< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

34/11/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: نظريّة الخطابات القانونية ـ نقد النظريّة / 7

أمّا المقدّمة الرابعة:
فأوّلاً: إنّ هناک أربعة فروض وحالات: الأوّل) أُنشئ من جانب المولی أو الحاکم أمر أو نهي ولمّا يصل إلی العباد أو النّاس. الثّاني) وصل المُنشَأ ولمّاترد مقيِّداته ومخصِّصاته عنه. الثّالث) وردت و لمّا - وصلت إليهم. الرّابع) صدر الحکم ووردت مقيّداته ومخصِّصاته ووصل کلّ ماصدر الی المکلّفين.
فحينئذٍ: يمکن أن يُسئل أوّلاً: بأنّه هل يُعَدّ کلّ واحد من هذه الفروض حکماً مستقلّاً بمعني الکلمة؟ فتکون الأحکام علی أربعةِ أقسامٍ؟ وما هو مقسَمها عندئذٍ؟ أو لم يُعدّ کلٌّ منها حکماً علی حدة؟ فعلينا أن نسئل ثانياً: فأيّ موردٍ منها يُعدّ حکماً حقّاً؟ وبعبارةٍ أخری: هل للأمور الجانبيّة مثل «الوصول» إلی المخاطبين أو «تمهّد ظروف تطبيق الحکم» دخل في ماهيّته؟ وأيضاً هل المقيّدات والمخصِّصات الواردة خارجةٌ عن ذات الحکم ومستقلّةٌ عنها؟ وهل هي تُعدّ أحکاماً مستقلةً في عرْض الأحکام الأصليّة؟ وهل هي کقسيم لها؟ ومَن الّذي يلتزم بتلک؟
وثانياً: إنّ الحکم عبارة عن «الإعتبار» والجعل، وهو أمر دفعي لايقبل التدريج فليس له مدارج، لأنّ الحکم معلول وإرادتَه تعالی علّة له، فإذا وُجدت وُجد، ولا مبادئ لها کمثل إرادة الإنسان؛ وبعبارة أخری: لأنّ إرادتَه التّشريعيّة کإرادته التّکوينيّة لاتتطرّق فيها التّأنّي، و کما إذا قضی في التّکوين أمراً، فإنّما يقول لهُ کن فيکون.[1] [2] [3] هکذا إذا قضی اللهُ ورسولُه في التّشريع إيضاً أمراً، ما کان لمؤمن ولامؤمنة أن يکون لهم الخيرة من أمرهم[4] لأنّه صار الحکم بعد قضائهما فعليّاً ومتنجّزاً وإلّا لم يُعدّوا عصاةً و ضالّين.
والّذي يتّصف بالإقتضاء تارةً، وبالإنشائيّة أُخرى، وبالفعليّة ثالثةً، وبالمنجّزيّة رابعةً أحياناً، هو الحکم بمعنی الإسم المصدريّ، ويصحّ تصوير الأوّل والثّاني في ما يصدر عن آمر إنسانيّ أحياناً، فتلک الأوصاف ليست کمراتب لِـذات الحکم، فضلاً أن تعدّ أقساماً له؛ فمقالة الإمام الخميني(قدّ) من کون الحکم الإلهي ذامرتبتين أو ذاقسمين من هذه الجهة، مخدوشة، کمثل ما قال به المحقق الإصفهاني من کون المراتب ثلاثة بعد الإبرام علی توحيد الإنشا و الفعلية (نهاي‌ةالدراي‌ة في شرح‌الکفاي‌ة؛ بيروت: مؤسسه آل‌البيت (ع) لإحياء‌التراث، 1429ق) و أيضاً ما قال به المحقق الخراساني (قدّ) من کون الحکم ذامراتب أربع (فوائدالأصول؛ طهران: وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1407ق، ص148 وکفاي‌ةالأصول؛ قم: مؤسسه آل‌البيت(ع)، 1409ق، ص258).
والأحکام المستودعة عند الحجّة(عج) أيضاً (کما قال الشّهيد السّعيد نجل الإمام السّيّد المصطفی في التحريرات) أحکام فعليّة في حدّ نفسها، ولکن معلّقة من جهة زمن إجرائها و ظرف تطبيقها وتحقّقها، فهذه الأمور خارجةٌ عن ذاتها، فليست في أصل حکميّة هذه الأحکام نقيصةٌ أوحالةٌ مترقَّبة، بل النقص والترقّب يتعلّق بجانب المکلَّف والتکلّف لا المکلِّف والتّکليف. و إطلاق الحکم علی الإرادة التشريعيّه المبرَزة والموصَلة، إستعمالٌ له في معناه المفعولي أو إسم المصدري، فلا صلة له بالحکم بمعناه المبحوث عنه والمتنازَع فيه في مانحن فيه.
وثالثاً: کيف يُعَدّ هذان قسيمين متباينين، مع إمکان کون الآحاد والحالات والطّواري مختلفة متنوّعة، بحيث يبدو أن يصير حكمٌ واحد في زمانٍ واحد: فعليّاً بالنّسبة إلی شخصٍ، وإنشائيّاً بالنّسبة إلی شخصٍ آخر أحياناً، بل يکون حکم واحد بالنسبة إلی شخص واحد: فعليّاً في حالة وإنشائيّاً في حالة أخری! و هذا يستلزم تطرّق التغيّر في إرادة اهل التّشريعيّة! وهو محال؛ وهذا هو نظير الإشکال الّذي أورده (قدّ) علی خصمه في الباب![5]

وأمّا الخامسة:
أوّلاً: مع فرض صحّة الخطاب، في الأحكام الكلّيّة القانونيّة، رغم عدم إنبعاث کلِّ الأفراد، ولکن ينبغي أن نسئل من ساحة سماحته(قد): هل الخامسة هي من مقدّمات النّظريّة ومکوِّناتها أو هي نفسُ النّظريّةُ وتمامُها؟ والصّحيح هو الثّاني؛ فکان ينبغي أن يجعلها(قدّ) کالمحطّ المحاط والأسّ الأساس للبحث هيهنا؛ وسنقترح أطروحة لتنسيقها وَفق هذه الأفروضة.
وثانياً: لقائل أن يقول: کفاية إنبعاث الواجدين لصحّة الخطاب رغم عدم إمتثال الفاقدين دليل علی إنسحابه إلی خطابات فرعيّة جزئيّة! کما أنّ وقوع خطاباتٍ لم يکن لها إلّا مخاطبٌ قليلٌ غيرُ البالغ حدّ المعتنی به، عبر التّأريخ کدعوة بعض الأنبياء مدّةً طويلة رغم عدم إجابة أحد له، دليل علی أنّها لم تتعلّق علی عنوانات عامّة غيرمنحلّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo