< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ اصالة التخيير
 أصالة التخيير
  ومورد هذا البحث هو العلم بالإلزام بين موردين أو موارد وما يعرف أصوليا بدوران الأمر بين محذورين أو محاذير كالعلم بوجوب شيء أو بحرمته , كما لو نذر نذرا وفرضناه صحيحا على فعل ما أو ترك ما , فقد أختلف الأصوليون في تخريج التخيير بعد اتفاقهم ظاهرا على ذلك .
  اذ لا محيص عن هذه النتيجة وأنتم تعلمون أن لدينا البراءة العقلية والبراءة الشرعية ولدينا الاستصحاب الذي قد يعطي نتيجة البراءة فلا بد من النظر في هذه الأمور وكيفية تخريج التخيير هل تجري البراءة أو لا تجري الخ .
  أما البراءة العقلية فلدينا علم اجمالي بتكليف الزامي وهذا العلم الاجمالي كما عرفنا وسنعرف يشترط في منجزيته أن يكون منجزا على كل تقدير , وههنا يستحيل التنجيز اذ المكلف لا يقدر لا على المخالفة القطعية ولا على الموافقة القطعية . ولا يقال يتنجز أحدهما لأن نسبة العلم الاجمالي الى كل واحد على حد سواء , ويكون الترجيح لأحدهما ترجيحا بلا مرجح وبناء عليه يبقى تنجيز احدهما بما هو طرف للعلم الاجمالي ,وهذا ان نظر اليه على طبق مسلك الشهيد الصدر أي مسلك حق الطاعة بسعته فهو قابل للتنجز بغض النظر عن العلم الاجمالي ولكن الأخر هو قابل ايضا , وحق الطاعة بسعته مدرك عقلي ولا يشمل بمراجعة الوجدان من كان مضطرا لأحدهما , وبناء عليه لا مقتضي للتنجز بناء على القاعدة .
  وأما جريان البراءة فيهما ـ بعد بطلان منجزية العلم الاجمالي ـ لكن لا بملاك عدم البيان اذ البيان موجود بل لا بد من التماس قاعدة عقلية أخرى وهي قبح ادانة العاجز , وههنا من مصاديق هذه القاعدة , فيقبح التحريك كما يقبح العقاب . وساعتئذ لا معنى لقاعدة القبح اذ لا موضوع لها بعد ذلك .
  أما البراءة الشرعية فلا معنى أيضا لجريانها , بعد تعذر منجزية هذا العلم , وبعد قبح تكليف العاجز . ودعوى أن فائدة البراءة الشرعية هي نفي الاحتياط كما ذكر الشهيد الصدر في يعض كلماته فانه لا محصّل له اذ لا معنى للاحتياط المحال لكي يرفع بالبراءة الشرعية , وايضا ان البراءة الشرعية حكم ظاهري موضوعه الشك لا العلم ونحن قد علمنا بالالزام ما بين الحرمة وبين الوجوب , فحديث " كل شيء لك حلال حتى تعرف" لا ينطبق ههنا , ولذا قال السيد الخوئي طاب ثراه بأن البيان المأخوذ في قاعدة القبح أعم من البيان التفصيلي والبيان الاجمالي . وأما اذا أخذنا بمثل حديث الرفع المشهور فان لسانه يأبى عن الشمول أيضا لأن الرفع يقابله الوضع , وقد عرفت عدم امكانه بين المحذورين . وقد يقال ايضا بأن المتأمل في ألسنة البراءة الشرعية يدرك بأنها منوطة بمعرفة الحرام أو الوجوب من الحلال بعينه , ولا تجري بمقتضى ما ذكرنا عند الشك بين إلزاميين .
  أما على مستوى الاستصحاب فقد ذهب الميرزا النائني "رحمه الله " الى عدم الجريان ههنا لأن الاستصحاب بنظره أصل تنزيلي وفيه روح الأمارة , ولو بملاك أن الغالب في الحادث أن يبقى , والظن بالاستمرار نسبته اليهما واحدة , وهذا يؤدي الى التعارض الكشفي بينهما اذ استصحاب عدم جعل الوجوب يثبت الحرمة لأنه بروح الأمارة حسب الفرض . واستصحاب عدم الحرمة يثبت الوجوب وهذا تنافر واضح .
  ولنا على ذلك تعليق أن أدلة الاستصحاب لا تظهر الأمارية كعلّة وان امكن استفادة الروح منها , ولذا نفرّق بين المنطلق وبين مركز الحكم , ففي خبر الواحد كان المنطلق هو الكشف والمجعول هو الكاشفية والطريقية , أما في الاستصحاب فليس كذلك , فان كان المنطلق هو شيء من الكشف لكن مركز الحكم ليس لأجل الكاشفية بل هو تعبّد بالسابق في كل موارده . وبناء عليه فلا مانع من استصحاب العدم فيهما معا لولا المنافاة بينهما حيث نعلم اجمالا ببطلان أحدهما ولا أصل مع العلم .
 
 والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo