< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ابن الزنا\القول بكفره\ الأدلة ومناقشتها
 كان الكلام في الأدلة على كفر ابن الزنا
 ومنها: ثلاث روايات دالّة على مساواة ديته لدية اليهودي ، والنصراني ، والمجوسي ، وهو ثمانمائة درهم .
  وهذه الروايات ضعيفة ، الأولى [1] بجهالة عبد الرحمان ابن حمّاد ، وعبد الرحمان بن عبد الحميد ، وبالإرسال ، والثانية [2] ضعيفة بالإرسال ، والثالثة [3] ضعيفة بجهالة عبد الرحمان بن حماد .
 نعم في حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال: ( سألته ، فقلت له : جعلت فداك ، كم دية ولد الزنا ، قال يُعطى الذي أنفق عليه ما أنفق عليه ، قلت ، فإنّه مات ، وله مال ، مَن يرثه ؟ ، قال : الإمام ) [4]
 والرواية بطريق الشيخ حسنة ، فإنّ الشيخ الطوسي وإن كان له عدّة طرق إلى يونس بن عبد الرحمان ، وكلّها ضعيفة ، إلّا طريق واحد حسن ، وهو الذي فيه الحسن بن حمزة العلوي .
  وأمّا طريق الصدوق إلى يونس فهو ضعيف بإسماعيل بن مراد فإنّه غير موثّق ، وطريق الصدوق إليه غير مذكور في مشيخته ، وإنّما ذكره الشيخ الطوسي في ذكر طرقه إلى يونس .
  والجواب عنها: أنّ الروايات الثلاث الأُوَل : ضعيفة السند ، وأمّا الحسنة فمضافا إلى عدم دلالتها على مساواة ديته لِدية اليهودي والنصراني أنها غير معمول بها عند الكل .
 والانصاف: أنّ هذه الروايات يردّ علمها إلى أهلها ، وهم أخبر بها .
 ومنها: خبر سعد بن عمر الجلاب قال : ( قال لي أبو عبد الله: إنّ الله خلق الجنّة طاهرة مطهرة ، فلا يدخلها إلّا من طابت ولادته ، وقال أبو عبد الله طوبى لمن كانت أمه عفيفة ) [5]
 وهو ضعيف بجهالة أكثر من شخص منهم سعد بن عمر .
  ومنها: مرفوعة محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه رفع الحديث إلى الصادق قال: ( يقول : ولد الزنا ، يا ربّ، ما ذنبي ؟! ، فما كان لي في أمري صنع ، قال : فيناديه مناد ، فيقول : أنت شر الثلاثة أذنب والداك فتبت عليهما ، وأنت رجس ، ولن يدخل الجنّة إلّا طاهر ) [6]
 
 وهو أيضًا ضعيف جدًّا بالرفع ، وبمحمّد بن سليمان الديلمي ، وأبيه ، وغيرهما .
  والجواب: أنّ عدم دخول الجنّة لا يدلّ على الكفر ، إذ لعلّ الله سبحانه وتعالى أعدّ له ثوابًا آخر ، كما يُشير إليه خبر بكر قال: ( كنّا عنده ، ومعنا عبد الله بن عجلان ، فقال عبد الله بن عجلان : معنا رجل يعرف ما نعرف ، ويُقال : إنّه ولد زنا ، فقال : ما تقول ؟ ، : فقلت : إن ذلك ليُقال له ، فقال : إن كان ذلك كذلك بُني له بيت في النار من صدر يردّ عنه وهج جهنّم ويُؤتى برزقه ) [7]
 ولكنّه ضعيف بجهالة أبي بكر ، وغيره .
  وعليه: فإذا لم يدخل الجنّة لا يُعاقب في النّار ؛ وإن كان الإنصاف أنّ حكمه حكم غيره من المؤمنين ، والمسلمين ، يُجازى ويُعاقب على حسب أعماله .
 والخلاصة: أنّه لا دليل على كفره ونجاسته ، بل هو مسلّم ، ومحكوم عليه بالطهارة .
  بقي في المقام شيء: وهو أنّ ولد الزنا هل هو ولد شرعي للزاني والزانية ، أم أنّه ولد لهما لغة وعرفا فقط ؟ .
  والذي يظهر أنّ الشارع المقدس ليس له اصطلاح خاص في الولد ، وإنّما هو باق على ما هو عليه لغة وعرفا ، ولا يوجد في الشرع ما يدلّ على أنّ ولد الزنا ليس ولدًا لأبويه ، وإنّما تثبت بعض الأحكام الخاصة لولد الزنا ، كعدم التوارث بينه وبين والدَيه ، وهذا لا يدلّ على انتفاء الوالديّة شرعًا ، وقد ثبت في بعض الأحيان عدم إرثه من الأب ، كما لو قتل أباه ، أو كان الولد كافرًا ، ونحو ذلك ، ففي هذه الموارد - مع كونه ولدًا شرعا لأبويه - حُرِم من الإرث فقط .
  وبالجملة: فإنّ إطلاق أدلّة حكم الولد شامل له ، ولذا يجوز له أن ينظر إلى أخته وعمته وخالته ، وباقي محارمه ، نعم هناك بعض الأمور اشتُرط فيها طهارة المولد ، كالإمامةِ في الصلاة ، والشهادةِ ، فإنّه لا تقبل شهادته ، والقضاءِ ، حيث لا يجوز له تولي القضاء ، ونحو ذلك .
  وأمّا الحديث النبوي المشهور والمتفق عليه بين الفريقين ، وهو أنّ الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، فمورده الشكّ في كون الولد من الزوج أم من الزاني ، وقد جعله الشارع للزوج فيما لو كان الافتراش فعليّا ، لا مجرد العقد على المرأة بدون الدخول - وهو المسمّى بالافتراش الشرعي - كما حُكي ذلك عن أبي حنيفة ، فإن ذلك أشبه بالخرافات .


[1] - الوسائل باب15 من أبواب دية ولد الزنا ح1 و 2 و3
[2] - الوسائل باب3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح3
[3] - علل الشرائع باب 363 العلة التي من أجلها لا يدخل ولد الزنا الجنة ح1-2
[4] - الوسائل باب3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة ح3
[5] - علل الشرائع باب 363 العلة التي من أجلها لا يدخل ولد الزنا الجنة ح1
[6] - علل الشرائع باب 363 العلة التي من أجلها لا يدخل ولد الزنا الجنة ح2
[7] - كتاب المحاسن 149/64

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo