< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: البدء في السعي من الصفا وبطلانه من غيره
 الفرع الثالث من المسألة الأولى: ويجب البدء بالصفا والختم بالمروة ولو عكس بطل وتجب الإعادة أينما تذكر ولو بين السعي.
 يجب على المكلف أن يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ويجب أن يكون البدء من الصفا والختم بالمروة وهذا الوجوب وجوب شرطي لا تكليفي بمعنى لو بدء سعيه من المروة بطل ومتى انتبه أعاد. وعليه فلو أتى بعدة أشواط بداً من المروة بطلت كلها ولا يمكنه القول ببطلان الأول وصحت غيره من الأشواط. خلافاً لما تبناه بعض العامة من بطلان الأول دون سائر الأشواط.
 
 أقوال العلماء:
 أجمع العلماء على وجوب البدء في السعي من الصفا والختم بالمروة.
 قال صاحب المستند: الثاني و الثالث (من واجبات السعي) البدء بالصفا في أول السعي و الختم بالمروة في آخره بالإجماع المحقق و المحکي مستفیضا [1] .
 قال صاحب اللثام: و یجب البدء بالصفا بالنصوص و الإجماع و أن قال الحلبي والسنة فیه الابتداء بالصفا و الختام بالمروة [2] .
 ويمكن حمل قوله (السنة) على معنى عام يشمل الوجوب حيث إنه تطلق السنة على جميع الأحكام التي وردت في الروايات دون الكتاب ولو كان ذلك الحكم واجباً.
 وقال صاحب الخلاف: يبتدئ بالصفا و یختم بالمروة بلا خلاف بین أهل العلم و صفته أن یعد ذهابه إلی المروة دفعة و رجوعه إلی الصفا أخری و هکذا و علیه جمیع الفقهاء و أهل العلم إلا أهل الظاهر و ابن جریر و أبا بکر الصیرفي فأنهم اعتبروا الذهاب إلی المروة و الرجوع الصفا دفعة واحدة [3] .
 وقال في موضع آخر: طاف بین الصفا و المروة سبعا و هو عند الصفا أعاد السعي من أوله لأنه بدأ بالمروة و قال الفقهاء یسقط الأول و یبني انه بدأ بالصفا فیضیف إلیه شوطا آخر [4] .
 أقول: سيوافيك أن لازم مبنى العامة أن يكون كل شوط واجباً مستقلاً فإذا بطل الأول فهو يبطل فحسب دون غيره من الأشواط وهذا خلاف ما ثبتناه من أن جميع الأشواط واجب واحد فلو بطل شوط بطل الجميع، فحكم السعي حكم الصلاة فأنها لو بطلت ركعة بطلت كلها لا كحكم الصوم من أن كل يوم واجب مستقل فلو بطل، بطل هو دون غيره من الأيام.
 
 دليل المسألة:
 أما بحسب القواعد: فالقاعدة تقتضي أن تكون الأشواط السبعة واجباً واحداً فلو اختل شوط أختل الأشواط كلها.
 وأما بحسب الروايات: هناك روايات عديدة في الجزء الثامن من الوسائل، باب الثاني من أبواب أقسام الحج تناهز ثلاثين رواية تنص على البدء من الصفا والختم بالمروة، وورد في القرآن: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [5] .
 ورد في فعل النبي فأنه سعى بدءً من الصفا، وفعله (صلى الله عليه وآله) في مناسك الحج حجة فأنه (صلى الله عليه وآله) قال: خُذُوا مِنِّي مَنَاسِكَكُمْ [6] .
 وورد في بعض منها أنه كان يبدأ سعيه من الصفا في حال كونه محاذياً للركن اليماني [7] .
 وورد في أخرى قوله (صلى الله عليه وآله): ثُمَّ طُفْ بَيْنَهُمَا سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ تَبْدَأُ بِالصَّفَا وَ تَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ [8] .
 قَالَ الشَّيْخُ وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ طَافَ وَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا وَ قَالَ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ [9] .
 وهذه الرواية تدل على فعله وقوله (صلى الله عليه وآله) معاً.
 عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ صَفْوَانَ وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حِينَ فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَ رَكْعَتَيْهِ قَالَ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إِتْيَانِ الصَّفَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ [10] .
 فظهر من جميع ذلك وجوب البدء في السعي من الصفا والختم بالمروة.
 وأما قوله (عليه السلام) إذا عكس بطل ووجبت الإعادة فتدل عليه الروايات التالية:
 1ـ محمد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة [11] .
 2ـ بإسناده عن الحسين بن سعيد بن صفوان وفضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وإن بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا [12] .
 3ـ محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال: وأن بدأ بالمروة فليطرح ويبدأ بالصفا [13] .
 4ـ وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا، قال: يعيد إلاّ ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراه أن يعيد الوضوء [14] .
 5ـ وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن علي الصائغ قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا، قال: يعيد إلاّ ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه كان عليه أن يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله [15] .


[1] مستند الشیعة، ج12، ص165.
[2] كشف اللثام، ج6، ص5.
[3] كشف اللثام، ج1، ص347.
[4] الخلاف، ج2، ص328، مسألة141.
[5] الخلاف، ج2، ص330، مسألة143.
[6] سورة البقرة، الآیة: 158.
[7] مستدرك الوسائل، ج9، ص420، ح4.
[8] وسائل الشیعة، ج9، ص521، أبواب سعی، باب6، حدیث1.
[9] وسائل الشیعة، ج9، ص522، أبواب سعی، باب6، حدیث3.
[10] وسائل الشیعة، ج9، ص522، أبواب سعی، باب6، حدیث7.
[11] وسائل الشيعة، ج 9، ص 525، الباب 10 من أبواب السعي حديث 1.
[12] وسائل الشيعة، ج 9، ص 525 و 526 الباب 10 من أبواب السعي حديث 2.
[13] وسائل الشيعة، ج 9، ص 525 و 526 الباب 10 من أبواب السعي حديث 3.
[14] وسائل الشيعة، ج 9، ص 525 و 526 الباب 10 من أبواب السعي حديث 4.
[15] وسائل الشيعة، ج 9، ص 525 و 526 الباب 10 من أبواب السعي حديث 5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo