< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ الأرض
 كان الكلام بالنسبة أن الأرض ماذا تطهر هل تطهر غير القدم والنعل والخف وقلنا قد يستدل بالحاق الركبتين وغيرهما بدليلين ذكرنا بالأمس الدليل الأول
 الدليل الثاني: صحيح الأَحول المتقدِّم ، حيث المذكور فيه "الوطء" ، وهو يشمل كلّ ما تقدَّم .
 وفيه: أنَّ مفهوم الوطْء مجمل ، والقدر المتيقَّن منه ما يكون بالقدم ، والنعل ، والخُفَّ وأمَّا الباقي فيُشكّ في صدق الوطء عليها ، بل يقال : وضع ركبتيه ويديه على الأرض وبالجملة ، فالمنصرف من لفظ الوطء هو ما ذكرناه ، والله العالم .
 الأمر الثاني: المعروف بين الأعلام أنَّه يكفي في حصول التطهير مسمَّى المشي ، أو المسح وفي "الذكرى" : ( ولا حصر في المشي ، وابن الجنيد : نحو خمس عشرة ذراعاً .. ) .
 ولا يخفى أنَّ النصوص مطلقة ، وقد دلَّت صحيحة زرارة المتقدِّمة على الاكتفاء بالمسح ، وكذا رواية حفص بن أبي عيسى .
 ولكنَّ صحيحة الأحول المتقدِّمة حددت المشي بخمسة عشر ذراعاً ، ولكنَّها محمولة على مقدار المشي الذي تزول به النجاسة غالباً .
 ويؤيَّد هذا الحمل : قوله - في الصحيحة - : ( أو نحو ذلك ) ، وما نقله المصنِّف عن ابن الجنيد - من اشتراط المشي بخمسة عشر ذراعاً - محمول على ما ذكرناه .
 وممَّا يدلّ على أنَّ ذلك هو مراد ابن الجنيد تصريحه في آخر عبارته ، المنقولة عنه : بالاكتفاء بالمسح .
 ثمَّ إنَّ هذا الكلام كلّه إذا كان للنجاسة جُرْم ، وأمَّا إذا لم يكن لها جُرْم ، كالبول ، والماء بعد الجفاف ، فلا إشكال حينئذٍ في كفاية مجرد المسح .
 وعن جماعة من الأعلام يكفي في الطهارة مجرد المُمَاسَّة ، كما صرَّح بذلك الطباطبائي في "منظومته" ، والشيخ جعفر في "كشف الغطاء" .
 ولكن الإنصاف: إن أرادوا من مجرد المُمَاسة ما يتحقَّق به اسم المسح فهو ، وإلَّا فلا دليل على ذلك ، لأنَّ الوارد في الروايات المشي على الأرض، والمسح بها ، فإذا لم يتحقَّق أحد هذَيْن العنوانَيْن ، كما إذا وقعت نعله
 على الأرض ، وحصلت المماسة ، فلا دليل حينئذٍ على الطهارة ، بل لا بدّ من تطهيرها بالماء .
 وهل يكفي في حصول الطهارة مسح التراب بالنعل ، أم لا بدّ من مسح النعل ، والقدم ، بالأرض ؟ .
 وبعبارة أخرى: لو أخذنا تراباً من الأرض ، أو حجراً ، ومسحنا به النعل ، أو مسحنا النعل ، والقدم ، بهما ، فهل يكفي ذلك ؟ .
 المعروف بينهم : هو أنَّه لا بدّ من المشي على الأرض ، أو المسح بها ، ولعلَّه لانصراف الأخبار إلى هذه الكيفيَّة .
 ولكنَّ هذا الانصراف بدوي ، بل يُستفاد من صحيح زرارة : كفاية مسحها بأيّ وجه كان ، أي ولو بأخذ التراب من الأرض ، ومسح النعل به .
 ولكنَّ الأحوط لزوماً الاقتصار على المتعارف ، وهو المشي على الأرض ، أو المسح بها .
 ثمَّ إنَّ المشهور بين الأعلام كفاية زوال عين النجاسة في حصول الطهارة ، وإن بقي الأثر من اللون والرائحة ، بل قد عرفت عدم اعتبار إزالة الأثر في التطهير بالماء ، فكيف بالأرض ؟! .
 فما عن "جامع المقاصد" و"منظومة الطباطبائي" - من اعتبار إزالة الأثر - ضعيف جدّاً .
 اللهمَّ إلَّا أن يكون مرادهما بالأثر الأجزاء الصِغار التي تبقى ملتصقة من عين النجاسة ، بحيث لا يصدق عرفاً ذهاب تمام العين مع وجودها ، لا الأثر الذي يتعذَّر غالباً ، أو يتعسَّر إزالته ، كالأجزاء التي لا تزول بالمشي ، ولا بالمسح ، والتي لا يصدق عليها اسم القذر عرفاً .
 والإنصاف: أنَّ ما ذكرناه في مبحث الاستنجاء بالأحجار - من عدم وجوب إزالة الأثر - يأتي هنا .
 وبالجملة ، أنَّ ما نحن فيه مساوٍ للمسح بالأحجار في مسألة الاستنجاء ، من حيث كيفيَّة التطهير ، ولو كان المعتبر إزالة الأثر حتَّى الأجزاء التي يتعذَّر ، أو يتعسَّر إزالتها ، لَمَا أمكن التطهير بالأرض أصلًا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo