الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/03/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء البئر\ المستعمل في الوضوء طهور
الدرس 18
قال المصنف:
( المستعمل في الوضوء طهور )
( المستعمل في الوضوء طهور )
قال في "المدارك": ( هذا الحكم إجماعي عندنا ... ) ، وفي "الجواهر" ( إجماعًا تحصيلًا ومنقولًا نصًّا وظاهرًا ، وسنّة ، عمومًا وخصوصًا ... ) .
أقول: يدل على كون المستعمل في الوضوء طاهرًا - مضافًا للتسالم بين الأعلام - العمومات الدّالة على طهارة الماء ، مالم يعلم أنّه قذر .
ويدلّ على مطهّريته من الحدث - مضافًا للتسالم أيضًا - معتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال: ( لا بأس بأن يُتوضأ بالماء المستعمل ؟ ، فقال : الماء الذي يُغسل به الثوب ، أو يغتسل به الرجل من الجنابة ، لا يجوز أن يُتوضأ منه ، وأشباهه ، وأمّا الذي يتوضأ الرجل به ، فيغسل به وجهه ، ويده ، في شيء نظيف ، فلا بأس أن يأخذه غيره ، ويتوضأ به )
[1]
(1)
والرواية معتبرة ، أو موثقة ، فإنَّ أحمد بن هلال ثقة عندنا ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - المزيد من الكلام حول هذه المعتبرة في مبحث المستعمل في رفع الحدث الأكبر .
ويدلّ عليه أيضًا معتبرة زرارة عن أحدهما قال: ( كان النبي صلى الله عليه وآله إذا توضأ أُخِذ ما يسقط من وضوئه ، فيتوضؤن به )
[2]
ولا إشكال فيها من حيث السند ، إلَّا من جهة أحمد بن هلال ، وقد عرفت أنّه ثقة .
وبالجملة
لا إشكال في المسألة عندنا ، من حيث كونه طاهرًا ومطهّرًا من الحدث ، والخبث .
لا إشكال في المسألة عندنا ، من حيث كونه طاهرًا ومطهّرًا من الحدث ، والخبث .
نعم حُكي عن أبي حنيفة أنّه حكم بأنّه نجس نجاسة مغلّظة ، حتّى أنّه إذا أصاب الثوب أكثر من درهم لم تجزِ الصلاة به ، وعن أبي يوسف أنّه نجاسة مخفّفة ، فيجوز الصلاة به .
قال المصنف:
( وكذا في الأغسال المسنونة )
( وكذا في الأغسال المسنونة )
ففي "الحدائق" ( نفى جملة من المتأخرين الخلافَ عن المستعمل في الأغسال المندوبة ، ونُقل ذلك أيضًا عن الشيخ في "الخلاف" ... )
وقال العلّامة رحمه الله في "القواعد": ( والمستعمل في الأغسال المندوبة مطهّر إجماعًا ) .
أقول: يدلّ عليه - مضافًا للتسالم بين الأعلام - العموماتُ المذكورة .
ثمّ إنّ المصنّف رحمه الله حكى فيما يأتي عن الشيخ المفيد رحمه الله ( أنّه استُحِبّ التنزّه عن مستعمِل الوضوء ) ، وظاهر كلام المفيد رحمه الله في "المقنعة" قد يُشعِر باستحباب التنزّه عن ماء الأغسال المستحبة ، بل والغسل المستحب ، كغَسل اليد للأكل ، وأنكر الأعلام ذلك عليه ، وقالوا : لم نقف له على دليل من الأخبار ، بل معتبرة زرارة المتقدّمة دلّت على خلافه ، ولكنّ الشيخ البهائي رحمه الله في "الحبل المتين" استدل له بخبر محمد بن علي بن جعفر عن أبي الحسن الرضا في حديث قال: ( من اغتسل من الماء الذي قد اغتُسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومنّ إلّا نفسه )
[3]
.
ووجه الاستدلال فيه أنّ الماء الذي قد اغتُسل فيه مطلَق يشمل الغسل الواجب ، والمندوب .
ويرد عليه:
أوّلًا: أنّه ضعيف ، بجهالة كلّ من محمد بن سالم ، وموسى بن عبد الله بن موسى ، ومحمد بن علي بن جعفر وثانيًا: أنّه وإن كان ظاهرًا في كراهة الاغتسال ممّا اغتُسل فيه مطلقًا إلَّا أنّ ذيله ، وكذا التعليل بإصابة الجُذام يدلّ على أنّ مورد الخبر إنّما هو ماء الحمام ، قال في الذيل : ( فقلت لأبي الحسن : إنّ أهل المدينة يقولون : إنّ فيه شفاء من العين ، فقال : كذبوا ، يغتسل فيه الجُنب من الحرام ، والزاني، والناصب الذي هو شرّهما، وكلّ من خلق الله ، ثمّ يكون فيه شفاء من العين ! ) .
وعليه فظاهر الخبر كراهة الاغتسال من ذلك الماء ، من حيث كونه ماء الحمام الذي يغتسل منه هؤلاء المعدودون ، ولا يدلّ على كراهة مستعمل الأغسال مطلقًا ، ولو سلّمنا دلالته على كراهة مستعمل الأغسال مطلقًا إلّا أنّه لا يدلّ على كراهة مستعمل الوضوء ، والله العالم .
[1] - الوسائل باب9 من أبواب الماء المضاف ح13
[2] - الوسائل باب8 من أبواب الماء المضاف ح1
[3] - الوسائل باب11 من أبواب الماء المضاف ح2 .