< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

34/11/10

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: نظريّة الخطابات القانونية /1

تمهيد:
أ) عبّر أصحاب الأصول عن «الدليل الشّرعي» بلفظ «الخطاب» کراراً[1] [2]،کما أنّ التعبير عن الإنشاء الشّرعي بـ«ضرب القانون» وأمثاله شايع بينهم؛ و کما ألمحور أيضاً إلی عنوان «الخطابات الشرعية» و بعض ما يتعلّق بها بعضهم[3] و لکنّهم لم يقرّروها کنظريّه منسَّقة شاملة فعّالة؛حتی حان دور المحقق البطل ومجمَّعِ العلم والعمل، النّحريرِ العبقريّ، الإمام الخميني(قدّس سرّه) فأجاد في إرتقائها علی مستوی معرفيّ راق و إستوائها علي سُوقها کنظريّة بِنيويّة جامعة، فجزاه الله عن الشّريعة والحقيقة خيره؛ وإن کان تعميقُ مقدّماتها ومبادئها وتفصيل مکوِّناتها ومعالمها کمايليقها، وتسديدُ ثُلماتِها وثغورها في قبال منتقديها، و تبيينُ معطياتها البِنيويّة والثّورويّة، بحاجة إلی دراسات مبسوطة و بحوث معمَّقة حولها ولکن لمّا وقعت.
ب) کلّ نظريّة علميّة في نظرنا، بما أنّها نسقٌ معرفيٌّ منسجمٌ لها دورها الفعّال في حصول الغرض المفروض من إقتراحها، ينبغي أن تمتلک أنواع العناصر والخصائل، کمثل مايأتي:

الأوّل: مسئلةً أصليّة إستهدفت النّظريّة علاجَها، کغرض نهائيّ لها.
الثّاني: «المبادئ» والأصول و«المکوِّنات» والمؤلِّفات المتقنة والواضحة، إتقاناً تامّاً ووضوحاً عامّاً.
الثّالث: تلائم مجموعة مبادئها مع مجموعة مکوِّناتها، تلائماً ينسجم کلّ منهما مع الآخر، بل کلّ عنصر من عناصر کلّ من المجموعتين مع غيره (من نفس المجموعة) أيضاً، فتُشکِّل شبکة منسجمة طوليّة (من الجاموعات و العناصر المترتِّبة عموديّاً) أو تتکوّن شبکة منسجمة عرضيّة (مِن المجموعات والعناصر المرتبطة أفقيّاً)؛ بل الأفضل والأَولی إمتلاکها کلتا الشّبکتين «العموديّة» و«الأفقيّة» معاً.
الرّابع: وضوحَ و صراحةَ مجموعة «الألفاظ» و«التراکيب» الّتي أُستُخدمت لتقريرها.
الخامس: منهجيّة منسجمة، وتَقَنيّات خاصّة لتلک المنهجيّة.
السّادس: أدلّة مناسِبة لمنهجتها المختارة، وشواهد وافية بدعاويها ومنسجمة معها معرفيّاً ومنطقيّاً.
السّابع: إضافةً إلي وفائها لعلاج المسئلة الأصليّة، الطّاقة المستوعِبة لحلّ المسائل الفرعيّة المترتّبة عليها أيضاً.
الثّامن: الصّلوح الوافي لنقد النّظريّات المعارِضةِ لها، والقدرة علی حسم مادّة النّزاع من أساس، في ساحة الإشکاليّات الواردة عليها والوجوهِ المحتملةِ ضدّها.
السّابع: الشّموليّة بالنّسبة إلی إطار عملها کلّه، وعدم تطرّق الإستثناء في إيفائها دورَها الفعّالة والمترقَّبة، في الساحات المرتبطة بها.
فعلی هذا: ينبغي البحث والدّراسة حول نظريّة الخطابات أيضاً وَفق المحاور المذکورة فوقاً، إن أريد الإستيعاب و الإستکمال، ولکن لسنا نحن بصدده الآن.
ت) فلنکتفي في البحث عن النّظريّة، هيهنا علی الحراور الخمسة الآتية ونُلمِح إلی مباحث کلّ من العناصر التّسعة، في خلالها بالإجمال إن شاءالله، إحترازاً عن التطويل:
الأمر الأوّل: تقرير النّظريّة وأدلِّتها وَفق بيان مبدعِها نفسه (قدّ).
الأمر الثّاني: بيان هويّتها المعرفيّة.
الأمر الثّالث: تقويم النظريّة و نقدها من منظارات مختلفة.
الأمر الرّابع: بيان المقترحات المختلفةِ لتحسين تقريرها، ومختارِنا منها.
الأمر الخامس: بيان مآرب النظريّة وتطبيقاتِها في الأصول والفقه وَفق التقرير المختار.
ث) سمّاها مبدعُها نفسُه(قدّ) «الخطابات القانونية»، أو أُصطيد عن کلماته هذه وإن لم يعبِّر عنها بهذا کعنوان لها بالصَّراحة؛ ولکن الأفضل عندنا التعبير عنها بنظريّة «عدمِ إنحلال الخطابات الشرعيّة» وهذا أوفق بما هو أراد وأوفی بما قصده(قدّ)؛ لأنّه ليس هو(قدّ) المبدع لنفس هذا النوع من الخطابات أو المتفطّن به أساساً، بل کان من قبل و مازال کائناً، وکان غيره أيضاً متفطّناً به، کما أشرنا إليه آنفاً؛ بل هو(قدّ) متفرّد في القول بـ«عدم إنحلالها» فقط، رغم الجمهور؛ و لأنّ عدم الإنحلال هو الّذي يُتَمسَّک به لعلاج مايُعالَج بالنظريّة في المسائل الأصوليّة، لا بِأساس الإذعان بوجود الخطابات القانونيّة نفسها!.
و يمکن أيضاً أخذ عبارة «إمکانِ تصويرِ الأمرين الفعليّين في عرض واحد» کعنوان للنّظريّة؛ وهو أصحّ العنوانات بل صحيحها لبيان أطروحته (قدّ) کما هي؛ ولأنّها هي بُئرة البحوث المطروحة لحلّ المسئلات وفکّ المعضَلات في المباحث الأصوليّة والفقهية عنده (قدّ).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo