الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/03/30
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر\الروايات
كان الكلام في صحيحة علي بن جعفر
والشاهد قوله ع في الذيل : ( وإن كان في مكان واحد ، وهو قليل ... ) ، فإنّه ظاهر جدًّا ، إن لم يكن صريحا ، في جواز الاغتسال بالمستعمل في رفع الحدث الأكبر .
ثمّ لا يخفى أنذ قوله في صدر الصحيحة : ( إذا كان لا يجد غيره ، والماء لا يبلغ صاعًا ... ) وإن كان بحسب الظاهر مختصًّا بصورة الاضطرار ، إلَّا أنّه يمكن تعميمه لصورة غير المضطر ، وذلك بالنظر إلى ذيل الصحيحة ، حيث قال : ( فلا عليه أن يغتسل ، ويرجع الماء فيه ) ، لأنّه إذا فرض وجود الماء بمقدار غسل بعض الأعضاء ، ورجوع الغسالة إلى الساقية أو المستنقع ، فمعنى ذلك أنّ الماء الموجود يكفي لغسل بدنه بتمامه ، وذلك بأن يبلل يده ، ويمسح بها سائر جسده ، على وجه يحصل به أقلّ مسمّى الغسل ، وهو المعبذر عنه في الأخبار بالإدهان ، وليس
المراد من المسح في الصحيحة إلّا هذا المعنى ، لا المسح الحقيقي المقابل للغسل ، وهذه الكيفية من الغسل تجزي في حال الاختيار ، وممّا ذكرنا يتضح المراد من قوله ع : ( وهو قليل ، لا يكفيه لغسله ) ، فإنّ المراد منه هو عدم الكفاية لغسله بحسب المتعارف ، الذي هو صبّ الماء على البدن واستيعابه لتمام البدن بنفسه ، لا بإعانة اليد ، ونحوها ، وممّا ذكرنا يتضح أيضًا المراد من قوله ع : ( وإن كان الوضوء غسل وجهه ، ومسح يده على ذراعيه ... ) إذ المراد من المسح هو مسمّى الغسل المعبّر عنه الإدهان .
وأمّا قوله ع : ( إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفًّا من الماء بيد واحدة ، فلينضحه خلفه ، وكفًّا عن أمامه ، وكفًّا عن يمينه ... ) فقد عرفت المراد منه ممّا ذكرناه في رواية ابن مسكان المتقدّمة ، فراجع .
والخلاصة إلى هنا أنّ القول بالجواز هو الأقوى .
تنبيه: فضل الماء الذي يتطهر منه ، سواء أكان بعد تمام التطهير أم لا ، ليس من الماء المستعمل في رفع الحدث ، ولا إشكال بينهم في جواز رفع الحدث به .
واستُدل لذلك - بعد التسالم بين الأعلام - بعدّة أخبار :
منها: مرسلة الفقيه قال: ( وسئل علي أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحبّ إليك ، أو يتوضأ من ركو أبيض مخمّر ؟ ، فقال : لا ، بل من فضل وضوء جماعة المسلمين ، فإنّ أحبّ دينكم إلى الحنفية السمحة السهلة ...)
[1]
ولكنّها ضعيفة بالإرسال .
ومنها: الروايات المتقدّمة المتضمّنة لاغتساله صلى الله عليه وآله مع زوجته من إناء واحد ، وفيها الصحيح ، وغيره ، فراجع ، ولكنّ هذه الروايات دالّة على جواز استعمال الفضل قبل التمام ، لا بعده .
ومنها: ما عن الغوالي ، عن ابن عباس قال: ( اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله في جفنة ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتوضأ منها ، فقالت : يا رسول الله ! ، إنّي كنت جنبًا ! ، فقال صلى الله عليه وآله : إنّ الماء لا يُجنِب )
[2]
وهي ضعيفة بالإرسال .
ومنها: ما عن ميمونة قالت: ( أجنبت أنا ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فاغتسلت
من جفنة ، وفضلت فيها فضلة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل ، فقلت : يا رسول الله ! ، إنّها فضلة مني ، أو قالت : اغتسلت ، فقال عليه السلام : ليس الماء جنابة )
[3]
ولكنّها ضعيفة بعدّةٍ من المجاهيل ، والله العالم بحقائق أحكامه .
[1] - الفقيه1 : 9/16 .
[2] - غوالي اللآلئ 1 : 166/177 .
[3] - الوسائل باب7 من أبواب الأسآر ح6 .