ج 5، باب 12 من أبواب قضاء الصلوات، حدیث 6.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، باب 74 من أبواب طواف، حدیث 1.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، باب 74 من أبواب طواف، حدیث 13.
[4] جواهر الکلام، ج 9، ص 300.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo