< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \الحضانة
 
 الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
 ويقع البحث في نقاط عدة :
  • النقطة الأولى : معنى الحضانة
 والجدير ذكره ان الحضانة بالفتح وبالكسر لم ترد في رواية من الروايات وانما الوارد عنوان الحق ونحو ذلك وانما هو مصطلح درج عليه الفقهاء وبالتأمل في كلمات اللغويين يمكن استخراج عنوان جامع بأن الحضانة هي جعلك الشيء تحت رعايتك ونظرك وائتمانك ويختلف ذلك بحسب الموارد ولذا سمي ما دون الابط الى الكشح بالحضن لأن الضم والقرب يحصل فيهما ولذا يقال حضن الطائر بيضه اي قعد عليه وضمه تحت جناحه للتفريخ .
 وكذلك اذا قلنا حضنت المرأة ولدها أي جعلته تحت رعايتها بما يعود لأمره من التنظيف والحفظ والتربية والتغذية ورعاية شؤونه قال ابن منظور في لسان العرب الاحتضان هو احتمالك الشيء وجعله في حضنك ... والحضن الجنب ... والحضن ما دون الابط الى الكشح وقيل هو الصدر والعضدان وما بينهما . وقال الفيومي في المصباح المنير حَضَنَ الطائر بيضه ضمه تحت جناحه . وقال الزمخشري في كتابه أساس البلاغة خضن احتضن الصبي أخذه في حضنه وهو ما دون الابط الى الكشح .
 واما شرعا: فقد عرفت انه لم يرد في الروايات فهو ملحق بسائر المفاهيم المهملة والمتروكة لنظر العرف وأهل اللغة وأما في عبارات علمائنا الكرام فقد تم التعبير عن الحضانة بلفظين:
  1. الولاية .
  2. السلطنة .
 قال الشهيد الثاني في كتاب المسالك الحضانة بفتح الحاء ولاية على الطفل والمجنون لفائدة تربيته وما يتعلق بها من مصلحة وقال العلامة الحلي في كتاب القواعد هي ولاية وسلطنة على تربية الطفل وقال السبزواري في كتاب الكفاية الحضانة وهي ولاية على الطفل والمجنون الخ .
 وعلى أي حال فاختلاف التعبيرات لم يوصل الى نتيجة حاسمة لأنها تعبيرات فقهية وليست روائية والمدار عندنا على المتصيد من الروايات والتي وكما ستعرف انها اقرب الى الحق منها الى الحكم كما في صحيحة داوود ابن الحصين الأم أحق به من العصبة وفي مرسلة المنقري الأم أحق بالولد ومن المعلوم ان هذه التعبيرات يدخل فيها التغسيل والتنظيف وتهيئة محل النوم واللعب والاطعام والاشراف على حركاته وهز مهده مما هو واضح من خلال ما ذكر سواء من الحضانة أو من الحق بينما سيكون الأمر على العكس عند الشك في أي قيد آخر كالأخذ مثلا الى البحر وسيبقى المشكوك تحت دائرة سلطة الولي .
  • النقطة الثانية: الحضانة والوجوب
 عرفت مما تقدم بأن الحضانة حق مجعول من المولى ومن هنا تكون دعوى الوجوب كما هو الحال عند العامة فيما لا يستقيم أمره لا محل له عندنا اذ معنى الحق انه يجوز اعماله ويجوز اهماله فترتيب الأثر على الوجوب المولوي في غير محله وما اشار اليه بعضهم لا يتناسب مع الروايات أيضا ففي مكاتبة ايوب ابن نوح المرأة أحق بالولد الى ان يبلغ سبع سنين الا ان تشاء المرأة فإنها تقييد للمشيئة دليل على ما ذكرنا .
 ان قلت ان ما ذكر ان اقتضى الاهمال ادى الى تلف النفوس قلنا ان ما ذكر لا يقتضي حكما شرعيا في حق الأم او الأب لأنه يثبت الأعم من المطلوب اذ وجوب حفظ النفس عام يشمل الجميع ودعوى الأليقية في حضانة الأم او الاب لا تنتج حكما شرعيا ولو سلّم الاحتمال فهو منفي بأصالة البراءة سيما ان المورد من موارد دوران الأمر بين التعيين وبين التخيير وقد عرفت أصوليا أن القول السديد هو القول بالبراءة عن التعيين وبهذا بثيت عدم وجوب الحضانة وجوبا مولويا .
  • النقطة الثالثة: الحضانة و الرضاعة
  بعدما عرفت من ان الحضانة لم ترد في دليل وان الوارد هو الحق ولم تتعرض الروايات لتفصيله وانما احالته على العرف وما هو بين فيه فهل تكون الحضانة رضاعة من الحق المذكور ويكون ثبوت حق الارضاع على القاعدة ؟
 التحقيق: أن الرضاعة بما هي تماس مباشر مع الأم ليست داخلة في الحق فما هي الا تغذية للولد وواسطة في الايصال ويؤيد ذلك ما في كلمات الأصحاب من التفصيل بين باب الحضانة وباب الرضاعة وفي كلمات ابن ادريس الحديث عن التلازم في السقوط وهو يؤكد عدم الجزئية
 والانصاف ان للمناقشة فيما ذكرنا مجال لجهة الروايات الصريحة في أن للمرأة حق ارضاع ولدها ما لم تطلب أكثر من أمثالها وهذا الجعل قد يشير الى دخولها في الحضانة والا كان للأب دفع الولد مباشرة الى غيرها لأنه مخير في اعمال حقه ويؤيد ذلك التلازم العرفي بين التربية والاشراف والتنظيف والارضاع بل التفكيك بينهما غير مقبول حتى عرفا بل لعله من أهم الحقوق الداخلة فيما سمي بالحضانة وقد ورد في رواية فان قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا ارضع ابني بمثل ما تجد من يرضعه فهي أحق به . هذا على مستوى مناقشة الأدلة ولكن الكلام في عبارات الأصحاب فإنها مغايرة لما ذكرناه ولا بد من توجيه ذلك.
 والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo