< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ مزج المطلق بالمضاف\
 كان الكلام في مزج المطلق بالمضاف وعليه: فمراد الشيخ هو ما ذكرناه من عدم وجوب المزج ، ولكن إذا مزج وجب التطهّر به ، ورجّح صاحب الحدائق كلام الشيخ ، كما أنّ المحقق الهمداني في مبحث التيمم اختار عدم وجوب المزج معلّلا ذلك بأنّ العرف والعقلاء لا يعتنون بهذا النحو من القدرة الحاصلة بالمعالجات غير المتعارفة ، فإنّهم لا يرتابون في أنّ تكليف مَن لم يجدِ الماء بقدر الكفاية بالطهارة المائيّة تكليف بما لا يُطاق ، نظير ما لو أمر مَن لم يجد منًّا من الحنطة مثلًا بأن يتصدق بالمنّ من الحنطة على الفقير ، وأنّه قبيح عند العقلاء ، من دون فرق بين مَن لم يجد شيئًا منه ، أو وجد أقلّ من المنّ بمقدار لو مزجه بشيء من التراب ، ونحوه ، مزجًا لا يسلبه إطلاق الاسم لصار منًّا إلى آخر ما ذكره .
  والإنصاف أنّه يجب عليه المزج معيّنًا إن لم يكن له ماء آخر يكفي لطهارته ، وسُرّه أنّ وجوب تحصيل الطهارة المائية يدخل في ضمن مقدمة الواجب ، والفرق بينها وبين مقدمة الوجوب - كالاستطاعة للحج ونحوها - أنّ مقدمة الوجوب لا يجب تحصيلها ، بخلاف مقدمة الواجب فإنّه يجب تحصيلها .
  ومن هنا لو لم يكن عنده ماء أصلًا لوضوئه ، أو غسله ، ولكنّه يمكنه شراءه ، بحيث لا يقع في الحرج ، فلا إشكال عند الأعلام في وجوب الشراء ، أو كان يمكنه تحصيله بحفر بئر فيجب عليه حينئذٍ ، ونظيره ما لو كان عنده مال استطاع به للحج ، ولكن لم تكن الوسيلة حاصلة بالفعل ، فيجب عليه تحصيل الوسيلة ، وتحصيل الزاد وكلّ ما يتوقف عليه الوصول إلى مكّة المكرّمة ، لأنّ هذا الأمور تدخل في ضمن مقدمة الواجب .
  نعم لو لم يكن عنده مال فلا يجب تحصيله لكون الاستطاعة مقدمة وجوب ، وما ذكرناه قاعدة عامة سيّالة في جميع أبواب الفقه .
  وأمّا ما ذكره المحقّق الهمداني من أنّ العرف والعقلاء لا يعتنون بهذا النحو من القدرة فلعلّه من جهة بُعد الفرض ، أو دخول ذلك في الغش ، كما المثال الذي ذكره ، فإنّ خلط المنّ من الحنطة بشيء من التراب ، وإعطائه للفقير في زكاة الفطرة ونحوها ، يعدّ غشًّا محرّمًا وقبيحًا عند العقلاء ، وأين ذلك فيما نحن فيه ؟! .
  والحاصل أنّه يجب تحصيل مقدمة الواجب ، سواء أكان تحصيلها متعارفًا عند الناس ، أم كان غير متعارف ، لندرة الفرض ونحوه ، والله بحقائق أحكامه .
 قال المصنف: ( والسؤر يتبع الحيوان طهارة نجاسة وكراهة )
 السؤر لغة الفضلة والبقية ، قاله في "القاموس" ، أو البقية بعد الشرب كما عن "الجوهري" ، وذكر المحقق الخونساري إنّنا لم نجده في "صحاح الجوهري" ، ولعلّه لم يجده بلفظه ، وإنّما هو متصيّد من كلامه فراجع ، ونقل في كتاب "مجمع البحرين" عن المغرب ، وغيره ، أنّ السؤر هو بقيّة الماء التي يُبقيها الشارب في الإناء ، أو في الحوض ، ثمّ استُعير لبقية الطعام، وفي المجمع أيضا وقد يُقال في تعريفه : السؤر ما باشره جسم حيوان ، وبمعناه رواية ، ولعلّه اصطلاح ، وعليه حملت الأسآر ، كسؤر اليهودي والنصراني وغيرهما ، وفي "كشف اللثام" : وأمّا الأسآر فهي جمع سؤر ، وهو في اللغةِ البقيةُ من كلّ شيء ، أو ما يبقيه المتناول من الطعام والشراب ، أو من الماء خاصّة ، وعلى كلّ فالقلّة مفهومة أيضًا ، فلا يُقال لما يبقى في النهر ، أو البئر ، أو الحياض الكبار ، إذا شرب منها .
  وقد اتّضح لك أن ّكلام أهل اللغة لا يصبّ في معنى واحد، وأمّا في اصطلاح الفقهاء فقال المصنّف في"الذكرى" : هو ما باشره جسم حيوان ، وفي "المدارك"

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo