< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

39/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المسألة 5 و 6 / الملحقات

 

قال السيد اليزدي قدس سره: "إذا ضارب المالك في مرض الموت صح‌و ملك العامل الحصة و إن كانت أزيد من أجرة المثل على الأقوى من كون منجزات المريض من الأصل بل و كذلك على القول بأنها من الثلث لأنه ليس مفوتا لشي‌ء على الوارث إذ الربح أمر معدوم و ليس مالا موجودا للمالك و إنما حصل بسعي العامل"[1] .

 

من المسائل الملحقة بمسائل المضاربة ما تحدثوا عنه في المريض المؤدي مرضه إلى الوفاة إذا قام بصفقة تجارية كمضارِب، فقد تكون الصفقة عادية فلا بأس، وقد تكون محاباةً بأن خصص للعامل أجرةً أكثر من أجرة المثل، فهل تصح الصفقة أم لا؟

يجرنا ذلك إلى البحث عن منجزات المريض، فقد قال بعض الفقهاء بعدم جواز تصرفات المريض المشرف على الموت إلا بمقدار ثلث أمواله، وقال البعض بإمتلاكه للتصرف فيها جميعاً.

فإن قيل بإمتلاك تصرفاته فإن مضاربته هي الأخرى صحيحة، أما إذا قيل بتحديدها بالثلث، فهل يحتاج الزائد عن الثلث من المضاربة المحاباتية إلى إذن الورثة أم لا؟

قال البعض: حتى مع القول بأن منجزات المريض تحدد بالثلث فإنها لا تشمل المقام، لأن المريض إنما يمنع من التصرف في أزيد من الثلث في أمواله، وفيما نحن فيه لم يفعل ذلك، بل أعطى المزيد من الربح المتوقع ولمّا يحصل الربح، فهو لم يقدم على الإضرار بالورثة وإنما وهب ما أمكنه إمتلاكه.

وفي المقابل قال آخرون بأنه وإن لم يملك الربح بعدُ ولكن له الحق في التصرف، لأن الربح أولاً تابعٌ للمال فيكون له ومن ثم يخرج منه إلى العامل، فإعطاء أزيد من الحصة المتوقعة، أما من ذهب بإقتسام الربح إلى قسمين بعضه للمال وبعضه للعمل فقالوا بجواز المضاربة هذه.

أما السيد اليزدي قدس سره، فيرى أن منجزات المريض لا تخضع للثلث، فمادام المرء حياً له التصرف في كل أمواله كيف شاء، والتحديد بالثلث يكون في الوصية فقط، وهو ما ذهب إليه المرجع السيد الخوئي قدس سره أيضاً، ومن ثم فحتى مع القول بتحديدها بالثلث فلا تشمل المقام لأنه تصرفٌ في الربح محتمل التحقق.

ولنا بعض التفصيل في المقام، حيث نرى أن المضاربة بالإمكان أن تستمر إلى بعد الموت لأنها ليست كالوكالة تبطل به- كما ذهب إليه البعض- وإن أفادت فائدتها، فإذا كان في المضاربة حيث تستمر إلى بعد الموت محاباةً وكانت أزيد من الثلث فاللورثة حينئذٍ أن يمضوها أو يبطلوها.

قال السيد اليزدي قدس سره: "إذا ضارب المالك في مرض الموت صح ‌وملك العامل الحصة وإن كانت أزيد من أجرة المثل على الأقوى من كون منجزات المريض من الأصل بل وكذلك على القول بأنها من الثلث لأنه ليس مفوتا لشي‌ء على الوارث (بل قلل فرصة الوارث فقط، كما لو إمتنع من قبول الهبة) إذ الربح أمر معدوم و ليس مالا موجودا للمالك وإنما حصل بسعي العامل"[2] .

وللسيد المرجع الخوئي قدس سره إشكالٌ من جهة أن المال يذهب أولاً للمالك ومنه إلى العامل كما مرّ.

 

المضاربة بالمال المستحق

والمسألة السادسة تضمنت مسألتين أولاهما أنه لو ضارب شخصٌ بمالٍ مستحقٍ فتلف المال أو خسر خسراناً كبيراً، فإلى أيهما يرجع صاحب المال، هل يرجع إلى العامل الذي تلف المال بيده أم المضارب الذي عقد الصفقة؟

في باب الغصب قلنا بأن الأيادي المتعاقبة على المغصوب كلها ضامنة، فللمغصوب منه الرجوع على أيٍ ممن تداول عليه المال المغصوب، وإن كان قرار الضمان على من تلف المال بيده، فإذ أخذ المالك ماله من غير مَن تلف عنده المال رجع ذلك إلى من عنده قرار الضمان.

وهنا بإمكان المالك الأصلي الرجوع إلى المضارب، ولكن هل للمضارب أن يرجع على العامل بما أعطاه؟

نقول: إن كان المضارب عالماً فليس له الرجوع، سواء كان العامل عالماً أم جاهلاً، وإذا كانا جاهلين فلا يرجع عليه أيضاً، نعم؛ لو كان المضارب جاهلاً والعامل عالماً فيمكن القول بالرجوع.

أما إذا رجع المالك إلى العامل، فللعامل الرجوع على المضارِب إن كان قد غرّه في المعاملة، قال السيد اليزدي قدس سره:"إذا تبين كون رأس المال لغير المضارب‌ سواء كان غاصبا أو جاهلاً بكونه ليس له فإن تلف في يد العامل أو حصل خسران فلمالكه الرجوع على كل منهما (لمسؤولية كليهما) فإن رجع على المضارب لم يرجع على العامل (لأنه غرّه، وقاعدة لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده المتصيدة من جملة المسائل تشمل المقام، فالعامل ليس ضامناً التلف في المضاربة الصحيحة وكذا ليس بضامنٍ في المضاربة الفاسدة) وإن رجع على العامل رجع إذا كان جاهلا على المضارب وإن كان جاهلا أيضا (أي وإن كان المضارب جاهلاً أيضاً أما الصورة التي لم يذكرها السيد وهي علم العامل مع جهل المضارب، والتي يبدو فيها عدم الرجوع) لأنه‌ مغرور من قبله"[3] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo