< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/11/17

بسم الله الرحمن الرحیم


موضوع: الفصل الرّابع) لغة الدّين؛ وهو يشتمل علي تمهيد وفروع:
تمهيد:
انَّ ادراك كلِّ نصٍّ مرهونٌ بملاحظة العوامل المؤثّرة على ظاهرة الدلالة والتفهم، من قبيل 1.«خصائص الماتن»، 2.«خصائص مخاطب النص»، 3.«خصائص مضامين النّص»، 4.«خصائص موضوع او موضوعات محمولات القضايا» التي تشَکّل النص، 5. وبأخرة:«العناصر المؤلِّفة لهويته الارتباطية الدّلالية» وهي الّتي تُشکّل بنيةَ لغته.
وبعبارة أخريٰ: للنصوص الدينية خصائل مختلفة؛ هي تنقسم إلي ما يختص به کنص ماورائي «فو ـ بشري»، مثل الوَحيوية والهادوية، وإليٰ ما يشترک فيه النصوص اللإلٰهية والبشرية معاً مثل صفة الحکموية والمحاورية؛ ولکلّ من القسمين خصائص، ولکلّ منها أيضاً مقتضيات ومعطيات في اطار تصنيع قواعد درکها، وتصنيف ضوابط تصنيع القواعد، وکيفية استخدام القواعد في مقام فهم النصّ، واختبار صحْة أو سقم المعرفة الناتجة من استعمال تلک القواعد.
وبنية لغة النصوص الدينيه، من أهمّ خصائص النصوص الدينية؛ ولهذا نبحث عنها هنا، بمناسبة مباحث الألفاظ، بحثاً متواضعاً مختصراً، ونسئل الله التوفيق علي تفصيل بحوثها في قابل الزمان، فإنّـه وليه.
ما هو المراد من اللغة؟
لأجل دراسة مسألة «لغة الدّين»، ينبغي أن يبحث عن الأمرين: الأوّل:«ما هي اللغة؟» والثّاني:«ما هي لغة الدّين؟»؛ فلهذا نُلمح إلي إطلاقات «اللغة» إجمالاً، والمراد من اللغة في مانحن فيه أوّلاً؛ ثم نبحث عن هوية لغة الدين ومسائلها المختلفة عبر فروع تباعاً ثانياً؛ إن شاء الله الهادي الموفّق.
فنقول: إنّ إطلاقات واستعمالات كلمة «اللسان» ومايعادلها في مختلف اللغات، متکثرة جدّاً، فيما يلي، نشير إلي بعضها علي سبيسل المثال:
1. طبيعة اللغة (= اللغة الطبيعية): ما هو موضوع علم اللغة؛ البيان، وهو المراد في: «خلق الإنسان علّمه البيان»[1]
2. مايعادل «اللغة» في العربية: مجموعة الألفاظ الأفرادية والتراکيبية، والأصوات والألحان الاعتبارية، وقواعدِ استعمالها، للحکاية عما في الضمير داخل مجتمع إنساني؛ کما جاء في کتابه العزيز: «و من آياته خلقُ السموات والأرض واختلافُ ألسنتکم و ألوانکم»[2] و «لسان الذي يلحدُون إليه أعجميٌ».[3]
3. البِنية البلاغيّة والهويّة الدّلالية: من الواقعية، والتّشبيهية، والرّمزية، وغيرها.
4. أدبيات شريحة أو فنّ أو عرف خاص: نحو لغة الرياضي او لغة الفلسفة.
5. نوع السلوک والعلاقة: کما يقال: فلان ينطق بلسان القوّة أو بلسان المحبّة، مثلاً.
6. مستوي أو أسلوب التخاطب: کما يقول الشاعر الفارِسي: «چون که با طفلان سر و کارت فتاد/ هم زبان کودکي بايد گشاد»؛ يعني: «لأنّ عملک أضحى مع الطفل فيجب أن تستخدم أيضا لسان الطفولة»؛ و جاء في الکتاب العزيز: «وَ ما أرسَلنا من رسولٍ إلاّ بلسانِ قومِه لِيبينَ لهُمْ...».[4]
7. المنطق: کما يقال: لايفهم اللغة، أي لايسلِم قبال أي دليل وحجّة! لعلّ بهذا المعني ما جاء في آية «وَ أَخي‌ هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعي‌ رِدْءاً يُصَدِّقُني‌ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ».[5]
8. الموقف والمراد المکنون في ضمير شخص: کما يقال بالفارسية: «جانا! سخن از زبان ما مي‌گويي»، أي: يا عزيزي! أنت تنطق عن لساننا، أي عن موقفنا ومکنونات نفوسنا.
9. أداة التّکلم: جارحة اللسان؛ کما قال عزَ من قائل: «ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين»[6] و «لاتُحرِّکْ به لسانَک لتَعجَل به».[7]
10. مطلق آلات وطرائق اظهار ما في الضمير واساليبِه، کما يقال: لسان القلم و لسان الدّمع مثلاً.
والمراد من اللغة أو اللسان في ما نحن فيه، هو اطلاقا الثّالث والرّابع بالجملة.
الفرع الأوّل: ماهو المراد من لغة الدّين؟ وماهي الشخصنة المعرفية لهذه المسألة، وموقعُها المناسب في هَندَسة علمي اصول الفقه وفلسفة الأصول؟، وماهو الّذي ينبغي للدّراسة فيها هناک؟.
فصٌّ) المراد من لغة الدّين
المراد من « لغة الدّين» بـالمعني الأعمّ والأوسع: هو کيفيته من جهة «التدليل» و«التفهيم» و«التفهّم»، في إطار المفردات والتراکيب والجملات والنص کلّه، (بل في المؤلِّفات المباشرة للألفاظ أيضاً)؛ و بـالمعني الأخصّ: هو کيفيته من حيث الدلالة والتفهيم في إطاري التراکيب والقضايا فحسب. وبعبارة أخريٰ وعلي الإجمال: المراد من لغة الدّين، هو الهويّة البلاغيّة والبِنية الارتباطيّة والدّلالية للنّصوص الدّينية.
فصٌّ آخر) ماهي الهوية المعرفية لهذه المسألة، و ماهو موقعُها المناسب في هَندَسة علم الأصول وفلسفته.
المسألة تعدّ من المبادئ الکلامية لعلم الأصول و منطق فهم الدّين، ولها دور کبير في تکوين منهجة إستنباط الأصول والفروع الدينية، وتنسيق القواعد اللفظية الإستنباطية وتعيين ضوابط تلک القواعد؛ فهي من المباحث «الحو ـ مسائلية» لفلسفة منطق فهم الدّين والفلسفات المضافة إلي الأنساق المنهجية المعَدّة لکشف القضايا الدينية، فينبغي البحث عنها في قسم المبادئ اللغوية في تلک الفلسفات تفصيلاً.
وعندنا: لغة المستوى «الهِدائي» و«التكليفي» العامّين للدّين، هي من سنخ لسان المحاوري العقلائي العام، مع كلّ مختصات ومقتضيات [خصائص و خصائل] لغة المحاورة.
فص ثالث) هناک نقاط أساس جديرة بالبحث في مسألة لغة الدّين:
لأجل دراسة مسألة «لغة الدّين»، ينبغي أن نبحث عن المحاور التالية وفقاً للشرح أدناه(إن اردنا التفصيل والکمال):
الأوّل: أنّـه: هل لغةُ الدّين هي من لغة العرف العام العقلائي الإنساني، أو قد تحدّث الدّين بلسان عرف خاصٍ، وهل هي معرفَـوية ولها كاشفية وحکاية؟ وهل هي قابلة للتحقيق؟ أو هي لسان تشبيهي، أو رمزي، أو أُسطوري، أو...، أو مزيجٍ منها جميعاً؟ أو انّ لديه لغة خاصة؟
والثاني: أنّـه: هل هي ذو وجوه عِدة، أم ذو مراتب عِدة؟
والثالث: أنّـه: هل من الممکن، التفصيلُ بين لغة المقولات(القضايا العلمية والعقائدية) ولغة التعاليم (القضايا التحسينية والتکليفية، أي: الأخلاق والأحکام)، أو بين المستوي التکليفي العام وبين المستوي التکاملي الخاصّ للدّين؟
والرّابع: ما هو معني المفردات والمصطلحات الإلهياتية، کالمفردات الحاکية عن الأسماء والصفات؟
والخامس: هل يوجد فرق بين لغة القرآن وبين لغة السنّة؟
والسّادس: ماهي الفروق بين لغة الشرع وبين لغة المتشرّعة ولغة العلوم الدينية؟
والسّابع: ما هي العلاقة بين لغة الدّين و بين زمان الدّين؟
والثامن: مناقشة الآيات و الروايات المتعلقة ـ أو التي توهم ـ بالآراء المطروحة في لغة الدَّين، لاسيما افتراض تعدد البطون وتوهّم تعدد الوجوه، وکذلک تحديد الاستعمالات المختلفة للّغة ضمن النصوص.
والتاسع: أنه ماهو أسلوب أو أساليب البحث عنها؟
ـ استقراء استعمال أهل الاختصاص (فلسفة الدين، علم الکلام، علم الأصول... إلخ).
والعاشر: أنه ماهي أسباب طرح المسألة في تأريخ البحوث الدينيّة، فمنها:
1ـ مشکلة معرفة معني الصفات الإلهية.
2ـ مشکلة التهافت الداخلي لبعض النصوص الدينية (غير الإسلامية).
3ـ مشکلة تعارض العلم والدّين، والعقل والدّين، في بعض الأديان، أحياناً.
4ـ وأخيراً: ظهور علوم أو نظريات فلسفية حديثة (وأحيانا متعارضة مع الدّين)، کالوضعية، والفلسفة التحليلية، وفلسفة اللغة...إلخ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo