الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/07/01
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ البول والغائط
كان الكلام في الأدلة على طهارة بول وخرء الطير
ومنها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى ( أنّه سئِل عن الرجل في ثوبه خُرء الطير أو غيره ، هل يحكّه وهو في الصلاة ، قال : لا بأس )
[1]
وجه الاستدلال: أنّ ترك الاستفصال في الطير ، بين كونه مما يؤكل لحمه ، أو لا ، يدلّ على العموم .
وفيه: أنّ الغرض من السؤال هو أنّ الحكّ في الصلاة منافٍ لها باعتبار كونه فعلًا كثيرًا أم لا ؟ ، وليس السؤال عن حكم الطهارة والنجاسة .
أضف إلى ذلك: أنّ فيه إشكال من جهة أخرى ، وإن قلنا: بطهارة الخرء ، وهو الصلاة في فضلات ما لا يُؤكل لحمه ، فإنّها فاسدة ، فلا بدّ من التأويل على جميع الحالات .
ومنها: أصل الطهارة .
(2).
(3)
(4)
(5) المستدرك باب6 من أبواب النجاسات ذيل ح1 .
بقي الكلام في الخشّاف الذي استثناه الشيخ في "المبسوط" :
فقد يقال: بتعيّن نجاسة بوله ، وقد ورد فيه بالخصوص رواية داود الرقّي قال: ( سألت أبا عبد الله عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي ، فأطلبه ، فلا أجده ، فقال : اِغسل ثوبك )
[3]
.
ولكنّها ضعيفة جدًّا بداود الرقي ، وجهالة كلٍّ من موسى بن عمر ، ويحيى بن عمر ، ولكنّها هي مستند الشيخ في استثنائه الخشّاف في "المبسوط" .
وبالمقابل فقد ورد في معتبرة غيّاث عن جعفر عن أبيه قال: ( لا بأس بدم البراغيث ، والبق ، وبول الخشاشيف )
[4]
وهي معتبرة ، فإنّ غيّاث الموجود في السند لا يخلو إمّا أن يكون ابن إبراهيم أو ابن كلوب ، وكلٌّ منهما ثقة ، ويؤيّدها رواية الجعفريات ( أنّ عليا سئِل عن الصلاة في الثوب ، فيه أبوال الخفّاش ، ودماء البراغيث ، فقال : لا بأس )
[5]
وفيه: ما تقدّم ، من أنّ رواية الجعفريات المعبّر عنها بالأشعثيات ضعيفة ، لأنّ فيها موسى بن إسماعيل ، وهو مجهول ، وكذا أبوه ، وروها السيد الراوندي في نوادره بإسناده عن موسى بن جعفر ، ولكنّها أيضًا ضعيفة بالإرسال ، وأجاب الشيخ عن رواية غياث بأنها شاذة أو تحمل على التقية .
ولكنّ الإنصاف: أنّها ليست شاذّة ، لا من حيث العمل بها ، ولا من حيث النقل وعدم تكررها في الأصول ، لأنّ رواية داود ليست مشهورة حتّى يكون ما يقابلها شاذًّا .
أضف إلى ذلك: أنّ الشذوذ لا يمنع من العمل بها إذا كانت واجدة الشرائط الحجيّة .
ثمّ إنّه يظهر من "المختلف" الإجماع على نجاسة بول الخشّاف ، فإنّه أجاب عن حسنة أبي بصير المتقدّمة بأنّها مخصّصة بالخفّاش إجماعًا .
ولا يبعد أن يكون المراد من الإجماعِ الإجماعُ من الشيخ ، والقائلين بالنجاسة ، وليس المراد إجماع العلماء ، بدليل أنّه قد ذهب جماعة إلى الطهارة ، منهم الشيخ الصدوق وابن أبي عقيل ، مضافًا إلى عدم حجيّة الإجماع المنقول بخبر الواحد .
ثمّ إنّه لو ثبتت دعوى عدم البول للطير غير الخفّاش تكون حسنة أبي بصير المتقدّمة المصرّحة بنفي البأس عن بول الطير بمنزلة النص فيه ، ولا معارض لها ، لأنّ رواية داود الرقّي ضعيفة ، كما عرفت ، ولم يحرز استناد المشهور إليها حتّى يثبت اعتبارها بعمل المشهور .
هذا إذا قلنا: إنّ عمل المشهور جابر لضعف السند ، ولكنّك عرفت عدم ثبوت الكبرى .
والإنصاف: أنّ بول الخفّاش كبول غيره من الطيور المحرّمة لا نقول بنجاسة بوله ، لأنّ الخفّاش لا نفس له سائلة ، وقد عرفت أنّ بول وخرء ما لا نفس له سائلة محكوم بالطهارة ، وإن كان الذي لا نفس له سائلة محرّم الأكل ، والله العالم بحقائق أحكامه .
قال المصنف: ( أو بول رضيع لم يأكل اللحم ، خلافا لابن الجنيد )
المشهور بين الأعلام أنّه لا فرق في نجاسة بول الإنسان بين الصغير منه والكبير ، نعم يكفي في بول الرضيع - قبل أن يأكل الطعام - صبّ الماء عليه من غير عصر ، وقال ابن الجنيد: ( بول البالغ ، وغير البالغ من الناس نجس ، إلّا أن يكون غير البالغ صبيا ذكرا فإن بوله ولبنه ما لم يأكل ليس بنجس ...) .
أقول: ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح، من النجاسة وكفاية الصبّ عليه ، من دون حاجة للعصر.
وقد استدل للنجاسة : بإطلاقات معاقد الإجماعات المتقدّمة ، بل عن السيّد المرتضى دعواه عليه بالخصوص ، وكذا العلّامة في "التذكرة" ، ويظهر أنّ المسألة متسالم عليها بينهم ، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه ، وخلاف ابن الجنيد غير قادح .
وقد استدل أيضًا : بإطلاق ما دل على نجاسته من الروايات المتقدّمة .
[1] - المستدرك باب27 من أبواب قواطع الصلاة ح1
[2] - المستدرك باب37 من أبواب النجاسات ح4
[3] - المستدرك باب10 من أبواب النجاسات ح4
[4] - المستدرك باب10 من أبواب النجاسات ح5 .
[5] - المستدرك باب6 من أبواب النجاسات ح1 .