الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/03/06
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ موت الثعلب والأرنب
قال المصنف:
( وخمس لذرق الدجاج ، وخصّه جماعة بالجلال، وثلاث للفأرة مع عدم الأمرين، وروي خمس، ولا شاهد به )
( وخمس لذرق الدجاج ، وخصّه جماعة بالجلال، وثلاث للفأرة مع عدم الأمرين، وروي خمس، ولا شاهد به )
والذي قيّده بالجلّال جماعة من الأعلام ، منهم الشيخ المفيد في "المقنعة" ، وأبو الصلاح الحلبي في "الكافي" ، وابن إدريس في "السرائر" ، والمحقق في "الشرائع" ، والعلّامة في "التحرير" ، وأطلق الشيخ الطوسي نزح الخمس ولم يقيّده بالجلال ، وكذا صاحب الجامع ، وابن حمزة في "الوسيلة" ، بناء على نجاسته مطلقًا ، وهو ضعيف - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - .
ومهما يكن فلا دليل على نزح الخمس له ، قال المحقق في "المعتبر" : ( ويقرب عندي أن يكون داخلًا في قسم العذرة ، ينزح له عشرون ، فإن ذاب فأربعون ، أو خمسون ، ويحتمل أن ينزح له ثلاثون لخبر "المبخرة" ) .
وفيه
: ما لا يخفى ، فكيف يكون داخلا في قسم العذرة ؟! .
: ما لا يخفى ، فكيف يكون داخلا في قسم العذرة ؟! .
والعذِرة تطلق على فضلة الإنسان ، وهي نجسة ، وذرق الدجاج طاهر ، وهما أمران مختلفان ، فكيف يُعطى حكم أحدهما للآخر ؟! .
وأمَّا احتمال نزح الثلاثين لرواية المبخرة
[1]
(1) ، ففيها:
أوّلًا: أنّها ضعيفة ، بجهالة كردويه .
وثانيا: أنّ موردها ماء المطر المخالط للبول ، والعذرة ، وأبوال الدواب ، وأرواثها ، وخُرء الكلاب ، فتكون مختصة بهذه الأمور ، ولا تشمل غيرها .
فالإنصاف
دخول المسألة فيما لا نصّ فيه ، والله العالم .
دخول المسألة فيما لا نصّ فيه ، والله العالم .
وأما الفأرة
فقد ذكرنا هذه المسألة سابقا فلا نعيد
قال المصنف: ( وللحية ولا شاهد به )
المعروف بينهم أنّه يُنزح ثلاث لموت الحيّة ، ونسبه المصنف في الذكرى إلى المشهور ، ونفى في السرائر الخلاف فيه ، وفي الغنية دعوى الإجماع عليه .
أقول: أمّا دعوى الإجماع ، فقد عرفت ما فيها ، وأمّا نفي الخلاف المدّعى في السرائر ، ففي غير محلّه ، حيث حكى المحقق في "المعتبر" عن علي بن بابوية في رسالته أنّه اكتفى فيها بدلو واحد ، ونقل العلّامة في "المختلف" عن علي بن بابويه أنّه قال : ( يُنزح منها سبع دلاء ) ، ثمّ لا يخفى عليك أنّه لا يوجد دليل بالخصوص على نزح الثلاث في الحيّة ، ومَن أوجب النزح فيها إنّما أوجبه لأنّ لها نفسًا سائلة ، كالمحقق في "المعتبر" ، ولكن شكك كثير من الأعلام بأن يكون لها نفس سائلة ، وذكر المصنّف في "الذكرى" أنّ النزح الثلاث لها إحالة على الفأرة ، والدجاجة ، التي رُوي فيها دلوان ، أو ثلاث ، قال : ( وهو مأخذ ضعيف ) ، وقد أجاد المصنف - رحمه الله - لأنّ الإحالة على الفأرة ، باعتبار أنّها تساويها في الجسم ، قياس لا نقول به .
وأمّا رواية الدجاجة ، وهي معتبرة إسحاق بن عمار المتقدمة ، عن جعفر عن أبيه ع ( أنّ عليًّا ع كان يقول : الدجاجة ، ومثلها ، تموت في البئر ، ينزح فيها دلوان ، أو ثلاثة - الرواية )
[2]
فليست ظاهرة في أنّ مثل الدجاجة يشمل الحيّة .
وذكر المحقق في "المعتبر" أنّه يمكن الاستدلال على وجوب نزح الثلاث بصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ع ( قال: إذا سقط في البئر شيء صغير ، فمات فيها ، فانزح منها دلاء - الرواية - )
[3]
باعبتار أنّ أقلّ محتملات الدِلاء ثلاثة .
وفيه:
أوّلًا: ما عرفته سابقًا من أنّ دِلاء جمع كثرة لا جمع قلة .
وثانيًا: أنّه موقوف على كون الحيّة لها نفس سائلة ، وهو غير ثابت .
وثالثا: أنّه مقيّد بصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة ، عن أبي عبد الله ع قال : ( إن سقط في البئر دابة صغيرة ، أو نزل فيها جُنب ، نُزح منها سبع دلاء)
[4]
باعتبار أنّ الدابة الصغيرة تشمل الحيّة ، ولكنّك عرفت أنّ الحيّة لم يثبت أنّ لها نفسًا سائلة ، فلا تكون مِيتتها نجسة ، والله العالم .
قال المصنف:
( وللوزغة والعقرب ، وقيل : يُستحب لهما )
( وللوزغة والعقرب ، وقيل : يُستحب لهما )
ذهب جماعة كثيرة من الأعلام إلى وجوب نزح الثلاث لموت الوزغة ، والعقرب ، في البئر ، وفي "السرائر" نفى الخلاف عن الوجوب بموتهما ، وفي المقابل ذهبت جماعة أخرى إلى الاستحباب منهم المحقق في "المعتبر" ، والعلّامة في "القواعد" .
أدلة الوجوب
وقد يُستدل لمن ذهب إلى الوجوب ببعض الأخبار :
منها: صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة قال: ( سألت أبا عبد الله عن الفأرة ، والوزغة ، تقع في البئر ، قال :يُنزح منها ثلاث دلاء )
[5]
، ومثلها صحيحة عبد الله بن سنان.
ومنها: خبر هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله قال: ( سألته عن الفأرة ، والعقرب ، وأشباه ذلك ، تقع في الماء ، فيخرج حيًّا ، هل يُشرب من ذلك الماء ، ويتوضأ منه ؟ ، قال : يُسكب منه ثلاث مرات ، وقليله ، وكثيره ، بمنزلة واحدة ، ثمّ يُشرب منه ، ويتوضأ منه ، غير الوزغ ، فإنّه لا يُنتفع بما يقع فيه )
[6]
ويرد عليه
أولا: ولكنّه ضعيف لعدم ثبوت وثاقة يزيد بن إسحاق ، وتوثيق العلّامة له ، وكذا الشهيد الثاني ، غير مفيد ، وغير داخلين تحت حجيّة خبر الواحد ، لابتناء توثيقاتهما على الحدس
وثانيًا: أنّه دال على نفي الانتفاع بما يقع فيه الوزغ ، مع أنّ الوزغة ، وكذا العقرب ، ميتتهما طاهرة ، لأنّهما لا نفس لهما سائلة .
هذا
، وقد حُملت صحيحة معاوية بن عمار ، وكذا صحيحة ابن سنان ، على الاستحباب للاتفاق
على طهارة ميتة ما لا نفس له سائلة ، فلا موجب للنزح ، ولبعض
الأخبار تأتي إن شاء الله
، وقد حُملت صحيحة معاوية بن عمار ، وكذا صحيحة ابن سنان ، على الاستحباب للاتفاق
على طهارة ميتة ما لا نفس له سائلة ، فلا موجب للنزح ، ولبعض
الأخبار تأتي إن شاء الله
[1] - الوسائل باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 3
[2] - الوسائل باب 18 من أبواب الماء المطلق ح 3
[3] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 6
[4] - الوسائل باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 1
[5] - الوسائل باب 19 من أبواب الماء المطلق ح 2
[6] - الوسائل باب 19 من أبواب الماء المطلق ح 5