< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المضاف\ مزجه بالمطلق
 قال المصنف: ( ولو مزج المضاف بالمطلق ، موافقا له في الصفات ، اعتُبرت المخالفة المقدّرة ، والشيخ : يعتبر حكم الأكثر ، فإن تساويا استعمل ، وابن البراج يَطرح)
 لو مزج المضاف مسلوب الصفات - كمنقطع الرائحة من ماء الورد - بالمطلق ، فعن الشيخ أنّه إن كان المطلق أكثر صحَّ الوضوء به ، وإن كان المضاف أكثر لم يصحَّ ، وإن تساويا فالجواز أيضًا للأصل ، وعن ابن البراج المنع للاحتياط
 وقال العلّامة في المختلف - بعد نقل قولَيهما - : ( والحقّ عندي خلاف القولَين معًا ، وأنّ جواز التطهير به تابع لإطلاق الاسم ، فإن كانت الممازجة أخرجته عن الإطلاق لم يجزِ الطهارة به ، وإلّا جاز ، ولا اعتبر في ذلك المساواة ، والتفاضل ، فلو كان ماء الورد أكثر ، وبقي إطلاق اسم الماء ، أجزأت الطهارة به ، لأنّه امتثل المأمور به ، وهو الطهارة بالماء المطلق ، وطريق معرفة ذلك أن يُقدّر ماء الورد باقيًا على أوصافه ، ثمّ يعتبر ممازجته حينئذٍ ، فيحمل عليه منقطع الرائحة ) [1] .
  ووافقه المصنّف هنا ، والمحقق الكركي في بعض فوائده ، ووجهه بأنّ الحكم لَمَّا كان دائرًا مع بقاء اسم الماء مطلقا - وهو إنّما يعلم بالأوصاف - وجب تقدير بقائها قطعًا ، كما يُقدّر الحرّ عبدًا في الحكومة .
  ويرد على كلام العلّامة ، ومَن تبعه ، أنّه لا دليل على اعتبار التقدير ، بل المدار على الصدق العرفي ، من غير اعتبار قلّة الممزوج ، وكثرته ، فإذا صدق عند العرف أنّه ماء مطلق فتلحقه أحكامه وإن كانت كمية المضاف الممزوجة أكثر من ماء المطلق
 وأمّا ما ذكره المحقّق الكركي - من أنّ بقاء الاسم يعلم بالأوصاف ....إلخ - فيرد عليه أنّه لا دليل على انحصار العلم بها ، بل قد يُعلم بدونها ، وهو الصدق العرفي ، وأمّا حديث تقدير الحرّ عبدًا في الحكومة ، كما لو جرح الإنسان إنسانًا جرحًا لا تقدير له شرعًا فيفرض الحرّ عبدًا ، ويقوّم مرّة صحيحًا ، وأخرى معيبًا ، ثمّ يُؤخذ ما به التفاوت - وهذا هو الحكومة - فهو ثابت لثبوت موضوعه ، ولا يقاس به ما نحن فيه ، وتفصيله في محلّه - إن شاء الله تعالى - .
  ثمّ إنّه على تقدير اعتبار المخالفة فهل تُعتبر الأوصاف في نهاية الشدّة ، أو نهاية الضعف ، أو الوسط ، جزم المصنّف ¬ في الذكرى بالأخير ، حيث قال: ( فحينئذٍ يُعتبر الوسط في المخالفة ، فلا يُعتبر في الطعم حدّة الخلّ ، ولا في الرائحة ذكاء المسك ، وينبغي اعتبار صفات الماء في العذوبة ، والرقّة ، والصفاء ، وأضدادها ، ولا فرق هنا بين قلّة الماء وكثرته ) [2] .
  ووجّه المحقّق الكركي اعتبار الوسط بأنّه بعد زوال تلك الأوصاف صارت هي ، وغيرها ، على حدّ سواء ، فيجب رعاية الوسط ، لأنّه الأغلب ، والمتبادر عند الإطلاق .... ، وفيه ما لا يخفى .
  وقد مرّ نظير المسألة في الماء المطلق الملاقي للنجاسة المسلوبة الأوصاف ، أو الموافقة للماء ، فراجع ، فإنّه مهمّ ، والله العالم بحقائق أحكامه .
 قال المصنف: ( ويطهر الخمر بالخليّة وإن عولج ، إذا كان بطاهر ، والعصير المشتدّ بها وبذهاب ثُلُثَيه بالغليان1، والمرَق المنجَّس بقليل الدم يطهر بالغليان في المشهور ، واجتنابه أحوط )
 المعروف أنّ الخمر يطهر بالخَليّة ، وكذا العصير المشتدّ يطهر بالخَليّة أيضًا ، وبذهاب ثلثيه بالغليان ، وسيأتي تفصيل ذلك - إن شاء الله تعالى - في مبحث المطهرات عند قوله : ( ونقص العصير ، وانقلابه ، وانقلاب الخمر ، خلّا )
 ذهب جماعة من الأعلام أكثرهم من المتقدّمين إلى القول بطهارة المرَق المنجَّس بقليل الدم بالغليان ، منهم الشيخ في النهاية ، والشيخ المفيد في المقنعة ، وسلار الديلمي ، والقاضي ابن البراج ، والمحقق الخونساري في مشارق الشموس
 قال الشيخ في النهاية : ( القِدْر إذا كان يغلي على النار فإن حصل فيها شيء من الدم فإن كان قليلًا ثمّ غلى جاز أكل ما فيها ، لأنّ النار يُحيل الدم ، وإن كان كثيرًا لم يجزْ أكل ما وقع فيه ... ).
  وقال المصنّف في الذكرى : ( أمّا غليان القِدر فغير مطهّر وإن كانت النجاسة دما في الأحوط ، والمشهور الطهارة مع قلّة الدم ، للخبر عن الصادق ، والرضا ، صحّحه بعض الأصحاب ، وطعن فيه الفاضل في المختلف بجهالة بعض رواته ويندفع بالمقبولية ، ونسبه ابن إدريس إلى الشذوذ - مع اشتهاره - وإلى مخالفة الأصل من طهارة غير العصير بالغليان ، وهو مصادرة والخبر معلل بأن النار تأكل الدم ، ففيه إيماء إلى مساواة العصير في الطهارة بالغليان ولجريان مجرى دم اللحكم الذي لا يكاد ينفك منه والحمل على دم طاهر بعيد ) .
 


[1] مختلف الشيعة ج 1 ص 239
[2] - ذكرى الشيعة ج 1 ص 74

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo