الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
33/07/23
بسم الله الرحمن الرحیم
الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ ما قطع من الحيوان ما تحله الحياة
ومهما يكن فقد استدل بالأخبار الكثيرة الوارد جملة منها في باب الصيد ، وجملة أخرى في باب الأطعمة .
وأمّا الوارد في باب الصيد
فمنها: حسنة محمّد بن قيس عن أبي جعفر ع قال: ( قال أمير المؤمنين ع: ما أخذت الحبالة من الصيد فقطعت منه يدًا أو رجلًا فذروه ، فإنه ميت ، وكلوا مما أدركتم حيًّا ، وذكرتم اسم الله عليه )
[1]
ومنها: صحيحة عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع قال: ( ما أخذت الحبالة فقطعت منه شيئًا فهو ميت (ميتة خ ل) ، وما أدركت من سائر جسده حيًّا فذكّه ، ثمّ كلْ منه )
[2]
وهي صحيحة بطريق الشيخ الصدوق ، وكذا غيرها من الروايات الواردة في الباب .
وقد استشكل المحقّق الهمداني حيث قال: ( والإنصاف : قصور الأخبار الواردة في باب الصيد عن إثبات المدّعى ، فإنّ المراد بكون ما قطعته الحبالة ميتة إمّا كونه ميتة حكمًا ، كما يشعر بذلك نقله من كتاب علي والمتبادر من التشبيه في هذه الأخبار إرادة حرمة الأكل في مقابل المذكّى - إلى أن قال : - أو كونه ميتة حقيقة ، وحينئذٍ يحتاج دلالتها على النجاسة إلى وجود دليل عام يدلّ على نجاسة الميتة ، بحيث يعمّ الفرض وهو قابل للمنع ...).
ويرد عليه - إذا كان المراد منه ميتة حكمًا -: أنّ التنزيل إنّما هو بلحاظ الآثار الظاهرة للميتة ، وهي حرمة الأكل ، والنجاسة ، فهما أثران ظاهران ، ومعروفان عند العوام ، فضلا عن الأعلام ، وليست نجاسة الميتة من الآثار الخفيّة حتّى لا يكون التنزيل بلحاظها .
وأمّا إذا كان المراد منه ميتة حقيقة فالدليل الذي ذكرناه سابقًا على نجاسة الميتة لا إشكال في شموله لهذا الفرض ، فلا معنى للتشكيك في ذلك ، باعتبار أنّ المتبادر منها إرادة الحيوان الميت ، لا سيّما وأنّه اعترف بدلالة الأخبار الواردة في باب الأطعمة في أليات الغنم على النجاسة ، مع أنّ لسانها متحد مع لسان الأخبار الواردة في الصيد ، كما سيتضح لك .
وأمّا الأخبار الواردة في باب الأطعمة :
فمنها: حسنة الكاهلي قال: ( سأل رجل أبا عبد الله ع وأنا عنده عن قطع أليات الغنم ، فقال : لا بأس بقطعها إذا كنت تُصلِح بها مالك ، ثمّ قال : إنّ في كتاب علي أنّ ما قطع منها ميت ، لا ينتفع به )
[3]
وهي حسنة بطريق الصدوق ، ولكنّها ضعيفة بطريق الكليني بسهل بن زياد .
ومنها: رواية الحسن بن علي الوشا قال: ( سألت أبا الحسن ع ، فقلت : جعلت فداك ، إنّ أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها ، قال : هي حرام ، وهي ميتة ، فقلت: جعلت فداك ، فنصطبح بها ، قال : أمَا تعلم أنّه يصيب اليد والثوب ، وهو حرام )
[4]
وهي صريحة في المراد ، إذ نخجزم بأن المراد بالحرمة هي النجاسة ، إذ لا معنى لحرمة إصابة الألية للثوب ، واليد ، تكليفا ، ولكنها ضعيفة السند لعدم وثاقة معلى بن محمد .
ومنها: خبر أبي بصير عن أبي عبد الله ع أنّه قال - في أليات الضأن - : ( تقطع ، وهي أحياء أنّها ميتة )
[5]
ولكنّه ضعيف بعلي بن أبي حمزة البطائني ، لا يخفى أنّ هذه الأخبار الواردة في باب الأطعمة تدلّ بوضوح على نجاسة القطعة المبانة من الحي .
ثمّ إنّ هذه الأخبار مع الأخبار المتقدّمة في باب الصيد ، وإن كان موردها القطعة المبانة من غير الآدمي ، إلّا أنّه يستفاد منها حكم المبان من الآدمي ، بعدم القول بالفصل ، مضافا إلى أنّ هناك رواية واردة في المقطوع من الآدمي ، وهي مرسلة أيوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال: ( إذا قُطِع من الرجل قطعة فهي ميتة ، فإذا مسّه إنسان فكلّ ما كان فيه عظم فقد وجب على مَن يمَسّه الغسل ، فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه )
[6]
.
ولكنّها ضعيفة بالإرسال ، وهي ضعيفة أيضًا بطريق الكليني بسهل بن زياد ، وبالرفع ، وقد عرفت أيضًا أنّ عمل المشهور لا يجبر ضعف السند ، هذا مع التشكيك في الصغرى ، إذ لم يحرز إستناد مشهور المتقدمين في عملهم إلى هذه الرواية ، هذا تمام الكلام في الجُزء المنفصل من الحيوان الحي .
وأمّا الجُزء المتصل إذا خرجت منه الروح فالإنصاف: هو الحكم بطهارته ، وذلك لمنع صدق اسم الميتة عليه حالة الاتصال .
وثانيًا : أن الروايات المتقدمة صريحة في اعتبار الانفصال في الحكم بكونها ميتة ونجسة .
وثالثًا : لا يمكن جريان حكم الميتة عليها ، حتّى لو قلنا : إنّ اسم الميتة صادق عليها حالة الاتصال ، وذلك للزوم العسر والحرج في خصوص الإنسان .
مضافا لسيرة المتشرعة على التعامل معها معاملة الطهارة ، والله العالم .
[1] - الوسائل باب24 من أبواب الصيد والذبائح ح1
[2] - الوسائل باب24 من أبواب الصيد والذبائح ح2
[3] - الوسائل باب30 من أبواب الذبائح ح1 .
[4] - الوسائل باب30 من أبواب الذبائح ح2
[5] - الوسائل باب30 من أبواب الذبائح ح3
[6] - الوسائل باب30 من أبواب غسل المسّ ح1 .