< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \الحضانة
  الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
 سنطرح اليوم مسألة النفقة وما يتشعب منها من فروع وأحكام هامة. كتاب النفقة سنتحدث فيه عن مقدمة وعن فصول وخاتمة . أما المقدمة فتحتوي على نقاط عدة :
  • النقطة الأولى: في وجوب النفقة
 لا شبهة في أصل هذا الوجوب على الزوجة وعلى الأقارب وعلى المملوك في الجملة بل يمكن دعوى التسالم بل والضرورة الفقهية . قال صاحب الجواهر لا تجب النفقة الا بأحد اسباب ثلاثة: الزوجية والقرابة والملك الى أن قال بإجماع الأمة , كما عن جماعة الاعتراف به وقال صاحب الحدائق لا خلاف بين علماء الاسلام في وجوبها بهذه الثلاثة .
 ويمكن الاستدلال على ذلك من الكتاب في قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا , ببيان ان القوامية قد أخذ في موضوعها وملاكها الانفاق وهو لا يتلاءم الا مع الوجوب المفروغ منه اذ ليس من العرف ان يجعل الثابت على اساس متحرك وغير ملزم سيما انها وردت بالجملة الماضوية الذي يدل على المفروغية والتأكيد.
 واما من الروايات فيمكن الاستدلال بروايات الحاكم والسلطة على الطلاق ففي موثق ابي بصير عن الباقر عليه السلام من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الامام ان يفرق بينهما ببيان ان التفريق قد فرغ من امر سابق لازم كما هو ظاهر لا يخفى وغيرها نحوها .
  • النقطة الثانية: النفقة والرتبة
 اشرنا الى ثلاثية الواجب في الانفاق ولا كلام فيه وانما الكلام في الترتيب بينها فقد صرح جمع من الاصحاب بتقديم نفقة الزوجة . قال المحقق في المختصر نفقة الزوجة مقدمة على نفقة الاقارب وعلق صاحب الرياض في شرحه بأن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ونفقتها مقدمة على نفقة الأقارب ... بلا خلاف في شيء من ذلك بل حكى جماعة الاجماع عليه وهو الحجة مع النص الآتي وأورد نصا نبويا .
  اقول: بعد التتبع في كلمات الأصحاب لم اعثر على شهرة فضلا عن الاجماع ويدرك ذلك المتأمل بمراجعة كتاب النهاية للشيخ والسرائر لابن ادريس وابن سعيد في الجامع والمفيد في المقنعة والصدوق في المقنع وابن زهرة في الغنية كما ان الروايات لا اثر فيها لهذا التقديم بل ربما دل بعضها بمقتضى الاطلاق المقامي على المساواة في الرتبة ففي رواية حريز عن الصادق عليه السلام قال: قلت من الذي أُجبر عليه وتلزمني النفقة فقال: الوالدان والولد والزوجة وفي رواية جميل المرسلة عن الصادق عليه السلام قال: لا يجبر الرجل الا على نفقة الأبوين والولد قلت لجميل والمرأة قال: روى بعض اصحابنا وهو عنبسة بن مصعب وسورة بن كليب عن احدهما انه اذا كساها ما يواري عورتها واطعمها ما يقيم صلبها اقامت معه والا طلقها ببيان انها وان لم تظهر في الوجوب بل للربط العرفي بين الطلاق ابغض الحلال وبين مقدمة لازمة كما انه جميع روايات النفقة ساكتة عن التقدم والتأخر مع عموم البلوى وما يمكن ان يكون مدركا للترتيب أمور:
  1. ما أشار اليه بعض الأعاظم من ان نفقة الزوجة معاوضة في مقابل الاستمتاع بينما النفقة للأقارب مواساة ورفع كلة وما كان وجوبه على نحو المعاوضة مقدم على ما كان وجوبه مواساة يشبه التبرع وهو وجه حسن لا يخلو من استحسان .
  2. ما ورد في الروايات من الحث على خدمة العيال والكد عليهم وبيان ثواب ذلك حتى جعل كالجهاد في سبيل الله بينما خلا ذلك في نفقة الأقارب مع أن الفقر يغلب في العادة في الأصول والفروع فعدم الذكر ذكرٌ لتأخر الرتبة .
 ويرد عليه أن الروايات لا نظر لها للترتيب بل لبيان الثواب سيما لما يعتري الكثير من الاساءة بعد الزمن الطويل للمرأة وما ورد في حق الأبوين لم يرد حتى في حق المرأة وكذلك حتى في الابن واحتمال الأهمية على فرضه لا يؤسس لحكم شرعي بالتأخير بل ان أردت المقابلة فالقاعدة قد تقتضي تقديم نفقة الأقارب وذلك لما قرر فقهيا كما سيأتي بأن نفقة الزوجة تبقى دين في الذمة بينما لا تقضى نفقة الأقارب لأنها حكم شرعي محض كما أفتى به الأصحاب , نعم للاستدلال بالسيرة العامة للمسلمين والمتشرعة على تقديم الزوجة على الأبوين والولد رغبة شيوع الابتلاء بذلك يشكل رواية غير مكتوبة مستلهمة من ايحاءات النصوص والشارع وهذا يبرر دعوى الاجماع التي نقلها صاحب الرياض وافتى بها جمهرة المعاصرين .
  • النقطة الثالثة : النفقة والقريب
 ذكر جماعة من المعاصرين بأن النفقة لا تجب على غير العامودين "الأب والابن " وانها لا تجب على الأخوة والأعمام والأخوال وأولادهم ويبدوا انه تطابق في الزمن المعاصر.
  واما عند العامة فقد ذهب مالك انها خاصة بالأبوين والأولاد الصلبيين دون بقية الأصول والفروع مستدلا بقوله تعالى وبالوالدين احسانا وبقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وذهب الشافعي الى توسعة الأصول والفروع صعودا ونزولا دون فرق وذهب ابو حنيفة بأن الميزان هو الرحمية لأن الواجب هو صلة الرحم ومنه النفقة فكل ما حرم نكاحه تجب عليه النفقة وذهب احمد الى التوسعة بربط ذلك بالوراثة مع الالتزام بمنع القريب للبعيد ولذا شرط الاسلام في الانفاق واختلفوا في اليسار فذهب ابو يوسف الى انه نِصاب الزكاة عندهم اي عشرين مثقال ذهب , وخالفه آخر قائلا بأن من له كسب دائم غني كما اختلفوا عند تعدد المنفق وتغاير قدرته ووافقوا الشيعة على عدم بقائها في الذمة الا اذا أمر القاضي بالاستدانة .
 وأما بالنسبة الى الاسقاط فقد ذكر السيد الخوئي طيب الله ثراه بأن نفقة الاقارب لا تقبل الاسقاط لأنها حكم شرعي تكليفي بالنسبة للأقارب بل في الزوجة على اشكال وان بقي دينا كما سنبين وخالف معاصر آخر فجوَّز للزوجة ان تسقط النفقة مطلقا وجوزه بالنسبة للأقارب في الحال دون الاستقبال مع فارق القضاء في الزوجة دونه في الاقارب .
 والحمد لله رب العالمين .
 
 
 
 
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo