الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/02/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ النجاسات العشرة\ عدد الغسلات بعد زوال العين \ تنبيهات
ان الكلام في عدة تنبيهات وذكرنا اثنين
الثالث: أنَّ النصوص المتقدِّمة اقتصرت على الثوب والبدن ، وكذا كثير من الفتاوى ، فهل يتعدى إلى غيرهما ، أم لا ؟ .
المشهور بين الأعلام : على التعدِّي إلى غيرهما .
واحتَمل في "المعالم" : الاقتصار على الثوب والبدن ، وكذا السبزواري في "الذخيرة" ، بل اختاره في "اللوامع" ، وكذا صاحب الحدائق ، وقوَّاه السيِّد الخوئي .
والإنصاف: هو التعدي ، وإنَّ ذِكر الثوب والبدن في الأخبار إنَّما هو من باب إرادة التمثيل ، فلا خصوصيَّة لهما ، ولذا استقرَّت سيرة المتشرعة على استفادة الأحكام الكليَّة من القضايا الجُزئيَّة الواردة فيهما .
ومن هنا ، تراهم يتعدّون في أصل ثبوت النجاسة ، مع أنَّ ما ورد فيها إنَّما ورد في الثوب ونحوه ، ولم يرد في كثير من الأشياء التي حكم فيها الأعلام بتنجُّسها بملاقاتها لعين النجاسة ، ومن يتأمل في الأحكام الشرعيَّة يجد أنَّ هذه الأحكام لم ترد عن الأئمة بقواعد إلَّا نادراً ، وإنَّما صارت قواعد كليَّة بين الأعلام بتتبع الجُزئيات الواردة عنهم ع .
الرابع: ظاهر جماعة كثيرة أنَّه لا يُعتَبر في المرتَيْن كونهما بعد إزالة العين ، بل لو أزال العين بالغسلة الأولى اجتزأ بالغسلة الثانية ، وذلك لإطلاق الأدلة ، بل يظهر من بعض الأخبار المتقدِّمة - المعلِّلة لكفاية صبّ الماء على الجسد مرتين بأنَّه ماء ، كما في حسنة الحسين بن أبي العلاء - : أنّ وجود العين عند الغسل مرتَيْن أمر مفروغ عنه .
ثمَّ إنَّه هل يُكتَفى بالغسلتَيْن لو أُزيلت العين بهما معاً ؟ .
قد يُقال: إنَّ إطلاق الأدلّة يدلّ على الاكتفاء بذلك .
ولكنَّ الإنصاف: أنَّه لا يكفي لأمرَيْن :
الأمر الأول: إذا بقيت العين بعد إجراء الماء عليها لا يسمَّى ذلك غسلًا .
الأمر الثاني: أنَّه مع بقاء العين في الثوب أو البدن يصدق عليه : أنَّه أصابه البول ، فتشمله الأخبار الآمرة بالغسل مرتَيْن .
والخلاصة إلى هنا: أنَّ الغسل يتحقَّق فيما لو أُزِيلت العين بالغسلة الأولى ، وكانت الثانية للتطهير .
ثمَّ إنَّه لا يخفى عليك أنَّ البول الذي هو ماء لا يبقى عادة عينه في الثوب والبدن بعد غسله في المرَّة الأُولى حتَّى يُقال : إنَّه هل يكفي في الغسلة الثانية في تحقق الغسل مرتين أم لا ؟ ، وعلى فرض البقاء فهو نادر جدّاً ، ربما تكون الأخبار منصرفة عنه .
ثمَّ إنَّ ما ذكرناه إنَّما هو مع وجود عين النجاسة ، وأمَّا لو كانت جافَّة ، أو أُزيلت بشيء آخر غير الغسل ، فلا بُدّ من الغسل مرتَيْن أيضاً ، وذلك لإطلاق الأدلَّة
الخامس: ذهب جماعة من الأعلام إلى أنَّ اعتبار الغسل من البول مرتَيْن إنَّما هو بالماء القليل ، دون الكرّ والجاري ، فإنَّه يكفي فيهما المرّة .
قال المصنِّف في "الذكرى" : ( ولا ريب في عدم اعتبار العدد في الجاري والكثير ، من غير الولوغ ، وقول ابن بابويه - باعتبار المرتَيْن في الراكد دون الجاري لحسنة محمَّد بن مسلم عن الصادق ع - : محمول على الناقص عن الكرّ ، أو على الندب ، لتغاير المياه في الجاري فكأنَّه غُسِل أكثر من مرَّة ، بخلاف الراكد ... )
وممَّن ذهب إلى كفاية المرَّة في الكرِّ والجاري العلَّامة في "التذكرة" و"النهاية" ، والشهيد الثاني في "روض الجنان" ، والمحقِّق الكركي وصاحب المدارك وصاحب الجواهر والمحقِّق الهمداني والسيد محسن الحكيم ، وصاحب الحدائق إلَّا أنَّه تردَّد في الاجتزاء بذلك بالنسبة للبدن لاختصاص صحيح ابن مسلم بالثوب .
ويظهر من المحقِّق في "المعتبر" - في مسألة الولوغ - : اعتبار التعدُّد في الكثير مطلقاً ، إلَّا أنَّه اكتفى في تحقُّق المرتَيْن في الجاري ، بتعاقب المرتين عليه .
ونُسِب إلى الشيخ نجيب الدين في "الجامع" : التعدد في الراكد دون الجاري ، كما جزم بذلك السيد أبو القاسم الخوئي .