< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

36/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصول \الضدد\الترتب
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على خاتم النبيين حبيب قلوب المتقين الصادق الطاهر البر الأمين أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
ذكر القائلون بالترتب بان هناك ثمرات تبرز في فروع فقهية لا منشئ للفتوى بها إلا الترتب ومما يذكر في هذا المجال :
الأولى: ما لو نذر المكلف السفر فيجب عليه الوفاء بذلك ويجب عليه القصر في سفره فلو عصى وبقي حاضرا وحضوره مضاد للواجب فساعتئذ إما أن تسقط الصلاة وهذا واضح البطلان وإما أن يجب عليه القصر بمقتضى نذره وهذا باطل أيضا لأنه حاضر إذ القصر من لوازم السفر فتتعين الصلاة تماما وقيل لا مبرر لبقاء الأمر بالتمام إلا نظرية الترتب بمعنى أنه إذا عصى نذره الأهم وجب عليه الصلاة تماما .
الثاني: ما لو نذر المكلف الإقامة وبالتالي يخاطب بالصلاة تماما فلو عصى وسافر فهنا أيضا لا تسقط الصلاة ولا يجب عليه الصلاة تماما ويتعين عليه القصر وما ذلك إلا لنظرية الترتب أي إذا عصيت النذر في الإقامة وسافرت فعليك القصر
الثالثة: ما لو نذر المكلف السفر في شهر رمضان فيجب عليه الإفطار لو فعل فلو فرضنا أنه عصى فهنا يجب عليه الصوم رغم بقاء الخطاب الأول بالنذر فههنا خطابان سافر ولا تصم وخطاب صم إذا كنت باقيا ولا يبرر ذلك إلا الترتب وما ذكر لا علاقة له بالترتب أصلا وبيانه : أن الترتب وإن ربط بين الضدين لكن بمعنى ان إمتثال أحدهما كالإزالة يهدم موضوع الأمر بالأهم أي الصلاة مثلا لأن عدم الإزالة مأخوذ في موضوع وجوبها ولذا يكون الأمر بالأهم فعليا وكذلك الأمر بالمهم فتحصل المضادة فيرفع عقلا بالتقييد المسمى بالترتب ويتولد عندنا خطابان أزل مطلق وصل إذا لم تزل وأما ما ذكر من الأمثلة فلا علاقة لها بالترتب المذكور لأننا في الترتب إنما إلتزمنا به للمضادة بين قدرة المكلف على الجمع بينهما وأما في المقام فلا تضاد في الخطابين فإن وجوب الصوم على الحاضر في عين جعله إعدام للآخر موضوعا لأن "أفطر" خطاب للمسافر وهو حاضر ولا مانع هناك من إجتماعهما ملاكا وخطابا إلا في الإمتثال .
أما كيف ترفع المنافاة الظاهرة بدوا من خطاب أزل وخطاب صل رغم كون أحدهما أهم من الآخر لأنه في الحالة المذكورة إذا فرض انه ترك الإزالة فلا يعني سقوط خطاب أزل وقد ولد أيضا خطاب صل ومن هنا توجه المحققون الأصولييون الى رفع هذه المنافاة وعلى رأسهم المحقق الأصفهاني والنائيني والعراقي وحاصل الرفع التقييد عقلا منعا للوصول الى تكليف العاجز القبيح فيدرك العقل بان المهم مقيد بترك الأهم فكأن العقل يحدث جعلا جديدا متاخرا رتبة عن الأهم كما يتاخر كل معلول عن علته وقد ذكرنا سابقا بناء على الفلسفة بأن النقيضين في رتبة واحدة وعليه فما هو متأخر عن احدهما متأخر بالضرورة عن الآخر وعليه ففعل الآزالة وترك الإزالة في رتبة واحدة وبما ان العقل قيد متاخرا رتبة دليل الصلاة بترك الإزالة فيصبح التقييد وخطاب صل المقيد متأخر عن ما هو في رتبته وهو فعل الإزالة فلم يعد الأمران في عرض واحد فالأمر بالإزالة ليس في مرتبة الأمر بالصلاة فلا يقتضي الأمر بالإزالة المزاحمة مع آخر وهذا الكلام أشبه بفذلكة فلسفية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo