< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ البول والغائط
 كان الكلام في بول الدابة والبغل والحمار وقلنا ان أغلب الأعلام ذهب إلى القول بالطهارة ولم يذهب من المتقدّمين إلى النجاسة إلّا ابن الجنيد حسب ما حُكي عنه .
  نعم ذهب إلى النجاسة جماعة من متأخري المتأخرين كالمحقّق الأردبيلي وتلميذّيه صاحبَي المعالم والمدارك ، واختاره صاحب الحدائق ، بل بالغ في اختيار النجاسة ، وأطنب كثيرًا في الاستدلال عليها ، ورد القول بالطهارة ، وانتهى به الأمر إلى التشنيع على الأعلام حيث قال في نهاية كلامه : ( ويا لله والعجب العجيب الظاهر للموفق المصيب ، ومّن أخذ من الإنصاف بأدنى نصيب أنّ الأئمة ﭺ يفرّقون بين البول والروث ، فيصرّحون بنجاسة الأوّل ، ويأمرون بغسله ، مع تصريحهم في كتبهم الأصوليّة بأنّ الأمر حقيقة في الوجوب ويحكمون ﭺ بطهارة الثاني ، وهو - يقصد القائلين بالطهارة -يتعمدون مخالفتهم ويرتكبون هذه التأويلات الغثة - إلى أن قال : - وما هو إلا اجتهاد محض في مخالفة النصوص ، وجرأة تامّة على أهل الخصوص ... ).
  أقول: لكي يتضح الحال لا بدّ من ذكر أدلّة الطرفين ، ولْنبدأ بأدلّة المشهور القائلين بالطهارة ، وقد استدلوا بعدة أدلة :
  منها: الإجماع المدعى من بعض الأعلام ، منهم ابن إدريس ، حيث قال - في مبحث البئر - : ( أجمع الصحابة ، وتواتر الأخبار ، على أنّ مأكول اللحم من سائر الحيوان ذرقه وبوله وروثه طاهر ، فلا يلتفت إلى خلاف ذلك من رواية شاذّة أو قول مصنّف غير معروف أو فتوى غير محصّل ... ) .
 والإنصاف: أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد ، وإن استفاض نقله ، ما لم يصل إلى النقل بالتواتر ، لا يصلح للاعتماد عليه ، وإنّما هو مؤيّد فقط .
  ومنها: أنّ لحومها حلال وإن كان مكروهًا ، وكلّ ما كان كذلك فبوله وروثه طاهر ، وأمّا حليّة لحمها فيدلّ عليه عدّة من الأخبار تأتي في محلّها - إن شاء الله تعالى - وأمّا طهارة وبول وروث مأكول اللحم فيدلّ عليه عدة من الأخبار :
  منها: حسنة زرارة ( أنّهما قالا : لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه ) [1] .
  منها: موثقة عمار عن أبي عبد الله ع قال: ( كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه ) [2]
  وقد يجاب عنهما: بأنهما يدلان على الطهارة بالعموم ، والإطلاق، وأخبار النجاسة التي سنذكرها مخصّصة ومقيّدة لهما .
 ومنها: بعض الأخبار الدالة على الطهارة بالخصوص لخبر المعلّى ، وابن أبي يعفور قالا: ( كنّا في جنازة ، وقِدّامنا حمار ، فبال ، فجاءت الريح ببوله حتى صكّت وجوهنا وثيابنا ، فدخلنا على أبي عبد الله فأخبرناه ، فقال : ليس عليكم بأس ) [3]
 ولكنّه ضعيف بجهالة الحكم بن مسكين .
 ومنها: خبر أبي الأغرّ النخّاس قال: ( قلت لأبي عبد الله: إنّي أعالج الدواب ، فربما خرجت بالليل ، وقد بالت وراثت ، فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي ، فأصبح فأرى أثره فيه ، فقال : ليس عليك شيء ) [4] ، وهو ضعيف أيضا بجهالة أبي الأغر .
  ومنها : خبر زرارة عن أحدهما ( في أبوال الدواب يصيب الثوب : فكرهه ، فقلت : أليس لحومها حلالا ؟ ، فقال : بلى ، ولكن ليس ممّا جعله الله للأكل ) [5]
 ولكنّه ضعيف ، لعدم وثاقة القاسم بن عروة .
  ثمّ إنّ خبر المعلّى ، وابن أبي يعفور ، وإن كان مختصًّا بالبول ، وكذا خبر زرارة ، إلّا أن الأعلام عمّموا الحكم للأرواث بعدم القول بالفصل .
 ثمّ إنّ هناك بعض الروايات دلّت على طهارة خصوص الروث :
 منها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله قال: ( لا بأس بروث الحمير ، واغسل أبوالها ) [6]
 وحمل الأمر بغسل الأبوال على الاستحباب ، لعدم القول بالفصل بينها وبين الأرواث .
  ومنها: صحيحة علي بن رئاب قال: ( سألت أب عبد الله عن الروث يصيب ثوبي ، وهو رطب ، قال : إن لم تقذره فصلّ فيه ) [7]
 وبعدم القول بالفصل يُحكم بطهارة الأبوال أيضًا ، ولكنّ الذي يردّ عليها أنّها مطلقة تقيّد بأخبار النجاسة التي سنذكرها إن شاء الله .
  ومن جملة الروايات الدالة على طهارة البول والروث ، بل أهمّها حسنة أبي بكر ، التي سنذكرها إن شاء الله تعالى بعد ذكر الروايات الدالّة على النجاسة .
  أمّا القائلون بالنجاسة فقد استدل لهم بعدة من الروايات مستفيضة جدًّا :
  منها: حسنة محمّد بن مسلم قال: ( سألت أبا عبد الله عن أبوال الدواب والبغال والحمير ، فقال : اِغسله ، فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كلّه ، فإن شككت فانضحه ) [8] .
  ومنها: صحيحة الحلبي قال: ( سألت أبا عبد الله عن أبوال الخيل والبغال ، فقال : اِغسل ما أصابك منه ) [9]
  ومنها: صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: ( سألت أبا عبد الله عن رجل يمسّه بعض أبوال البهائم ، أيغسله أم لا ؟ ، قال : يغسل بول الحمار والفرس والبغل ، فأمّا الشاة ، وكلّ ما يُؤكل لحمه ، فلا بأس ببوله ) [10] .
  ومنها: خبر أبي مريم قال: ( قلت لأبي عبد الله: ما تقول في أبوال الدواب وأرواثها ؟ ، قال : أمّا أبوالها فاغسل ما أصاب ثوبك ، وأمّا أرواثها فهي أكثر (أكبر خ ل ) من ذلك ) [11]
 ولكنّها ضعيفة ، لعدم وثاقة معلّى بن محمّد ، مضافا إلى ذلك أنّ المحقّق في "المعتبر" ©قال : يعني أنّ كثرتها تمنع التكليف بإزالتها ، فتكون دليلًا للقول بالطهارة ، باعتبار أنّ طهارة الروث يستلزم طهارة البول ، لعدم القول بالفصل® .
 أقول: ويحتمل أيضًا أن يكون المراد أن الروث أكثر من البول في اقتضاء الغسل ، فتكون دليلًا ، للقول بالنجاسة ، ومع تساوي الاحتمالين تصبح الرواية مجملة .
  ومنها: موثّقة سُماعة قال: ( سألته عن أبوال السنّور والكلب والحمار والفرس ، قال : كأبوال الإنسان ) [12]
  وقد عرفت أنّ مضمرات سُماعة مقبولة ، وكذا غيرها من الأخبار الكثيرة التي يطول الكلام بذكرها .


[1] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح3
[2] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح12
[3] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح14
[4] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح
[5] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح 7
[6] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح1
[7] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح16
[8] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح6
[9] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح11 .
[10] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح9
[11] - الوسائل باب9 من أبواب النجاسات ح8
[12] - الوسائل باب8 من أبواب النجاسات ح7

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo