< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المضاف\ كيفية تطهيره
 كان الكلام في كيفية تطهير الماء المضاف وذكرنا ثلاثة أقوال
 القول الرابع: ما ذهب إليه العلّامة في "المنتهى" و"القواعد" ، من أنّه يطهر باختلاطه بالكثير وإن تغير أحد أوصاف المطلق ، بل وإن سُلب عنه الإطلاق ، لكن في الصورة الثانية يزول عنه حكم الطَهورية لا الطهارة ، ويصير في حكم المضاف ، فينجس بملاقاة النجاسة ، وعلّل بأنّ بلوغ الكرّية سبب لعدم الانفعال إلّا مع التغيّر بالنجاسة ، فلا يؤثر المضاف في تنجّسه باستهلاكه إيّاه ، لقيام السبب المانع ، وليس ثمّة عين نجسة تقتضي التنجس .
  وأُجيب: بأنّ بلوغ الكرِّيَّة وصف للماء المطلق ، وإنّما يكون سببًا لعدم الانفعال مع وجود موصوفه ، ومع استهلاك المضاف للمطلق ، وقهره إيّاه ، يخرج عن الاسم ، فيزول الوصف الذي هو السبب لعدم الانفعال ، فينفعل حينئذٍ ولو بالمتنجس ، كسائر أقسام المضاف ، ولا يخفى أنّ هذا الجواب إنّما يتمّ لو تمسّك باستصحاب النجاسة .
  وبيانه: أنّ المضاف الذي كان نجسًا قبل الاختلاط لم يُعلم نجاسته حينئذٍ بعد الاختلاط لأنّ نجاسته قبل الاختلاط بالتسالم ، ولا تسالم فيما نحن فيه ، لتحقق الخلاف في طهارته ، فلم يبقَ إلّا الاستصحاب ، أي نستصحب النجاسة إلى صيرورة المطلق مضافًا ، وحينئذٍ ينجس به ، ولكنّك عرفت أنّه من استصحاب الأحكام الكليّة ، ولا يجري فيه الاستصحاب للمعارضة .
  القول الخامس: هو ما اختاره العلّامة في "النهاية" و"التذكرة" و"المختلف" ، من تطهيره باختلاطه بالكثير ، بشرط أن لا يخرج عن الإطلاق ، وإن تغيّر أحد أوصافه ، وهو ظاهر المصنّف هنا ، وفي "الذكرى" ، كما أنّه ظاهر المحقّق والشهيد الثانيين .
  وقد يُستدل لهذا القول :
  أمّا على بقاء الإطلاق فلأنّ المضاف يتوقف تطهيره على شيوعه في المطلق ، بحيث يُستهلك ، وهذا لا يتمّ بدون بقاء المطلق على إطلاقه ، وإذا لم يحصل الطهارة للمضاف ، وصار المطلق - بخروجه عن الاسم - قابلًا للانفعال ، فلا جرَم تنجّس الجميع .
  وأمّا على عدم تأثير تغيّر أحد الأوصاف به ، فلأن الأصل في الماء الطهارة ، والدليل إنّما دلّ على نجاسته مع التغيّر بالنجاسة ، وهنا تغيّر بالمتنجّس لا بالنجس .
  وفيه: أمّا ما ذكره أخيرًا فهو في غاية الصحة والمتانة ، إذ لا دليل على تنجّسه بالتغيّر بأوصاف المتنجّس ، وأمّا ما ذكره أوّلًا من أنّه إذا لم يحصل الطهارة للمضاف ، وصار المطلق بخروجه ... إلخ فلا يخفى ما فيه ، إذ لا موجب لتنجّسه إلّا استصحاب النجاسة ، وقد عرفت أنّه لا يجري في الأحكام الكليّة ، وعليه فالأصل هو الطهارة .
  القول السادس: ما حكاه المصنّف عن العلّامة قال في "الذكرى" : ( وطهره في المبسوط بأغلبيّة كثير - إلى أن قال : - والفاضل جمال الدين تارة بزوال الاسم وإن بقي الوصف ، لأنّه تغيّر بجسم طاهر في أصله ، وتارة لمجرد الاتصال وإن بقي الاسم ، لأنّه لا سبيل إلى نجاسة الكثير بغير تغيّر النجاسة وقد حصل ، والثاني أشبه ) [1] .
  وفيه:
 أوّلًا: أنّه لا يظهر من العلاقة أن طهر المضاف يحصل بمجرد الاتصال وإن بقي الاسم .
 وثانيا: على فرض صحة ما نسب إليه إلّا أنّه لا دليل عليه .
 وأما ما في معتبرة السكوني عن أبي عبد الله قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله الماء يطهر ولا يطهر ) [2]
  ففيه: أنّه لا إطلاق له في كيفية التطهير ، وأنه يكفي مجرد الاتصال أم لا .
 
 قال المصنف:

( ولا يرفع حدثًا خلافا لابن بابويه ، ولو اضطر إليه تيمّم ، ولم يستعمله خلافًا لابن عقيل )

 المشهور بين الأصحاب أنّه لا يرفع حدثًا أكبر أو أصغر ، اختيارًا أو اضطرارا ، بل ادّعى جماعة من الأعلام الإجماع على ذلك ، خلافًا للشيخ الصدوق ، حيث جوّز الطهارة بالمضاف مطلقًا عند فقد الماء .
  وقد يُستدل لما ذهب إليه المشهور بعدّة أدلّة :
  منها: الإجماع المدّعى من جماعة من الأعلام ، منهم المحقّق .
  وفي "الذكرى" : ( يدفعه - أي قول الصدوق - سبق الإجماع وتأخّره ، ومعارضة الأقوى ) [3] وفي "السرائر" ( ولا يرفع به نجاسة حكميّة بغير خلاف بين المحصّلين ) [4] ومراده بالنجاسة الحكميّة رفع الحدث .
  وفيه: ما عرفت من أن الإجماع المنقول بخبر الواحد إنما يصلح للتأييد لاسيّما مع احتمال استناد المجمعين إلى بعض الأدلّة التي سنذكرها فيكون إجماعًا يحتمل فيه المدركيّة ولا يكون إجماعًا تعبديًّا كاشفًا عن رأي المعصوم .
 
 والحمد لله رب العالمين


[1] - ذكرى الشيعة ج1 ص 72
[2] - الوسائل باب 1 من أبواب المضاف ح 6
[3] - ذكرى الشيعة ج1 ص 71
[4] - السرائر ج 1 ص 49

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo