< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المضاف\ أدلة عدم رفعه الحدث
 كان الكلام في أدلة المشهور على أن ماء المضاف لا يرفع حدثا وذكرنا الدليل الأول
 الدليل الثاني: قوله تعالى { فلم تجدوا ماءً فتيمّموا } حيث أوجب التيمم عند فقد الماء المطلق ، لأنّ الماء حقيقة فيه ، واللفظ يحمل على حقيقته ما لم تكن قرينة على الخلاف ، ولو كان الوضوء جائزًا بغير الماء لم يجب التيمم عند فقده ؛ وهذا أحسن دليل في المقام .
 الدليل الثالث: خبر أبي بصير عن أبي عبد الله ( في الرجل يكون معه اللبن ، أيتوضأ منها للصلاة ؟ ، قال : لا ، إنّما هو الماء ، والصعيد ) [1] (1)
 وهو تام ادلالة حيث حصر الوضوء بالماء ، ولاصعيد ، ولكنه ضعيف بياسين الضرير ، فإنه غير موثق .
 الدليل الرابع: قوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا } فإنّه تعالى ذكر الماء هنا في معرض الامتنان على العباد ، فلو حصلت الطهارة بغيره لكان الامتنان بالأعمّ أوّلى .
  وفيه: أنّه يجوز أن يخصّ أحد الشيئين الممتنّ بهما بالذكر ، لكونه أبلغ وأكثر وجودًا ، وأعمّ نفعا ، وقد تقرّر أنّ التخصيص بالذكر لا ينحصر في التخصيص بالحكم .
  الدليل الخامس: وأمّا دليل الشيخ الصدوق فهو خبر محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن قال: ( قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ، ويتوضأ به للصلاة ؟ ، قال : لا بأس بذلك ) [2]
 ولكنّه ضعيف بسهل بن زياد ، ونقل الشيخ الصدوق أنّ محمد بن الوليد لا يعتمد على حديث محمد عيسى عن يونس ، واستثنى الصدوق ما انفرد به أيضًا .
  وفيه: ما قد عرفت ، وقد تقدّم أنّ السرّ في عدم اعتماد ابن الوليد على حديث محمد بن عيسى عن يونس هو أنّ ابن عيسى كان صغيرَ السنّ عن أخذ الحديث عن يونس ، فلا يعتمد على فهمه عند القراءة ، ولا على إجازة يونس له .
  ومهما يكن فقد أجبنا عن هذه الشبهة سابقًا ، ولولا ضعف الخبر بسهل لاعتبرنا هذا الحديث .
  وأجاب الشيخ في "التهذيب" عن هذا الخبر : ( بأنّه شاذّ شديد الشذوذ وإن تكرر في الكتب ، والأصول ، فإنّما أصله يونس عن أبي الحسن ، ولم يروه غيرُه ، وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره ، وما يكون هذا حكمه لا يعمل به ... ) [3]
 ولكنّك عرفت أنّ مجرد شذوذ الخبر لا يكون طعنًا فيه ، كما أنّ إعراض المشهور لا يوجب الوهن لو كان الخبر صحيحًا ، نعم يمكن تأويله بإرادة الماء الذي وقع فيه الورد ، ولم يسلبه الإطلاق ، أو كان مجاورًا للورد ، أو يُراد بالتوضأ التحسين والتطيّب للصلاة ، ويمكن أن يُراد به الاغتسال لذلك أيضًا ،
 ويحتمل بعيدًا أن يُقال : الوِرد بكسر الواو ، أي ما ورد منه الدواب ، وهو مظنّة للسؤال ، لاحتمال أنّ الوضوء يحتاج إلى ماء خالٍ عن ذلك .
  وأمّا ما رُوي من أنّ النبي صلى الله عليه وآله توضّأ بالنبيذ ، كما في رواية عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين ع قال: ( إذا كان الرجل لا يقدر على الماء ، وهو يقدر على اللبن ، فلا يتوضأ باللبن ، إنما هو الماء أو اليمم ، فإن لم يقدر على الماء ، وكان نبيذ فإنّي سمعت حريزًا يذكر في حديثٍ أنّ النبي صلى الله عليه وآله قد توضّأ بنبيذ ، ولم يقدر على الماء ) [4] (1)
 فأجاب عنه الشيخ في "التهذيب" بقوله : ( فأوّل ما في الخبر أنّ عبد الله بن المغيرة قال : عن بعض الصادقين ، ويجوز أن يكون من أسنده إليه غير إمام ، وأن يكون اعتقد فيه أنّه صادق على الظاهر ، فلا يجب العمل به .
  والثاني

: أنّه أجمعت العصابة على أنّه لا يجوز الوضوء بالنبيذ ، فسقط أيضًا الاحتجاج به من هذا الوجه ، ولو سلم من هذا كله كان محمولًا على الماء الذي طُيِّب بتُمَيرات طُرِحن فيه
 الثالث : ولو سلم من هذا كله - من قال أن النبيذ هو النبيذ بل المراد به شيء آخر - كان محمول على الماء الذي طيب بتميرات طرحنا فيه إذا كان الماء مرا ولم يبلغ حدا يسلبه اسم إطلاق الماء لان النبيذ في اللغة هو ما ينبت فيه الشيء والماء المر إذا طرح فيه التمر جاز أن يقال عنه نبيذا ) [5]
 
 والحمد لله رب العالمين


[1] - الوسائل باب1 من أبواب المضاف ح1 .
[2] - الوسائل باب 3 من أبواب المضاف ح1 .
[3] - التهذيب ج1 ص 219
[4] - الوسائل باب 2 من أبواب المضاف ح1 .
[5] - التهذيب ج1 ص 219

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo