< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ الشمس
 كان الكلام في الدليل الثاني صحيحة محمَّد بن إسماعيل بن بزيع قال: ( سألته عن الأرض ، والسطح يصيبه البول ، وما أشبهه ، هل تطهر الشَّمس من غير ماء ؟ قال : كيف يطهر من غير ماء؟! )
 ولا يضرّها الإضمار ، لتعيّن المسؤول ، كما لا يخفى ، وهو الإمام الرضا ع .
  ومهما يكن ، فقدِ استُدل بهذه الصحيحة على أنَّ الشَّمس غير مطهّرة ، وأنَّ المطهِّر هو الماء .
 وفيه: أنَّها ليست ظاهرة في عدم المطهّريَّة ، بل يظهر منها أنَّ السائل يعلم إجمالًا بمطهّريَّة الشَّمس ، ولكنِ احتمل كون الشَّمس مطهِّرة ، ولو مع يبوسة الأرض ، فأجابه الإمام : أنَّ الشَّمس إنَّما تطهر إذا كان الأرض رطبة ، وجفَّفتها الشَّمس ، ومن هنا تعجب : بأنَّه كيف تطهر بدون الماء ؟! .
 وبناء على ذلك ، فلا تكون هذه الصحيحة معارِضة لصحيحة زرارة السابقة .
 نعم: هي مطلقة من حيث عدم مطهّريَّة الشَّمس إذا لم يكن ماء ، سواء أكانت الأرض رطبة ، أم يابسة ، وتقيَّد بصحيحة زرارة المتقدِّمة ، الدَّالة على الطهارة ، إذا كانت الأرض رطبة ، وجفَّفتها الشَّمس .
 وعليه ، فتخرج هذه الصورة - أي صورة كون الأرض رطبة - عن تحت إطلاق صحيحة ابن بزيع .
 ثمَّ إنَّه لو فرضنا أنَّها معارِضة لصحيحة زرارة المتقدِّمة ، فإنَّ الترجيح مع صحيحة زرارة ، لمخالفتها لمذهب كثير من العامة ، حيث ذهب أكثرهم إلى عدم مطهّريَّة الشمس .
 أضف إلى ذلك: أنَّ صحيحة زرارة معتضدة بالشهرة ، وبـ "الفقه الرضوي" ، حيث ورد فيه: ( ما وقعت عليه الشَّمس ، من الأماكن التي أصابها شيء من النجاسات ، مثل البول ، وغيره ، طهَّرتها ، وأمَّا الثياب فإنَّها لا تطهر إلَّا بالغسل ) [1]
 وممَّا يؤيِّد أيضاً القول بالطهارة: وجود السيرة من النَّاس كافَّة في جميع الأزمنة على عدم إزالة النجاسة عن مثل الأرض بالماء ، وعلى الاكتفاء بالطهارة بالشمس ، والله العالم .
 الأمر الثاني: المشهور بين الأعلام أنَّه لا فرق في مطهّريَّة الشَّمس بين البول ، وغيره ، من النجاسات ، والمتنجّسات ، بل في "الجواهر": ( لا أعرف فيه خلافاً ، من غير المنتهى ... ) .
 وفي المقابل ذهب العلَّامة في "المنتهى": إلى التخصيص بالبول، كما أنَّه حُكي عن "المقنعة" و"النهاية" و"المراسم" و"الإصباح" : الاقتصار على البول .
 ولكن الإنصاف: هو ما ذهب إليه المشهور ، لأنَّ صحيحة ابن بزيع ، والتي قلنا : إنَّها تدلّ على مطهّريَّة الشَّمس ، مشتملة على السؤال عن البول ، وما أشبهه .
 وأمَّا موثَّقة عمَّار ، وكذا خبر الحضرمي ، وما في "الفقه الرضوي" ، وإن كانت ظاهرة في عدم الفرق بين البول ، وغيره ، من النجاسات المشابهة له ، إلَّا أنَّ موثَّقة عمَّار ليست دالَّة على الطهارة ، كما عرفت ، وخبر الحضرمي : ضعيف ، وما في "الفِقه" : لم يثبت كونه رواية ، بل هو فتاوى لابن بابوية .
 وأمَّا صحيح زرارة - والذي هو العُمدة في الاستدلال على مطهّريَّة الشَّمس - فمورده البول فقط .
 نعم ، يمكن القول: إنَّ ما ذكره إنَّما هو من باب المثال ، كما لا يخفى ، ولعلَّ أيضاً منِ اقتصر من الفقهاء على ذكر البول إنَّما كان كذلك ، أي من باب المثال .
 وعليه: فتتوحَّد أقوال الفقهاء ، والله العالم .
 الأمر الثالث: المعروف بين الأعلام أنَّ الشَّمس تطهِّر الأرض ، وكلّ ما لا ينقل ، كالأبنية ، والحيطان ، وما يتصل بها من الأبواب ، والأخشاب ، والأوتاد ، والأشجار ، ونحوها .
 وأمَّا المنقول: فالمشهور بينهم أنَّها تطهر منه الحُصْر ، والبَوَاري ، فقط .
 ويظهر من صاحب المهذَّب: أنَّ الشَّمس لا تطهِّر الأرض ، وإنَّما تطهِّر فقط الحُصْر والبَوَاري ، وهو من الغرابة بمكان نعم ، في "مفتاح الكرامة" - نُسب إليه - : ذِكْر الأرض معهما .
 ومهما يكن ، فقد يُستدل للقول الأوَّل - وهو أنَّها تطهِّر الأرض ، وكلّ ما لا ينقل - ثلاث روايات :
 الأولى: صحيحة زرارة المتقدِّمة المشتملة على ذكر السطح ، والمكان ، وهي ظاهرة في مطلق المكان الذي يصلّي فيه ، أرضاً كان أو بناء ، لكنَّها لا تشمل الحيطان ، وما يتصل بها من الأبواب ، والأخشاب ، والأوتاد ، والأشجار ، وما عليها من الأوراق ، والثِمار ، ونحوها ، إلَّا أنَّ يُقال بعدم الخصوصيَّة للمكان ، والسطح ، وأنَّى لنا بإثبات ذلك ! .


[1] - الوسائل باب22من أبواب النجاسات ح5

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo