< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

39/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المسائل 3 و 4/ الملحقات

 

من المسائل الملحقة بمسائل المضاربة ترتبط بأحكام المحجور فيما يتصل بعقد المضاربة، وقد يكون السبب في الحجر الفلس أو السفه.

أما المالك فإن كان سفيهاً فلا يحق له إبرام المضاربة دون إذن وليه وهو واضحٌ لإنه محجورٌ عن التصرف في أمواله جميعاً، أما العامل إن كان سفيهاً فأيضاً لا يستطيع أن يبرم عقداً يرتبط بالأمور المالية وإن كان عبر خدمة يقدمها للآخرين ويأخذ عليها الأجر إلا بعد إذن وليه أيضاً، بالرغم من أنه يملك طاقته، ولكن في القرارات المتعلقة بالأمور المالية يجب إذن الولي للآية الكريمة.

أما إذا كان المالك مفلساً وحكم عليه بالحجر من قبل الحاكم، فهو الآخر لا يستطيع أن يتعامل في أمواله لتعلق حق الغرماء بها، ولكن إن أجاز الغرماء كان له ذلك، وأما العامل فإن كان مفلساً وعمل وحصل على أرباح فقد إختلف الفقهاء بينهم، فمنهم من قال بأن الأرباح المتجددة هي الأخرى تدخل في إطار الحجر لوحدة المناط من ظاهرة عبارة السيد اليزدي قسد سره، وبعضٌ قال بعدم دخولها كما المرجعين الخوئي والحكيم قدس سرهما.

والإختلاف عائد إلى الإختلاف في فهم المناط لعدم الأدلة، فبعضٌ فهم المناط وهو حق الغرماء المشترك في المالين، وبعضٌ لم يعتبره كذلك.

 

الموت في المضاربة

أما المسألة الرابعة فهي مسألة هامة ولابد أن نتحدث عنها بشيءٍ من التفصيل، فهي عن المضاربة التي تعرض عليها الطوارئ كالموت والجنون والإغماء، ونبتدء الحديث عن الموت:

المشهور بين الفقهاء، بل لم نجد فيه خلافاً، بل أرسلوه إرسال المسلمات بأن الموت مبطلٌ للمضاربة، والسبب هو إعتبارهم المضاربة عقداً بين المالك والعامل دون أن يكون للورثة مدخلية فيها، وثانياً: إتجاه الفقهاء يميل إلى أن المضاربة نوعٌ من الوكالة، فكما تبطل الوكالة بالموت تبطل المضاربة، وثالثاً: لأن المضاربة عقد جائز وكل عقد جائز يبطل بالموت.

ولكن للنقاش في المسألة مجال:

أولاً: لو إفترضنا عدم وجود المضاربة، هل يمكن لإثنين من البشر أن يتعاقدا على أن يكون المال من إحدهما والعمل من الآخر، على أن يكون للعمل مدة محددة – كخمس سنوات - ومع موت أحدهما فإلى الورثة؟

قولان من الصحة والعدم، والأول أولى إذ أن العقد المستمر بعد الوفاة ليس بدعاً من العقود بل هناك عقدٌ يستمر بعد الوفاة كالإجارة، مضافاً إلى أنه لا يشترط وجود كل عقدٍ في الزمان الماضي كي يعد صحيحاً، بل تصح العقود الجديدة إن كانت وفق الشروط العامة الشرعية للعقود.

ثانياً: لا دليل على بطلان المضاربة بالموت.

ثالثاً: لا دليل على إعتبار المضاربة عقداً جائزاً أبداً، ونحن قلنا سابقاً: أن عقد المضاربة يرجع إلى المتعاقدين، وعليه يمكن أن يكون جائزاً ويمكن أن يكون لازماً، والسيد اليزدي قدس سره أجاز تجاوز الجواز إلى اللزوم عبر الشرط، بل قال البعض بأن كل مضاربةٍ لازمة.

رابعاً: وأما القول بأن المضاربة ضربٌ من الوكالة فهذا لم نفهمه من الأدلة، نعم؛ للشهيد الأول كلامٌ بأنه عقدٌ "أوله وكالة أوسطه أمانه وآخره ضمان" لم يتفق عليه، بل لم يرده هو أيضاً، بل أراد تعريف المضاربة لا بيان حقيقته التامة.

خامساً: وأما الشهرة، فقد سبق وأن قلنا أن الشهرة بل لا خلاف، بل الإجماع في هذه المسائل الجزئية لا معنى له، لسببين:

اولهما: كم من الفقهاء كتب عن المضاربة؟

وثانيهما: عدم تحقق الشهرة أو الإجماع في المقام.

ومن هنا إن قلنا بإمكان أن تكون المضاربة ذات مدة، فلابد من القول بالإستمرار المضاربة إلى بعد الوفاة، للورثة أو لغيرهم، أما الورثة فبإعتباره حقاً مالياً يمكن إنتقاله إلى الورثة كالإجارة، وهذا شأن كل حقٍ مرتبطٍ بالمال داخلٌ في لفظ (ما ترك)، وأما غير الورثة كشرائه يمكن أن ينتقل إليهم الحق بالإشتراط.

نعم؛ إن كان عقد المضاربة جائزاً – كما قلنا بإمكان أن يكون كذلك كما يمكن أن يكون لازماً - ولا مدة له فإنه ينتهي بالوفاة.

 

الإغماء والجنون في المضاربة

أما بالنسبة إلى ما سوى الوفاة، كالإغماء والجنون العارضين على أحد الطرفين، فإن جنّ العامل جنوناً دائماً أو أغمي عليه إغماءاً دائمياً فلا معنى لبقاء المضاربة، والمالك أيضاً كذلك إن كان الجنون والإغماء ملحقاً بالموت، فحكمه سيكون حكم الموت أيضاً.

أما إن لم يكن ملحقاً بالموت، كالإغماء للعملية أو الجنون الإدواري، فهل يبطل المضاربة أيضاً أم لا؟

قال السيد قدس سره: "الرابعة تبطل المضاربة بعروض الموت‌كما مر أو الجنون أو الإغماء كما مر في سائر العقود الجائزة (وحسب رأي السيد نفسه قال بإمكان جعله لازماً وهو قد مرّ) و ظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقا أو أدواريا و كذا في الإغماء بين قصر مدته و طولها فإن كان إجماعا وإلا فيمكن أن يقال بعدم البطلان في الأدواري والإغماء القصير المدة فغاية الأمر عدم نفوذ التصرف حال حصولهما (كما النوم مثلاً) وأما بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد سواء كانا في المالك أو العامل. وكذا تبطل بعروض السفه لأحدهما أو الحجر للفلس في المالك أو العامل أيضا إذا كان بعد حصول الربح إلا مع إجازة الغرماء"[1] .

يلاحظ في حالات السفه والجنون والإغماء، بإنها تعتبر ذات درجات، وإذا أوصلت الإنسان إلى حيث يفقد التصرف فإنها حينئذٍ تكون مانعةً من إستمرار العقد، فالمعيار هو الصلاحية وإرادة المتعاقدين، فلو فرض طرو خرفٍ على شخصٍ ولكنه ليس في الجانب المالي والتصرفات المالية، فلا يقال بالمنع من التصرف.

وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo