< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:الفقه \الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والإصرار كما هو في ظاهر لفظه ان يتورط المكلف فعليا بمعصية من ترك واجب أو فعل محرم ثم يصر على تكراره وأما العزم على المعصية ففيه كلام سيأتي ذكرنا أن عدد من الفقهاء أخذوا بالظن في رفع الوجوب في هذه المسألة بمعنى أنه إذا لاحت أمارة على إقلاعه سقط الوجوب وهناك إختلاف في ألسنة هذا الشرط بين الفقهاء في الرافع وفي الموجب تارة بجعل الإصرار شرطا أو بظهور أمارة الإستمرار أو إرتفاع الوجوب إذا لاحت أمارة الندم وعلى أي حــــال فالآراء الممكنة أربعة:
الأول: أنهما لا يجبان إلا مع الإصرار ولو لإحراز عنون المنكر الذي ينهى عنه
الثاني: أنهما يجبان مع ظهور أمارة الإستمرار كما ذكره في الإشارة وفي الجامع وفي السرائر ولو لحجية ظهور الحال
الثالث: سقوطهما إذا ما لاحت أمارة الندم ولو لعدم إحراز أنه منكر كما هو رأي المحقق
الرابع: عدم السقوط إلا مع العلم بالإقلاع إنسجاما مع القواعد
والتحقيق: أن القاعدة تقتضي سقوط الوجوب مع العلم إذ لا موضوع لهما بعد ولا شك أيضا على القول بحجية ظهور الحال ببقاء الوجوب لهما وإلا فإثبات الوجوب أو السقوط مع غيرهما مشكل للغاية إذ المراد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما سيؤل اليه الأمر لا ما حصل سابقا إذ السابق له عقوبة تعزيرية وأحكام خاصة إن قلت أن مجرد التلبس يصدق معه الفاسق والعاصي ويجب ردعه عن ذلك قلنا أن ما ذكر أمر آخر وهو وجوب التوبة على الفاسق العاصي والأمر بذلك من هذه الجهة ولذا لو إرتكب محرما ولا يعلم ما سيفعل بعدُ فلا مقتضي لنهيه عن منكر أو أمره بمعروف بمجرد الإحتمال والظن ومن هنا يكون الأصح ما ذكره جماعة من فقهائنا من إناطة الوجوب بالإصرار فقط أو بظهور الحال إن عممنا الحجية في هذا المورد وهو وجه واما لو لم يسبق منه شيء وإنما عزم على المعصية فبعضهم أوجب الأمر والنهي هنا وهو الصحيح إذ ما الفارق بين مرتكب عزم على الإكمال وبين عازم بدوا ًعليه
الشرط الرابع : الأمن من الضرر وهذا الشرط ذكره أصحابنا بألسنة مختلفة قال المحقق فلو ظن توجه الضرر اليه أو الى ماله أو الى احد من المسلمين سقط الوجوب فقد اناط السقوط بالظن وأطلق وذكر صاحب الجواهر معقبا انه لا خلاف يجده فيه لنفي الضرر ونفي الحرج في الشريعة السهلة السمحاء ولما ورد في بعض الروايات منها : أنهما واجبان على من امكنه ذلك ولمن يخف على نفسه وفي رواية أضاف ولا على أصحابه وفي خبر مفضَّل إبن زيد من تعرض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر عليها وربما يقال أن هذه الراويات واردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنسبة بينها وبين الإطلاقات نسبة المقيد الى المطلق فتتقيد الإطلاقات بها وربما قيل بأنها تتعارض معها في العموم من وجه كما في قاعدة لا ضرر ولا حرج قلنا : لا يضر وجود تعارض بما ذكر مع وجود القواعد الأخرى التامة ولا في خروج بنتيجة واما ما ذكره بعض الأصحاب من إناطة السقوط بمجرد الخوف المنسجم مع الإحتمال المعتد به فضلا عن الشك والظن كما هو في عدد من النظائر نعم في بعض الروايات تتحدث عن قوم في آخر الزمان لا يتلزمون بالوجوب إلا مع الأمن من الضرر وذموا بطلبهم الرًّخص والمعاذير في هذه الفريضة بل قد تؤيد بأن الفريضة من مهمات الشرائع وهو ينسج مع تحمل رتبة من الضرر لأجلها وفي التاريخ ما حصل مع مؤمن آل فرعون ومع أبي ذر الغفاري ومع الحسين الشهيد ومع الكرام من الأصحاب التابعين دلالة لا تخلوا من الوضوح وإن إحتمل بعضهم أنها قضايا في وقائع خاصة .
وعلى أي حال فظاهر الأصحاب إعتبار العلم أو الظن بالضرر في الإرتفاع الوجوبي كما في نهاية الطوسي وكافي ابي الصلاح وقواعد العلامة وشرائع المحقق وعلله في الكافي بأن من القبيح دفع القبيح بمثله . وهل يلحق بذلك مجرد الخوف؟ قواه في الجواهر وإختاره إبن حمزة في الوسيلة وإبن سعيد في الجامع وإبن إدريس في السرائر ولقائل أن يقول مضافا الى ما تقدم من مساوقة التشريع للفريضة مع درجة من الضرر وإلا لإنتفت ويقوى ساعتئذ إلحاق الخوف في خصوص النفس والعرض هذا كله في ما إذا لم يكن المنكر واخوه ( ترك المعروف) أهم من الضرر وإلا كان من التزاحم وربما وجب وسيأتي مزيد تعميق لذلك .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo