< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/11/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الفرع الثالث: المختار في لغة الدّين وأدلتُه.
نرکّز في بيان نظريتنا هذه علي البحث عن لغة القرآن الکريم تغليباً ـ وهو النص الأصلي للاسلام، والسنّةِ تتابعه ـ، فنقول: كما أشير سالفاً، استخدم المستوى العام للخطابات القرآنية بِنيةَ وسياق لسان المحاورة والتفاهم العقلائي، على الرغم من أنّ للغة القرآن خصائص هي مقتضى ماورائيتها.
منقبةُ النظرية المختارة تكمُنُ في تقريب بعضٍ من الآراء المشهورة بين المفكرين المسلمين، وكذلك في الجمعِ بين الاعتقاد بعرفيّة لغة القرآن وبين الإذعان بامتيازاتها «الفَوْ ـ بَشرية»؛ کما: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مَا بَالُ الْقُرْآنِ لَا يَزْدَادُ عَلَى النَّشْرِ وَ الدَّرْسِ إِلَّا غَضَاضَةً فَقَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْهُ لِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ وَ لَا لِنَاسٍ دُونَ نَاسٍ فَهُوَ فِي كُلِّ زَمَانٍ جَدِيدٌ وَ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ غَضٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».[1]
جدير بالذكر: أنّ اتجاهَي الوضعي والوظيفي لا سابقة لهما في الأراء والأدبيات الدينية الإسلامية. وأمّا الاعتقاد برمزية لغة القرآن أو بنخبوية البنية اللغوية للنصوص المقدّسة(وأحياناً، بعدم قبولها للفهم) فقد طُرح من قِبل بعض الأشخاص أو الفرق الإسلامية أيضاً.
يتيسّر تقرير المختار من خلال بنود وبحوث مختلفة کالآتي:
أ) هناک لغة خاصّة يمکن تسميتها باللغة العرفية العقلائية المحاورية، وهي الّتي يتفاهم النّاس بها في محاوراتهم العادية ومجالاتهم الحيوية ليلاً ونهاراً.
ب) للّغة العقلائية المحاورية خصائص وخصائل مختلفة:
منها کونُها اعتبارية ناشئة عن تصالح أبنائها في داخل مجتمع إنساني معين؛
ومنها کونُها تعليمّية، مازالت تنتقل من جيل إلي جيل؛
ومنها قبولُها للتطوّر والتجدّد التعييني أو التعيني، وطروَّ التوسّع والتضيق عليها؛
ومنها کونُها واقعية حاکية عمّا في ضمائر مستعمليها، فلها دور معرِفَويٌّ؛
ومنها شياعُها بين أفراد المجتمع وعدمُ اختصاصها بطائفة دون أخريٰ؛
ومنها إستعمال الصنايع الأدبية فيها واشتمالها علي الطرائف البلاغية والبيانية وغيرِها؛... وهکذا.
ت) للغة الدّين مستويان: 1. العام، والمراد منه: بِنيتها التخاطبية الهدائية والتکليفية، 2. الخاصّ، والمراد منه: مستواها المتعالي الباطني الماورائي.
ث) المستوى «الهِدائي» و«التكليفي» للغة الدّين، هو من سنخ لسان العرفي العقلائي المحاوري؛ فهو ينتحل نحلة تلک اللغة وتتبع خصائصَها العامّةَ کلَّها في الإطارات الثلاث (وهي التدليل والدّلالة والإستعمال).
ج) توجَد للنصوص الدّينية بعضُ الخصوصيات التي تفتقدها النّصوص العادية، مثلُ کونها ذاتَ بطون متکثرةٍ، وقبولِها التأويل أحياناً، وسَعتِها الدّلالية اللاتقفية، وهکذا...؛ وهي مقتضى ماورائيّتها و«فَوْ ـ تاريخيتها» (هذه الكلمة, «فو ـ تاريخيّ», هي ترجمة لكلمة[فراتاريخى] بالفارسية، والمراد منها أنّ النصوص الدينية لاتنحصر بزمان دون زمان، بل هي فوق العصور والأزمنة، فلا تتأثر من الظروف التأريخية). و«فَوْـ أقاليميتها» (هذه الكلمة, «فو ـ اقاليميّ», هي ترجمة لكلمة[فرااقليمى] بالفارسية، والمراد منها انّ النصوص الدينية لاتنحصر بقوم دون قوم، بل هي فوق عرفيات الأقوام و ثقافات الأقاليم، فلا تتأثر من الظروف الثقافية الطائفية.) لأنّها وحيويةٌ تارةً، ونبويةٌ أو ولويةٌ أخريٰ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo