< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/05/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ الاستصحاب \
 والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
 استصحاب الكلي
  وقد اثير امام استصحاب الكلي اشكالات متعددة نظرا لتغاير المباني فيما هو المجعول في الاستصحاب فقد طرح كما تقدم بأن المجعول هو الحكم المماثل او بمعنى جعل الاثر الثابت المنزل عليه او ان المجعول ارشادي الى عدم الانتقاض لليقين السابق مع اعمال عناية ولو رتبية سبقا, وهي ابقاء المتيقن او اليقين على الخلاف تعبدا او ان المستفاد من دليل الاستصحاب هو النهي عن النقض عملا بمعنى انه لا يصح منك ان تبطل ما سبق وانه يجب او يجوز لك ان تعتمد عليه وبناء عليه فانه على القول بجعل الحكم المماثل يتعذر ههنا ذلك لأن الكلي لا يوجد الا في الفرد .
 والجواب : انه خلاف مبنائي لأننا نختار المبنى الآخر ونفترض بقاء الجامع اذا كان له اثر شرعي وان لم نعلم الفرد بعينه كحرمة مس القرآن الكريم المترتبة على جامع الحدث وايضا فان الخارج لا بد له من عنوان يشير اليه والتعبد يتبع ذلك ولا حاجة لنا لمقولة الهمداني المعاصر لابن سينا القائل بوجود الكلي بوجود منحاز عن وجود فرده بمعنى ان تكون النسبة بين الكلي وبين افراده نسبة الاب الواحد الى ابنائه , فهو مضافا لبطلانه فان النسبة عندنا هي نسبة الآباء الى الابناء ففي كل فرد كلي بل يلزم من قوله لوازم واضحة الفساد لنقصه ساعتئذ بنقص بعض افراده وزيادته كذلك مضافا الى ان الكلي تجريدي ذهني من خلال الخارج الخاص فلا وجود لشيء منحاز اسمه الكلي . هذا وقد قسّم علماؤنا الاستصحاب الى ثلاثة :
 القسم الأول: وينضوي تحته حالتان:
  1. ان نعلم بالكلي تفصيلا ونشك به كذلك كعلمنا بدخول زيد الى المسجد وكشكنا في بقائه وهنا يجري الاستصحاب لا محالة لتوفر الأركان .
  2. ان يكون الكلي معلوما اجمالا بأن نعلم بدخول زيد او بكر الى المسجد ونشك في بقاء زيد او بكر وهنا الامر كذلك على طريقة الهمداني او على طريقة السيد الشهيد بأن مرآتية العلم الاجمالي بمقداره فقط بينما يشكل الامر على مبنى العراقي رحمه الله بأن مرجع الكلي الى الحصة فكيف يستصحب ذلك مع عدم يقين سابق "لا بزيد الحصة ولا ببكر الحصة " اللهم الا ان ندعي بان الركن الاول هو الحدوث لا اليقين وفيه ان مراد العراقي ان العلم الاجمالي نشأ من واقع محدد فمرجعه الى الحصة وان لم نعلمها بخلاف التجريد الذهني المحض ولذا لا يستشكل عليه بان الحصة غير معلومة بل عنوان الحصة الكلي معلوم .
 القسم الثاني: ان يشك في بقاء الكلي للشك في الفرد الحادث كعلمنا بوجود حيوان له خرطوم اما هو البعوضة اما هو الفيل فمع البعد الزمني ان كانت البعوضة فقد ماتت وان كان الفيل فهو باق فهل يجري الاستصحاب ههنا ذهب المشهور ومنهم العراقي والنائيني والاخند والشهيد والخوئي رحمهم الله الى الجريان لتوفر الأركان ولكن اورد على هذا الاستصحاب بإيرادات مردودة .
  • ما يتناسب مع ما نسب للعراقي رحمه الله من ارجاع الكلي ههنا الى الحصة فساعتئذ لا علم لنا بالحدوث للحصة ولا شك في البقاء اذ البعوضة ماتت والفيل لو كان لا شك في بقائه .
 والجواب: انا لا نسلم ما نسب للعراقي بل استصحاب الكلي هنا يعني استصحاب المقدار الذي يريه الجامع والكلي وهذا معلوم اي جامع الحيوانية وهو معلوم ومشكوك فيجري الاستصحاب .
  1. ان الشك لم يتعلق بما تعلق به اليقين فلا وحدة للقضية كما شرطنا اذ الحدوث مردد والشك في الحصة وفيه: ان الجامع لا علاقة له بالواقع والحصة وان كان المنشأ له بل يتعلق بالمكشوف وهو المجمل الكلي وهو متيقن سابقا ومشكوك لاحقا .
  2. ان استصحاب الكلي المذكور معارض باستصحاب حاكم عليه وهو استصحاب عدم حدوث الفرد الطويل الأمد اي وجود الفيل لأن الشك في بقاء الكلي نشأ من الشك في وجود الفيل والحال ان الاستصحاب هذا ينفيه والنتيجة ان البعوض معلوم الفقد والفيل منفي بالاستصحاب الحاكم .
 وفيه : ان استصحاب عدم وجود الفيل يلازمه عقلا وجود البعوض وقد مات وقد عرفت سابقا ان الاستصحاب لا يثبت لوازمه العقلية .
 القسم الثالث : ان يكون الشك المسبب للشك في بقاء الكلي شكا بدويا بأن يعلم بوجود الكلي ضمن فرد كدخول زيد الى المسجد والذي نعلم بخروجه ولكن شككنا بدوا بدخول عمر حال خروج زيد فقد يقال بأن الكلي كان معلوما ضمن زيد وصار مشكوكا لاحتمال دخول الآخر فيجري الاستصحاب لكن ذهب السيد الخوئي والعراقي والشهيد وجمهور المعاصرين الى عدم جريان الاستصحاب هنا وافضل ما وجّه ذلك ما ذكره العراقي بأن مصب الاستصحاب وان كان الكلي لكن بما هو مرآة للواقع وبما هو فان به وهنا لا واقع نشير اليه ونقول كان وشك لأن الاول خرج يقينا والثاني لا يعلم وجوده نعم على طريقة الهمداني في وجود الكلي بوجود منحاز فاستصحاب الكلي ههنا وارد لتوفر الأركان .
 ونقول : اننا نرى ان الكل بالنسبة الى افراده آباء وابناء وزيد عندما خرج لا اب ولا ابن في المقام هذا وقد اجاز شيخنا الانصاري رحمه الله في بعض الموارد ان يجري القسم الثالث وذلك بأن نأخذ نفس الصورة ولكن بشرط ان يكون دخول عمر المشكوك في نفس الوقت الذي علم بدخول زيد لا حين خروجه ومنشأ كلام الانصاري ان الشك حدث في نفس الوقت الذي حدث فيه اليقين بمعنى لو تصورنا انعدام زيد لبقي الشك موجودا وفيه : اننا قلنا ان الكلي آباء والمعلوم اب واحد وقد خرج والثاني مشكوك الحدوث فضلا عن البقاء وايضا: اجاز شيخنا الانصاري رحمه الله اجراء الاستصحاب من القسم الثالث لو كان الشك في الفرد رتبة من رتب المفقود كما لو زال السواد الشديد وشككنا في السواد الضعيف وفيه ان ما ذكره ليس من القسم الثالث لأن الاستصحاب منزل على الفهم العرفي والعرف يرى الشديد والضعيف ظاهرة واحدة متيقنة سابقا مشكوكة لاحقا فهذا من القسم الأول ولا مشكلة فيه فالموجود الأول محفوظ بحدوده وهويته والمفقود عرض لا يؤثر في وحدته.
  والحمد لله رب العالمين .
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo