< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/03/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ اصالة الاحتياط
  ومنها قوله تعالى في سورة البقرة : (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب المحسنين) . هذه الآية المباركة استدل بها بيان ان الانسان الشاك عندما يقدم من دون اذن على اقتحام مورد الشك فلربما خالف الواقع ومخالفته عصيان وعاقبته النار وأي هلكة بعدها .
  وهذا الاستدلال موقوف على جعل قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة فقرة مستقلة , أما وكما هو ظاهر السياق لو ربطت بالإنفاق فهي اجنبية تماما وتكون بمعنى ترغيب في الانفاق باعتدال دون الوصول الى الاعسار والاستجداء المعبر عنه بالهلكة , واما ان يكون المراد بيان عاقبة ترك الانفاق بحمله كما هو الظاهر على الوجوب وبيان عاقبة هذا العصيان والاحتمالان الأخيران كما هو ظاهر لا يقاس بهما ما ذكر أولا , هذا أولا.
  وثانيا: ان ظاهر الآية وجود منجز سابق ولذا كانت فيه الهلكة ولا يمكن حمله على تأسيس مولوي وليست بصدد معالجة شبهة بدوية .
  وثالثا: ان ادراك العقل القطعي للبراءة مع الشك لا يجعل الاقدام على المشكوك اقدام على هلكة بل غايته هو احتمال ذلك والعقل عاذر سيما ان ايدناه بالآيات .
  ومما استدل به من الآيات في سورة الحج : "وجاهدوا في الله حق جهاده " ووجه الاستدلال ان المولى رفع من طلبه في المجاهدة في الله فيشمل التحفظ عند الشك وهذا الكلام ان أريد به ما ذكر شمل المستحبات والمكروهات فهل تنقلب الأحكام الى لازمة هذا أولا .
 وثانيا أن الآية المباركة في سياق النظائر في استعمال عبارة في الله أي لأجله خالصا كما هو الحال في الحب في الله والبغض في الله أي لا يكون جهادكم لأجل هوى أو عصبية أو غنيمة بل الآية يفهم منها الحث على الطاعة والالتزام بها بحذافيرها وكون الالتزام في الشبهة البدوية من الطاعة أول الكلام ومما استدل به ايضا قوله تعالى في سورة النساء : "فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول" ببيان أن النزاع يستبطن عدم وضوح الحقيقة ووجود الشك والأمر بالرد يعني التوقف وفيه ان عنوان النزاع يعني الخصومة وأين ذلك من الشبهة البدوية وأيضا فان الرد الى الله والرسول ابعاد للأمة عن المزاج والظن والكهانة والظلمة والطغاة .
  وأيضا فان الرد الى الله والى الرسول لا يعني وجود حكم وموقف بل لو فرضنا أننا تمسكنا بالبراءة الشرعية في الشبهة الوجوبية المختلف عليها بيننا وبين الإخباريين أو في الشبهة التحريمية المتفق عليها فهو رد الى الله والى الرسول لأنا ذكرنا من الأدلة الآيات والروايات بل لو رجعنا الى السياق فان الوارد قبلها أطيعوا الله وأطيعوا الرسول أوامر اطاعة وهو خطاب للأمة مما يحدد النزاع فيها ومنها , وبه تكون الآية أجنبية عن موضوع الشك البدوي .
  ومما استدل به أيضا قوله تعالى في سورة الاسراء : "ولا تقفو ما ليس لك به علم ". بدعوى أن القول بالبراءة عند الشك قول بلا علم وقد نهينا عن الاقتفاء بذلك وهذا من الغرائب اذ الدليل على البراءة قطعي سواء من مدركات العقل القطعي " البراءة العقلية " أو من الآيات المباركة ولو سلم ما ذكر لاقتضى بطلان خبر العادل أو الثقة ولتعطل القضاء من رأس لأن البينة ظن أيضا.
  هذا على مستوى الآيات وقد عرفت أنه لم يتم لدينا شيء منها وأما على مستوى الروايات التي تمسك به الإخباري والتزم بأصالة الاحتياط في الشبهة التحريمية فهي كثيرة جدا ولا ينبغي الوقوف الا على بعضها منها ما ورد بلسان الترغيب " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه" وكقوله عليه السلام :" يا كميل أخوك دينك فاحتط لدينك ما شئت" ، والتعليق على المشيئة والاستبراء في أمر الدين ظاهران في الترغيب لا الالزام ومنها ما دلّ على لزوم التريث ومراجعة الأئمة وهذا لا شبهة فيه مع امكان التواصل معهم عليهم السلام وقد عرفت مرارا بأن البراءة لا تجري الا مع الفحص فكيف مع وجود الامام ومن هذه الروايات ما رواه عمر ابن حنظلة فارجئه حتى تلقى امامك ومنها ما دل على عدم العذر مع الجهل وانه سيحاسب يوم القيامة قال لم أعلم قيل له لما لم تتعلم وهذا لا علاقة له بمسألتنا لأننا نتحدث عن شبهة بعد الفحص وبعد ارادة التعلم وهذه الرواية في الجاهل المقصّر .
 والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo