< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/06/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ الفأرة\ أدلة كراهة سؤرها
 وقد يُستدل على الكرهة ببعض الأخبار :
 منها: حديث المناهي أنّ النبي صلى الله عليه وآله نهى عن أكل سؤر الفأر [1] ، ولكنّه ضعيف كما تقدّم بجهالة الحسين بن زيد ، وشُعيب بن واقد ، كما أنّ إسناد الصدوق إلى شُعيب فيه حمزة بن محمد العلوي ، وهو مهمل ، وعبد العزيز بن محمد بن عيسى الأبهري ، وهو مجهول .
  أضف إلى ذلك أنّ النهي معلّق بالأكل فتعديته إلى الوضوء لا يخلو من بُعد ، وإن أمكن تعديته إلى الشرب بسهولة .
 ومنها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى قال: ( سألته عن الفأرة الرطبة قد وقعت في الماء فتمشي على الثياب أيصلّي فيها ، قال : اغسل ما رأيت من أثرها ، وما لم ترَه أنضحه بالماء ) [2] .
 وفيه: أنّ الأمر بالغسل محمول على الاستحباب جمعًا بين الأخبار ، ولا دلالة فيها على الكراهة ، إلّا أن يُقال : إنّ ترك الاستحباب مكروه ، وفيه ما لا يخفى .
 ومنها: صحيحته الأخرى عن أخيه موسى بن جعفر قال: ( سألته عن الفأرة ، والكلب ، إذا أكلا من الخبز ، أو شمّاه ، أيُؤكل ؟ ، قال : يُطرح ما شمّاه ، ويُؤكل ما بقي ) [3]
 وفيه: أنّ الأمر بالطرح محمول على الاستحباب ، جمعًا بين الأخبار ، ولا دلالة فيها على الكراهة ، إلا ما عرفته ممّا تقدم .
 ومنها: رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله قال : ( سألته عن الفأرة ، والعقرب وأشباه ذلك ، يقع في الماء فيخرج حيًّا ، هل يشرب من ذلك الماء ، ويتوضّأ به (منه) ، قال : يسكب منه ثلاث مرات ، وقليله ، وكثيره ، بمنزلة واحدة ، ثمّ يشرب منه (وتوضأ منه) ، غير الوزغ فإنّه لا يُنتفع بما يقع فيه ) [4] .
 وفيها:
 أوّلًا: أنّها ضعيفة ، لعدم وثاقة يزيد بن إسحاق ، وتوثيق بعض المتأخرين لا يفيد في المقام ، لأنّ توثيقات المتأخرين مبنيّة على الحدس ، فلا تشملها أدلة حجية خبر الواحد .
 وثانيًا: أنّ الأمر بسكب الماء ثلاث مرات يدلّ على الاستحباب ، ولا دلالة فيه على الكراهة ، والله العالم .
 قال المصنف:

( والوزغة )

 دابة معروفة ، و"السام الأبرص" من أصنافه ، ذهب المشهور من الأعلام إلى كراهة سؤرها ، منهم المصنّف هنا ، وفي "الذكرى" ، وظاهر كلام الشيخ في "النهاية" ، و"المبسوط" ، الحكم بنجاسة سؤرها ، وكذا يظهر من الشيخ المفيد في "المقنعة" .
  والإنصاف: أنّه لا إشكال في طهارة سؤرها ، ويُستفاد ذلك من الأخبار العامة ، والتي هي كثيرة ، وقد تقدّم بعضها ، ويدل عليها الأخبار الخاصة والتي منها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر في حديث قال: ( سألته عن العظاية ، والحيّة ، والوزغ ، يقع في الماء ، فلا يموت ، أيُتوضّأ منه للصلاة ، قال : لا بأس به ... ) [5]
 وهي واضحة الدلالة ، وفي مجمع البحرين: العظاء ممدود : دويبة أكبر من الوزغة ، الواحدة عظاءة وعظاية.
 ثمّ إنّه قد استُدل للكراهة بما دلّ على كراهة ما لا يؤُكل لحمه ، ولكنّك عرفت ما فيه
  وقد استُدل أيضًا ببعض الروايات :
  منها: رواية هارون بن حمزة الغنوي المتقدّمة حيث ورد في ذيلها غير الوزغ ، فإنّه لا يُنتفع بما يقع فيه .
 وفيها: -مضافًا لضعف السند كما عرفت - : أنّ عدم الانتفاع بما يقع فيه السمية ، ومن هنا قال العلّامة في "التذكرة" : إنّ الكراهة من حيث الطبّ ، لا لنجاسة الماء .
 قال المصنف:

( والحية )

 المشهور بين الأعلام كراهة سؤر الحيّة ، منهم المصنّف في كتبه الثلاثة ، والمنقول عن الشيخ أفضلية الاجتناب ، ويظهر من المحقّق في "المعتبر" ، والعلّامة في "المنتهى" ، عدم الكراهة ، وهو صريح "المدارك" ، وهو الإنصاف .
  نعم يستحب إهراق الماء من سؤرها إذا وجد ماء غيره ، وذلك لصحيحة أبي بصير قال: ( سألت أبا عبد الله عن حيّة دخلت حُبّا فيه ماء، وخرجت منه ؟ ، قال : إذا وجد ماء غيره فليهرقه ) [6]
 وهي صحيحة ، فإنّ وهيبا الموجود في السند هو ابن حفص أبو علي الجريري المعروف بالمنتوف ، وهو ثقة ، وهذه الصحيحة استدل بها المشهور على كراهة سؤرها بناء على أن ترك المستحب مكروه .
  وفيه: ما قد عرفت ، وقد تقدّمت صحيحة علي بن جعفر(1) الدّالة على عدم البأس في الوضوء من الماء الذي دخلته الحيّة ، والله العالم .


[1] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح7
[2] - الوسائل باب33 من أبواب النجاسات ح2
[3] - الوسائل باب36 من أبواب النجاسات ح1
[4] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح4
[5] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح1
[6] - الوسائل باب9 من أبواب الأسآر ح1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo