< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: فورية صلاة الطواف
 البحث في صلاة الطواف، وقد بينا المسائل الستة المتعلقة بها، وبدأنا بمعالجة بعض الأمور المتعلقة بفورية صلاة الطواف، وطرحنا سؤالا وهو إذا لم يرى شخص الفورية فهل يأثم فقط أو تبطل بذلك صلاته وطوافه؟
 تعرض لهذه المسألة قليل من الأصحاب، وتفاوت المتأخرون لتعرض لها، والسيد الخوئي من القائلين أنه في حالة الإخلال بالفورية كأن يصلي صلاة الطواف بعد يوم أو يومين من انتهاء الطواف فركعتي الطواف والطواف باطلان، وإذا لم يعد الطواف وصلاة الطواف فحجه باطل كذلك.
 ولكن السيد السبزواري يعتبر أن الحرمة حرمة تكليفية فحسب.
 
 دلالة الروايات:
 وردت روايات متعددة وصريحة تبين أن صلاة الطواف يجب أن تصلى مباشرة بعد الطواف.
 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ وَ فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ السَّاعَةَ الرَّكْعَتَانِ فَلْيُصَلِّهِمَا قَبْلَ الْمَغْرِبِ [1] .
 الرواية صحيحة، ويستفاد منها أن الوقت قد حان وقت الغروب، ويظهر أن وقت صلاة المغرب هو عند مغيب الشمس (وقد قلنا في حاشية العروة أنه يستفاد من الأدلة أن وقت صلاة المغرب هو عند مغيب الشمس ولا يلزم ذهاب الحمرة المشرقية وأن كان الاحتياط في ذلك).
 وهنا يسأل الراوي هل يجب أن أصلي صلاة الطواف قبل صلاة المغرب أو يمكن تأخيرها لما بعد صلاة المغرب؟
 عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا فَرَغْتَ مِنْ طَوَافِكَ فَائْتِ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ إِلَى أَنْ قَالَ وَ هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ هُمَا الْفَرِيضَةُ لَيْسَ يُكْرَهُ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَهُمَا فِي أَيِّ السَّاعَاتِ شِئْتَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ عِنْدَ غُرُوبِهَا وَ لَا تُؤَخِّرَهَا سَاعَةَ تَطُوفُ وَ تَفْرُغُ فَصَلِّهِمَا [2] .
 الرواية صحيحة، ويقول فيها الإمام (عليه السلام): صل صلاة الطواف بعد الفريضة وأن وقعت في الأوقات المكروهة، وبعدها يصرح الإمام (عليه السلام) في ذيل الرواية بعدم تأخير الصلاة بعد الطواف.
 طبعاً وأما قلنا سابقاً أن الساعة في الروايات لا تعني الستون دقيقة بل بمعنى الوقت القصير.
 مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ قَالَ لَا تُؤَخِّرْهَا سَاعَةً إِذَا طُفْتَ فَصَلِّ [3] .
 الرواية صحيحة سنداً.
 علی بن ابراهیم عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الرَّجُلِ يَطُوفُ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ طَوَافِهِ فَقَالَ نَعَمْ أَمَا بَلَغَكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا تَمْنَعُوا النَّاسَ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَتَمْنَعُوهُمْ مِنَ الطَّوَافِ [4] .
 رفاعة في الروايات متعدد، أحدهم رفاعة بن موسى النحاس الثقة، وهناك رفاعة آخر مجهول الحال، ولكن بقرينة رواية ابن أبي عمير عنه، فرفاعة هنا هو رفاعة بن موسى، وعليه فإن سند الرواية صحيح.
 وبالدلالة التزاميه يستفاد من ذيل الرواية أن الارتكاز عند الناس كان أنه إذا طاف أحدا ولم يصلي بعد الطواف ركعتي الطواف، ينخدش طوافه، ولذا منعوا من الصلاة فإنهم لا يطوفون.
 وقد أشكل على هذه الروايات أن الأمر هنا قد يكون من قبيل الأمر في مقام توهم الحذر لأنه كان يعتقد أنه يمنع الصلاة بعد صلاة العصر وصلاة الصبح ولكن الإمام (عليه السلام) يقول: صلوا أي أن الصلاة جائزة.
 طبعاً وردت روايات متعددة في الباب 76 تنهي ولا تجيز صلاة الطواف في مثل هذه الأوقات، وقد حملت هذه الروايات على التقية.
 نقول: لا تأمر الروايات بالفعل فقط حتى تحمل على الأمر في مقام توهم الحذر لأن بعض الروايات قد نهت عن تأخيرها كذلك، (لا تؤخرها ساعة إذا طفت).
 لذا فيجب صلاة الطواف مباشرة بعد الطواف.
 أما هل الوجوب هنا تكليفي أو وضعي؟
 يقول السيد الخوئي: إن اللازم فی المرکبات الاعتباریة رعایة الترتیب فالمتأخر مشروط بالمتقدم کما إن صحة المتقدم مشروطة بالمتأخر و بما إن الحج عمل واحد مرکب من أجزاء فاللازم رعایة هذه الأمر فیه [5] .
 لذا فإذا لم يراعي أحد هذا الأمر فصلاته باطلة وطوافه كذلك وحجه باطل أيضاً.
 نقول: إذا ورد أمر ونهي في أجزاء المركب، فلها ظهور في الأمر والنهي الوضعي بمعنى أنه إذا لم تراع يبطل العمل. فإذا قالوا يجب بعد الركوع السجود فهذا الترتيب شرط وإذا لم يراع فأصل الفعل يبطل.
 ولكن لما نحن فيه خصوصية فإنه لا يمكن أن يستفاد منه الحكم الوضعي فإنه جاء في مورد الجاهل والناسي روايات متعددة تفيد أن الجاهل والناسي إذا لم يؤديا صلاة الطواف فيمكنهما أن يؤدياها في بلدهما.
 حتى أننا قد احتملنا أن العامد يمكن أن يكون داخل في الحكم لأن الجاهل المقصر في حكم العامد، حيث اعتبرناه داخلاً في إطلاق حكم الجاهل.
 عليه فإن الفورية المذكورة من باب الشرط ولكنها ليست من باب الشرط الواقعي والذكري. لا اقل فإننا نشك في الشرطية وفي هذه الحالة لا يمكن أن نستفيد أكثر من الوجوب التكليفي، وفي المحصلة فإن الحق مع المحقق السبزواري القائل بأن عدم رعاية الفورية لا يخدش بالطواف ولا بالصلاة لأن الوجوب المذكور هو وجوب تكليفي.
 ولا تجري هناك أصالة الاشتغال لأن أصالة الاشتغال إنما تجري عندما يكون الوجوب التكليف ثابتاً ونشك في امتثاله، ولكن ما نحن فيه فإن الأصل التكليفي للشرط لم يثبت.


[1] وسائل الشیعة، باب 76 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[2] وسائل الشیعة، باب 76 من أبواب الطواف، حدیث 3.
[3] وسائل الشیعة، باب 76 من أبواب الطواف، حدیث 5.
[4] وسائل الشیعة، باب 76 من أبواب الطواف، حدیث 2.
[5] موسوعة الإمام الخوئي، ج 29، ص 107.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo