< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: لزوم الموالاة بين الطواف والسعي
 كان البحث في المسألة السابعة من مسائل السعي. في وجوب الموالاة بين الطواف والسعي في حين كان البحث السابق في الموالاة بين الأجزاء والأشواط، يقول السيد الماتن: يجوز تأخير السعي عن الطواف و صلاته للاستراحة و تخفيف الحر بلا عذر حتى إلى الليل، و الأحوط عدم التأخير إلى الليل، و لا يجوز التأخير إلى الغد بلا عذر.
 ذكر السيد الماتن الموالاة بين أشواط السعي في المسألة السابقة وتعرض للموالاة بينه وبين الطواف في هذه المسألة ومال إلى جواز التأخير عن الطواف للاستراحة والأحوط أن لا يؤخره إلى الليل ولابد من البحث عن المراد من قوله (إلى الليل) من أن الغاية داخلة في المعنى أم لا؟ فعلى الأول فتعمّ الليل أيضاً وعلى الثاني يجوز التأخير إلى أول الليل فقط.
 وأعلم أن في عرف العام والدوائر الحكومية يحتسب منتصف الليل من يوم غد لكن في كلامه والروايات وكذا عرف المتشرعة أن الليل هو من الغروب إلى طلوع الفجر.
 ثم قال السيد الماتن: لا يؤخر السعي إلى الغد بلا عذر.
 وسنقول إن شاء الله أنه لو طاف في الليل إلى متى يمكنه أن يؤخر السعي.
 فيقع الكلام في هذه المسألة عن مقدار تأخير السعي عن الطواف.
 
 أقوال العلماء
 قال صاحب الشرائع: من طاف کان بالخیار في تأخیر السعي إلی الغد ثم لا یجوز (بعد الغد) مع القدرة (أي بلا عذر) [1] .
 لم يوافقه العلماء أحد وهم جعلوا المعيار الليل دون غد.
 قال صاحب الرياض: و یا یجوز تأخيره إلی غده لا خلاف فیه إلاّ من الماتن في الشرائع و هو مع رجوعه في الکتاب (مختصر النافع) نادر و مستنده غیر واضح [2] .
 توضيحه: إن مختصر النافع مع أنه خلاصة الشرائع لكن لم يذكر فيه (إلى الغد) بل المذكور فيه (إلى الليل فهو قد رجع مما في الشرائع في كتاب النافع.
 قال صاحب المستند: قالوا لا یجوز تأخیر السعي من یوم الطواف إلی الغد بلا خلاف فیه کما قیل إلاّ عن الشرائع فجوزه [3] .
 قال صاحب الحدائق: المشهور بین الأصحاب انه لا یجوز تأخیر السعی عن الطواف إلی الغد [4] .
 ثم ذكر كلام المحقق وقال: لم أعثر عليه دليلاً.
 والعجب أنه نقل عن الدروس أنه ذكر عبارة المحقق وقال: وهو (أي إلى الغد) مروي. ثم قال: ولم نعثر عليها، ولعلها كانت لدى المحقق ولم تصل إلينا.
 ومع ذلك كله أولوا كلامه (أعلى الله مقامه) وقالوا: إن كانت الغاية خارجة عن المعنى فلا خلاف بينه وبين المشهور، ومعناه: إن قيد (إلى الغد) يكون خارجاً عن المحدودة (إلى الغد) يعني قبل طلوع الفجر، إن طلع الفجر فهو خارج عن الحد وأن لم يطلع فهو بعد باق.
 ولكن الإنصاف إن الغاية داخلة في المعنى ومعنى (إلى الغد) أنه يمكن تأخير السعي إلى الغد وكم له من نظير من دخول الغاية في المعنى: مثلاً لو سئل شخص إلى متى استأجرت الدار؟ يقول إلى شهر ذي الحجة. وظاهره دخوله ذي الحجة في الإجارة لا أن الإجارة قد تتم في آخر ذي العقدة.
 أو مثلاً يقولون: تستمر حلقات الدرس إلى الغد فالظاهر أن غد يكون منه أيضاً. ومما يدل على دخول الغاية في المعنى أيضاً قولهم (وهم): (إلى الليل) يجوز التأخير أي يجوز السعي في الليل أيضاً لا أنه قبل الليل يجب عليه إتيانه.
 وأما آية الصيام أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْل لم تكن الغاية داخلة في المعني وما هو إلاّ لقرينة دلت على ذلك وهو قوله تعالى وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر [5] .
 
 دليل المسألة:
 دلت الروايات الكثيرة على جواز للتأخير إلى الليل دون الغد، بعضها بالإطلاق وبعضها بالصراحة.
 1ـ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْدَمُ مَكَّةَ وَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ فَيَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ إِلَى أَنْ يَبْرُدَ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ رُبَّمَا فَعَلْتُهُ وَ قَالَ وَ رُبَّمَا رَأَيْتُهُ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ إِلَى اللَّيْلِ [6] .
 الرواية صحيحة سنداً وصدرها يدل على التأخير بالإطلاق ولكن عجزها يصرح بجواز التأخير إلى الليل.
 2ـ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَحَدَهُمَا (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فَأَعْيَا أَ يُؤَخِّرُ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَالَ نَعَمْ [7] .
 الرواية أيضاً صحيحة وهي بإطلاقها تدل على التأخير من دون تعيين.
 3ـ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فَأَعْيَا أَيُؤَخِّرُ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ إِلَى غَدٍ قَالَ لَا [8] .
 الرواية صحيحة سنداً وهي تنهي عن التأخير إلى الغد، بمفهوم تدل على جوازه إلى الليل.
 وهذه الرواية وأن كانت على نقل الكليني مضمرة لكن نقلها الشيخ في التهذيب عن أحدهما (عليهما السلام) فتخرج عن الإضمار.
 ويستفاد من سكوت الإمام (عليه السلام) في مورد الليل، جواز التأخير إليه.
 نعم السؤال والجواب وأن كان (إلى الغد) لكنه لو لم يجز التأخير إلى الليل لذكره الإمام (عليه السلام) لأنه كان جديرا بالذكر أيضاً.


[1] نقل من جواهر الکلام، ج19، ص390.
[2] ریاض المسائل، ج7، ص95.
[3] مستند الشیعة، ج12، ص189.
[4] حدائق الناضرة، ج16، ص294.
[5] سورة البقرة، الآية: 187.
[6] وسائل الشیعة، ج13، ص410، أبواب طواف، باب60، حدیث 18088.
[7] وسائل الشیعة، ج13، ص410، أبواب طواف، باب60، حدیث 18089.
[8] وسائل الشیعة، ج13، ص410، أبواب طواف، باب60، حدیث 18090.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo