< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ نجاسة أهل الكتاب
 كان الكلام في الاستدلال على نجاسة الكافر في الآية الشريفة وقلنا إنها تدل على نجاسة المشرك وقلنا أن المشرك لا يشمل أهل الكتاب لكن هناك أدلة على نجاسة أهل الكتاب
 وقد استُدل على نجاسة أهل الكتاب بالإجماع والأخبار
  أمَّا الإجماع: فقدِ ادّعاه جماعة ، منهم السيد المرتضى وابن إدريس ، بل عن كاشف الغطاء: ( أنّ ذلك شِعار الشيعة ، يعرفه منهم علماء العامة وعوامهم ونساؤهم وصبيانهم ، بل وأهل الكتاب فضلًا عن الخاصّة ... )
  ويؤيّد هذا الإجماع الشهرة الفتوائيّة بين الأعلام قديمًا وحديثًا .
  ولكن حُكي عنِ ابْن الجنيد وابن أبي عقيل القول : بعدم نجاسة أسآرهم ، وحكى المحقّق في "المعتبر" عن الشيخ المفيد في "المسائل العزية" : القول بالكراهة .
  وفيه: أنّ الشيخ المفيد يُحتمل إرادته الحرمة من الكراهة ، لشيوع استعمال الكراهة في الحرمة مع ذهابه في أكثر كتبه إلى الحرمة .
  وأمَّا ما عنِ ابْن الجنيد فعبارته غير ظاهرة في النجاسة ، ومع فرض ظهورها في ذلك فقد ذكر صاحب الجواهر : ( أنّ أقواله مرفوضة عندنا لِمَا قِيل : من عمله بالقياس ... ) .
  وأمّا ما عنِ ابْن أبي عقيل فقد قيل : إنّه ذهب إلى ذلك لعلّه لعدم نجاسة القليل عنده بالملاقاة ، ونحو ذلك .
 ولكن الإنصاف: أنّه لسنا بحاجة لهذه التأويلات والتكلفات والتهجم على ابن الجنيد : بأنّ أقواله مرفوضة عندنا ، لأنّ الإجماع المدّعى منقول بالخبر الواحد ، وقد عرفت ما فيه ، مضافًا إلى ما يُحتمل قويّاً أنّ مستند المجمعين هو الأخبار الآتيّة فيكون إجماعاً مدركيّاً أو محتمل المدركيّة ، ولا يكون إجماعاً تعبديّاً .
  وأمّا تأييده بالشهرة فلا يفيد لعدم حجّيتها ، وضمّ عدم الحجية إلى اللاحجية وهو الإجماع ، كضم الحجر إلى جنب الإنسان ، وأمّا كونها ( شعار الشيعة يعرفه علماء العامة وعوامه ) فلا ينفع إذا لم يكن ذلك في زمان الأئمة ع ، ولعلّ ذلك حدث بعد زمانهم ع ، كما يظهر ذلك من الروايات الدّالّة على الطهارة ، وبما أنّ العوام يتبعون علمائهم ، وقد ذهب الأعلام إلى النجاسة جيلًّا بعد جيل ، والناس وراءهم ، حتى صار ذلك شعارهم ، ومهما يكن فإنّ الإجماع المدّعى يصلح للتأييد فقط .
  وأما الأخبار فهي كثيرة :
  منها: حسنة سعيد الأعرج قال: ( سألت أبا عبد الله عن سؤر اليهودي والنصراني ، فقال : لا ) [1]
 فإنّ الظاهر من النهي عن أكل سؤرهم وشربه هو المنع منه لنجاسته شرعاً ، لا لأجل أنّه حرام تعبّداً ، فإنّه خلاف الظاهر جدّاً .
 ومنها: صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ع ( في رجل صافح رجلًا مجوسيّاً ، فقال : يغسل يده ، ولا يتوضّأ ) [2]
 فإنّ الظاهر الأمر بغسل اليد الملاقية ليد المجوسي هو لأجل النجاسة .
 نعم لا بدّ من تقييده بما إذا كانت الملاقاة برطوبة مسرية وإلّا فلا موجب لذلك ، لأنّ كلّ يابس ذكي .
  ومن هنا يمكن القول بحمل الأمر بالغسل على الاستحباب ، لأنّ التقييد بما إذا كانت الملاقاة برطوبة مسرية يحتاج إلى قرينة ، وهو مفقودة .
  أضف إلى ذلك: أنّه بناء على كون الأمر بالغسل لأجل النجاسة لا يوجد ما يدلّ على أنّه لأجل نجاستهم الذاتية ، بل يُحتمل أن يكون ذلك لأجل النجاسة العرضيّة ، لأنّ الغالب نجاسة ظاهر بدنهم ،لأنّهم لا يغتسلون ، ولا يتطهرون ، ومع هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال ، إذ تصبح الرواية مجملة .
  ومنها: صحيحة محمّد بن مسلم الثانية قال: ( سألت أبا جعفر ع عن آنية أهل الذمّة والمجوس ، فقال : لا تأكلوا في آنيتهم ، ولا من طعامهم الذي يطبخون ، ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر ) [3] .
 والإنصاف: أنّ هذه الصحيحة لا تدلّ على نجاستهم الذاتيّة ، لأنّها ظاهرة في انحصار المنع بالأكل في الآنية التي يشربون فيها الخمر ، ولو كانت الدّالّة على نجاستهم الذاتيّة لكان الأنسب المنع من أكل كلّ ما باشروه برطوبة مسرية لا خصوص ما ذكر .
  وأمّا المنع من أكل طعامهم الذي يطبخونه فيحتمل احتمالاً معتدّاً به أن يكون لأجل عدم تجنّبهم عن مزجه بالأشياء المحرّمة من الميتة ولحم الخنزير وشحمه ونحو ذلك .


[1] - وسائل الشيعة، ج1، ص229، أبواب النجاسات، باب 14ح8، ط آل البيت
[2] - وسائل الشيعة، ج1، ص229، أبواب النجاسات، باب 14ح3، ط آل البيت
[3] - وسائل الشيعة، ج1، ص229، أبواب النجاسات، باب 14ح1، ط آل البيت

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo