< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: القراءة الصحيحة في صلاة الطواف
 البحث في المسألة السادسة من مسائل صلاة الطواف. والتي يقول السيد الماتن: لو لم يتمكن من القراءة الصحيحة ولم يتمكن من التعلم صلى بما أمكنه وصحت ولو أمكن تلقينه فالأحوط ذلك، والأحوط الاقتداء بشخص عادل، لكن لا يكتفي به كما لا يكتفي بالنائب.
 يتعلق الفرع بالذي لا يستطيع القراءة الصحيحة.
 قلنا أن المناسب هو قبل بيان هذه المسألة التعرض لمسألة وجوب تعلم القراءة الصحيحة.
 وكان البحث عن دليل وجوب التعلم قبل الوقت، حيث لا وجوب للصلاة بعد، فكيف تكون المقدمة التي هي التعلم واجبة، لأننا نعلم أن التعلم ليس واجباً نفسياً، وعندما لا تكون الصلاة واجبة فعلى القاعدة لا يجب أن يكون التعلم واجباً.
 وقد ذكرنا جواباً للمطلب في البحث السابق وهو أن أغراض وأهداف المولى يجب أن تحتفظ بالإضافة إلى وجوب المقدمة.
 لذا فإن الشخص الذي يعلم بدخول وقت الصلاة ولا مجال للتعلم، فعليه أن يتعلم قبل دخول الوقت.
 مثلا: إذا كان لشخص ماء للوضوء، وهو أن لم يدخل وقت الصلاة ولم تصبح الصلاة واجبة، لكنه لا يمكنه أن يريق الماء، حتى يصبح بعد الوقت بلا ماء فيتيمم، فهنا يلحظ وجوب حفظ القدرة كعنوان عقلائي أي على الإنسان أن يحفظ قدرته لحفظ التكليف.
 أما في ما يخص الذي لا يعرف القراءة الصحيحة، فعليه أن يؤدي صلاة الطواف، والصلاة اليومية بالطريقة التي يستطيع لأنه لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها والشخص المذكور وأن قصر في التعلم ولكن تكليفه أن يؤدي الصلاة بالطريقة التي يستطيع فيها.
 مع هذا نقول: يقول صاحب الجواهر في باب الصلوات اليومية: أن الشخص المذكور عليه أداء الصلاة ولكن صلاته باطلة لأنه مقصر وهو مأمور بالقراءة الصحيحة وإذا صلى بالقراءة الغير صحيحة فصلاته لا تقبل وهي باطلة لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار [1] .
 ويقصد بالقاعدة المذكورة أنه إذا قام شخص بعمل بحيث منع نفسه باختياره من القيام بعمل فهو في حكم المختار، فالشخص المذكور إذا لم يستطع الصلاة بقراءة صحيحة بسوء اختياره، فهو مأمور بالصلاة الصحيحة وصلاته باطلة وتبقى في ذمته.
 نقول: إن هذا الكلام صدر عندما لم تكن الأصول منقحة مثل اليوم، فاليوم الكل يقولون أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً لا تكليفا فالشخص المذكور يعاقب لأنه تعمد عدم التعلم وقصر في السعي، ولكن في مقام العمل لا يمكن أن يكلف بالمحال.
 مثل المولى الذي يأمر عبده بالصعود إلى السطح فإذا قصر العبد بسوء اختياره ولم يهيئ السلم فهو يستحق المؤاخذة ولكن لا يقول أحد بأن عليه أن يصعد إلى السطح حتى ولو بأن يطير، فإن هذا العمل ممتنع ولا يصدر من حكيم.
 في هذه الحالة يجب أن ينظر هل يمكن أن يلقن مثل هكذا شخص فيكررها من بعده أو هل يمكنه أن يصليها جماعة أو أن يستنيب؟
 
 أما التلقين:
 إذا استطاع شخص بالتلقين أن يصلي صلاة صحيحة ويمكن أن يوجد شخص يلقنه، فمن الواضح أن هذا الأمر من باب مقدمة الواجب، فهو واجب، أحياناً لا يمكن حتى مع التلقين أن يصلي صلاة كاملة صحيحة ولكن على الأقل يصليها بشكل أفضل أو أنه قد يحذف مع عدم التلقين بعض الآيات ولكن مع التلقين لا يحدث مثل هذا الأمر، ففي مثل هذه الحالة يجب التلقين.
 أما الصلاة جماعة:
 إذا استطاع شخص أن يصلي صلاة الطواف جماعة فيتحمل الإمام عنه الحمد والسورة، فهو على الأقل يؤدي هذا المقدار بشكل صحيح، فهو وأن أخطأ في باقي الأذكار ولكن يكون قد قرأ الحمد والسورة بشكل صحيح.
 لكن تواجه صلاة الطواف جماعة مشكلتين:
 المشكلة الأولى: لم تثبت مشروعية صلاة الطواف جماعة، فالجماعة مشروعة في الصلوات اليومية، صلاة الآيات، صلاة الاستسقاء، وصلاة العيدين، فلا يوجد دليل عام على أن كل صلاة واجبة يمكن أن تصلى جماعة، فأدلة صلاة الجماعة قاصرة بالأخص أن يسره المسلمين على عدم صلاة ركعتي الطواف جماعة.
 المشكلة الثانية: وقد طرح المرحوم كاشف الغطاء وصاحب الجواهر هذا الإشكال في باب الصلوات اليومية، يقول المرحوم كاشف الغطاء: لو تركه (ترك التعلم) في السعة وأنتم وصحت صلاته [2] .
 ثم يذكر صاحب الجواهر توجهين لكلام كاشف الغطاء:
 الأول: إن الجماعة فعل الغير وليست في اختياري ولا يمكن للشارع المقدس أن يخير الشخص بين شيئين ويقول له: أو أن تتعلم القراءة وقت السعة أو أن تصلي جماعة لأن الجماعة ليست من فعلي ولا يمكن أن تكون محطاً للتكليف، فعلى شخص آخر أن يكون إماماً للجماعة وهذا الأمر فعله لا فعلي.
 الثاني: يظهر من إطلاق كلمات العلماء ومعاقد الاجماعات هو أن التعلم للجاهل واجب عيني لا تخييري (بين التعلم والصلاة جماعة).
 نقول: لا يمكن قبول أي من التوجيهين في ما يخص التوجيه الأول نقول: يمكن لصلاة الجماعة أن تكون في اختيار الإنسان وهو أن يطلب من شخص عادل أن يذمه لصلاة الجماعة، وبعبارة أخرى يمكن الذهاب إلى مكان حيث تتوفر صلاة الجماعة، وإذا كان بالإمكان ذلك فلماذا يذنب ويصلي بدون جماعة ويخطأ بالقراءة؟
 وأما في ما يخص التوجيه الثاني: أن إطلاق الكلمات ناظرة غالباً إلى القدر المتيقن وهو أن التعلم واجب، لأن التعلم يتحقق ولو كان الإنسان في السفر أو الحضر أما الجماعة فهي ليست دائماً متوفرة فقد يحصلها الإنسان وقد لا يحصلها، فالجماعة ليست كالتعلم ولهذا تمركزت الاجماعات على التعلم.
 لذا فإذا صلى الشخص جماعة فلا أثم عليه وصلاته صحيحة، ولكن إذا أراد أن يصليها فرادى فقد ارتكب حراماً لأنه لم يتعلم وأخطأ في صلاته.
 ولكن الجماعة في صلاة الطواف غير مشروعة، ولو كانت مشروعة لكان إشكال كاشف الغطاء في محله أي أنه أذنب ولكن صلاته صحيحة وعلى فرض أننا قلنا أن الجماعة في صلاة الطواف مشروعة لقلنا أنه لم يذنب كذلك.
 لكن على أي حال فإن الجماعة في صلاة الطواف غير مشروعة، ولا يمكن أداؤها ولو رجاءً، لأنه مع ملاحظة يبدو الأمر وكأنه بدعة ويؤدي إلى وهن المذهب.
 
 المحصلة:
 1ـ إذا لم يستطع الشخص أن يتعلم، فعليه أن يصلي بالطريقة التي يقدر عليها.
 2ـ إذا أمكنه من خلال التلقين أن يصلي صلاة صحيحة أو على الأقل أصح فعليه بذلك.
 3ـ الجماعة في صلاة الطواف غير مشروعة بالأخص أنها قد تظهر بمظهر البدعة.


[1] جواهر الكلام، ج 9، ص 300.
[2] جواهر الكلام، ج 9، ص 300.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo