< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ لوغارت ثم عادت
 قال المصنف:

( ولو غارت ، ثم عادت ، فلا نزح )

[1]
 هذا هو المعروف بين الأعلام ، قال المصنّف في "الذكرى" : ( يسقط النزح بغور الماء سواء أكان نزحًا مستوعبًا أم لا،فلو عاد لم يجب للعفو عن الحمْأة، وعدم معرفة كون العائد هو الغائر) [2] .
 

أقول: لا إشكال في سقوط النزح بغور الماء فيما إذا كان المقدر فيه نزح الجميع ، لأنّ المقصود إذهاب الماء بأي طريق حصل .
  وأمّا إذا كان المقدّر فيه نزح البعض فلا دليل حينئذٍ على كفاية ذهاب المقدّر بغير النزح ، بل تقدّم أنّ مقتضى إطلاق الأخبار هو الاقتصار على العدد المذكور ، فلو أخرجه بآلة تسع العدد المذكور فالأقرب عدم الإجزاء .
  والخلاصة

أنّه إذا كان المقدر فيه نزج الجميع فيكتفى بغور الماء
  لكن قد يُستشكل بأنّ العائد وإن لم يكن هو الغائر إلّا أنّه يتنجس بأرض البئر حيث إنّها لم تطهر بغور الماء إذا القدر المتيقن من طهارتها ، والعفو عنها ، هو بعد تمام النزح لا بغيره .
 

وفيه:
 أولا: أنّ من التزم بكفاية الغَور يلزمه طهارة أرض البئر.
 وثانيا: أنّه لو التزمنا بنجاسة أرض البئر إلّا أنّها تطهر بالنبع ، لأنّ المتنجّس ، المتصل بالمادة ، يطهُر كما تقدّم سابقًا ، وقد تطهر أيضًا بغير الماء النابع ، كما لو أشرقت عليه الشمس ، أو أصابها المطر ، والله العالم .
 قال المصنف:

( وبطهرها يطهر المباشر ، والدلو ، والرشا )

[3]
 لا إشكال في طهارة تلك الأمور للتبعية ، وكذا كل ما يتعلق بها من الأمور اللازمة ، كالحبل وثياب النازح ، وقد عرفت طهارة حواشي البئر ، وأرضها .
 كلّ ذلك بحصول العُسر ، والحرج ، بدون القول بالطهارة ، مع أنّه لم يُؤمر في شيء من الأخبار بتطهير شيء من ذلك .
  قال المصنّف في "الذكرى" : ( الظاهر طهارة المباشر ، والدلو ، والرشا ، لعدم أمر الشارع بالغسل ، ولأنّ استحباب النزح مشروع ، ومن المعلوم عدم اشتراط غسل الدلو قبله ... ) [4] .
 قال المصنف:

( ولو شك في تقدم الجيفة فالأصل عدمه )

[5]
 لا إشكال في المسألة ، قال المصنّف في "الذكرى" : ( يُحكم بنجاسة البئر عند وجود المنجّس وإن تغيّرت بالجيفة ، لأصالة عدم التقدّم ، ولقول الصادق ع في الفأرة المتفسّخة في إناء استعمله ( لعلّها سقطت تلك الساعة ....) [6] .
  ذكرنا سابقًا هذه الموثقة وغيرها ، فراجع ، وقد عرفت أنّ الآخر كما ذكره رحمه الله ،والله العالم.
 قال المصنف:

( ولا يلحق بول المرأة ببول الرجل خلافًا لابن إدريس )

[7]
 المعروف بين الأعلام عدم إلحاق بول المرأة ببول الرجل ، وخالف في ذلك ابن إدريس مع نصّه على عدم الفرق بين الصغيرة والكبيرة ، ووافقه على ذلك العلّامة في "التحرير" .
  واستدل ابن إدريس لذلك بـ ( الأخبار المتواترة من الأئمة الطاهرة بأن ينزح لبول الإنسان أربعون دلوا ... ) .
  وفيه: ما عرفته سابقًا من أنّ الموجود في الأخبار - بالنسبة لبول الرجل الذي يُنزح له أربعون - رواية علي بن أبي حمزة ، وهي ضعيفة كما تقدّم ، ولا يوجد في الأخبار عنوان بول الإنسان .
  نعم الروايات الواردة في المقام مطلقة ، حيث لم تقيّد فيها البول بكونه بول الإنسان ، كصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة ، المتضمنة لنزح البئر كلّه إذا صُبّ فيه البول ، وصحيحة محمد بن إسماعيل المتقدّمة أيضًا ، المتضمنة لنزح دلاء لقطرات من البول ، فلا مانع من العمل بهما
 بالنسبة لبول المرأة ، فلا فرق حينئذٍ بين بول المرأة ، فإذا كان البول كثيرًا فينزح البئر كله ، وإن كان قليلًا فينزح دلاء ، والله العالم .
  قال المصنف:

( والنزح بعد إخراج النجاسة أو عدمها )

[8]
 والمراد بعدمها أي استهلاكها ، والحكم في المسألة اتفاقي ، كما في "كشف اللثام" و"المنتهى" ، والسرّ في ذلك واضح ، إذ ما دامت في البئر يقع النزح عبثًا .
 ويدلّ عليه أيضًا صحيحة الفُضلاء المتقدّمة ( في البئر تقع فيها الدابة ، والفأرة ، والكلب ، والخنزير ، والطير ، فيموت ، قال : يخرج ، ثمّ يُنزح من البئر دلاء ، ثمّ اشرب منه وتوضأ ) [9]
 
 نعم إذا كانت النجاسة موجبة لنزح الجميع ، وأمكن نزحه ، فالظاهر حينئذٍ عدم وجوب إخراج النجاسة ابتداء ، كما هو واضع .
  ثمّ إن ما ذكرناه أوّلًا من أنّ النزح - بعد إخراج النجاسة أو عدمها - إنّما هو على القول بنجاسة البئر بالملاقاة ، وأمّا إذا قلنا بأنّ النزح تعبّدًا كما هو الصحيح فلا يجب إخراجها حينئذٍ ، وهو واضح .
 
 قال المصنف:

( ولو تمعّط الشعر فيها كفى غلبة الظن بخروجه ، وإن كان شعرا نجسًا )

[10]
 إذا انتشر الشعر في البئر فيجب النزح حتى يعلم أنّه ليس فيها شيء ، ولا يكفي الظن بعدم وجوده في البئر ، لعدم حجّيته ، خلافًا للمصنّف هنا ، وفي "الذكرى" ، حيث اكتفى بحصول الظن بالخروج ، قال في "الذكرى" : ( لو تمعّط الشعر في الماء نزح حتى يظن خروجه إن كان شعر نجس العين - إلى أن قال : - ولو كان شعر طاهر العين أمكن اللحاق ، لمجاورته النجس مع الرطوبة ، وعدمه لطهارته في أصله ، ولم أقف في هذه المسألة على فتيا لمن سبق منا ... ) [11] .
  أقول: مقتضى القاعدة أنّ ما ذكر في الشعر النجس يجري على سائر النجاسات غير المستهلكة ، وكذا يجري في المتنجسات كالشعر المتنجس ، لأنّ الملاك واحد ، فلا وجه للتردد في الشعر المتنجس .
 قال المصنف:

(ولو استمر خروجه استوعب )

 إذا استمر خروج الشعر من البئر نزح الجميع ، وهو المراد بالاستيعاب في كلام المصنّف ، ووجه الحكم واضح .
 قال المصنف:

( فإن تعذر واستمر عطلت حتى يُظن خروجه أو استحالته )

 اعلم أنّه إذا تعذّر نزح الجميع لم يكن التراوح ما دام الشعر النجس ، أو المتنجس ، بل تبقى معطّلة حتى يعلم بخروج الشعر ، أو استحالته ، ولا يكفي الظنّ لما عرفت ، وروى العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله ( في بئر محرج ، فوقع فيه رجل ، فمات فيه ، فلم يمكن إخراجه من البئر أيُتوضأ في تلك البئر ؟ ، قال : لا يُتوضأ فيه ، تُعطل ، وتُجعل قبرًا ، وإن أمكن إخراجه أُخرج وغسّل ، ودفن ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حرمة المرء المسلم ميتا كحرمته وهو حيّ ، سواء ) [12]
  .
 ولكنّه ضعيف بذُبيان ابن حكيم ، فإنّه مهمّل ، وبالعلاء بن سيابة ، فإنّه مجهول ، أضف إلى ذلك أنّه لم يتعرض فيه للنزح فيما إذا أمكن إخراجه .


[1] - الدروس ج 1 ص 120
[2] - ذكرى الشيعة ج 1 ص 92
[3] - الدروس ج 1 ص 120
[4] - ذكرى الشيعة ج 1 ص 91
[5] - الدروس ج 1 ص 120
[6] -- ذكرى الشيعة ج 1 ص 99
[7] - الدروس ج 1 ص 120
[8] - الدروس ج 1 ص 120
[9] - الوسائل باب17 من أبواب الماء المطلق ح5 .
[10] - الدروس ج 1 ص 120
[11] - ذكرى الشيعة ج 1 ص 99
[12] - التهذيب 1/465 ح1522 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo