الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/03/02
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ النزح للكلب وبول الصبي
قال المصنف:
( ولخروج الكلب حيا، وبول الصبي غير الرضيع )
( ولخروج الكلب حيا، وبول الصبي غير الرضيع )
أما الكلب فقد قيل بالنزح سبع دلاء
وهو المشهور كما في "الذكرى" ، وفي "كشف اللثام" عند الأكثر ، وقد يُستدل له بصحيحة أبي مريم قال: حدثنا جعفر ، قال: ( كان أبو جعفر إذا مات الكلب في البئر نُزحت ، قال أبو جعفر إذا وقع فيها ، ثم أخرج منها حيا ، نُزح منها سبع دلاء )
[1]
وذهب جماعة من الأعلام إلى الاكتفاء بالخمس ، وذلك لصحيحة زيد الشحام المتقدّمة عن أبي عبد الله ( في الفأرة ، والسنّور ، والدجاجة ، والكلب ، والطير ، قال : فإذا لم يتفسخ ، أو يتغير طعم الماء ، فيكفيك خمس دلاء )
[2]
وفيه: أنّها ظاهرة في الموت ، اللهمّ إلّا أن يُقال : إنْ نُزح الخمس للموت فللحَيّ أولى ، وفيه
، ما لا يخفى ، فإنّ الأحكام الشرعية تعبديّة تتبع العناوين ، ولا مجال للعقل فيها .
، ما لا يخفى ، فإنّ الأحكام الشرعية تعبديّة تتبع العناوين ، ولا مجال للعقل فيها .
ومن هنا ذهب المشهور إلى وجوب نزح السبع في الفأرة مع تفسّخها ، وتقطّع أجزائها ، وانفصالها بالكلية ، ووجوب نزح الجميع في البعرة منها ، لعدم ورود نصّ فيها ، بناء على وجوب نزح الجميع فيما لا نصّ فيه .
قال صاحب المدارك - رحمه الله - : ( لو قيل بالاكتفاء بمسمّى الدلاء ، لصحيحة علي بن يقطين
[3]
، وحمْل الخمس ، والسبع ، على الاستحباب ، كان وجهًا قويًّا )
[4]
وأقلّ الدلاء ثلاث ،ولكنّك عرفت أنّ الدلاء ليس جمع قلة بل هو جمع كثرة ، ينطبق على العشرة ، وما فوقها ، إلى ما لا نهاية له ، اللهم إلّا أن يُقال : إنّ ما ذكره النُحاة من الفرق بين جمع القلة والكثرة لا دليل عليه ، فيكتفى حينئذٍ بالمسمى ، وهو الثلاث ، فتأمل ، والله العالم .
أما الصبي فالمراد بالصبي غير الرضيع الذي يأكل الطعام ولم يبلُغ ، والحكم بالسبع هو للشيخين وأتباعهما ، بل هو المشهور بينهم ، وادّعى ابن إدريس في "السرائر" ، وابن زهرة في "الغنية" ، الإجماع عليه ، وذهب الصدوق في "الفقيه" ، والسيد المرتضى في "المصباح" ، إلى ثلاث دلاء في بول الصبي الآكل للطعام .
وقد يُستدل للمشهور
أولا: بالإجماع المدّعى ، وقد عرفت ما فيه ،
ثانيا: صحيحة منصور بن حازم ( قال: حدّثني عدة عن أبي عبد الله ، قال : يُنزح منه سبع دلاء إذا بال فيه الصبي ، أو وقعت فيها فأرة أو نحوها )
[5]
والرواية وإن كانت مرسلة إلّا أنّ هذا الإرسال لا يضرّ بصحتها ، لأنّ العدّة تطلق عرفًا على الثلاث ، وما فوق ، ومن المطمئن به وجود الثقة في ضمنهم ، إذ لا يمكن عادة أن تكون العدّة كلّها ضعيفة ، لا سيّما أنّ المرسِل منصور بن حازم ، وهو معروف بين الأعلام .
وقد يعارِض هذه الصحيحة صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة عن أبي عبد الله ( في البئر يبول فيها الصبي ، أو يصبّ فيها بول ، أو خمر ، فقال : يُنزح الماء كلّه )
[6]
ولكنّها تُحمل على الاستحباب ، لا سيما أنّها مخالفة للحكم بالنسبة لبول الرجل ، حيث نزح له أربعون دلوًا عند المشهور ، ولكن تقدم أنّ الصحيح العمل بها بالنسبة لبول الرجل .
وأمّا رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله قال : ( سألته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر ، فقال : دلو واحد)
[7]
ففيها:
أوّلًا: أنها ضعيفة بعلي بن أبي حمزة البطائني .
وثانيًا: أنه معرض عنه بين الأصحاب ، وإعراض المشهور وإن لم يوجب الوهن إلّا أنّه يُؤيد ما ذكرناه .
وحملَها بعضهم على الرضيع الذي لم يتغذّ بالطعام .
وفيه
، ما لا يخفى ، لأن الرواية وصفت الصبي بالفطيم ، فكيف تُحمل على الرضيع .
، ما لا يخفى ، لأن الرواية وصفت الصبي بالفطيم ، فكيف تُحمل على الرضيع .
وأمّا ما ذهب إليه الشيخ الصدوق والسيد المرتضى فلم نقف لهما على حجّة ، اللهم إلّا أن يُستدل لهما بصحيحة ابن بزيع المتقدمة
[8]
(3) ، المتضمنة لنزح الدِلاء لقَطرات البول ، لأنّ أقلّ الدلاء ثلاث ، ولكنّك عرفت أنّ دلاء جمع كثرة أقلّه عشرة ، وليس جمع قلّة كي يكون أقلّه ثلاثة .
فالإنصاف ما دلت عليه الرواية الأولى
والحمد لله رب العالمين
[1] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 1
[2] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7
[3] - الوسائل باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 2
[4] - مدارك الأحكام ج 1 ص 91
[5] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 1
[6] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 4
[7] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 2
[8] - الوسائل باب 14 من أبواب الماء المطلق ح 21