الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/04/15
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ الاسلام
قال بعض الأعلام : ( إنَّه يمكن الجمع بينهما ، بحمل النهي عن البيع على البيع على المسلم من غير إعلام ، وإلا فبيعه على المسلم مع الإعلام لا إشكال في جوازه ) .
وفيه: أنَّه لا دليل على عدم جواز بيعه على المسلم ، مع عدم الإعلام ، إلَّا الإجماع المنقول ، وهو غير حجة ، فإطلاق أدلَّة البيع تشمله ، لعدم خروجه بالنجاسة عن المائية ، وذلك لأمرَيْن :
الأمر الأوَّل: لأنَّه يقبل التطهير بما ذكرناه سابقاً ، من نقعه الماء حتَّى ينفذ إلى جميعه .
الأمر الثاني: حتَّى لو قلنا : بعدم قبوله للتطهير ، إلَّا أنَّه يجوز الانتفاع به في غير الأكل ، من إطعام الدواب ، ونحوه .
أضف إلى ذلك: أنَّه ورد في عدة من الأخبار جواز بيع الميتة المختلطة مع المذكَّاة لِمَن يستحلّ الميتة ، كالمخالفين وغيرهم ، ففي صحيحة الحلبي: ( قال سمعت أبا عبد الله ع يقول : إذا اختلط الذكيّ والميتة باعه ممَّن يستحل الميتة ، وأكل ثمنه )
[1]
وكذا غيرها .
أقول: لعلَّ النهي عن البيع في المرسلة الثانية لعلمه بأنَّ المشتري لا يطهّره ، أو لا ينتفع به ، والله العالم .
قال المصنف: ( والاستحالة في النطفة ، والعلقة ، حيواناً ، وفي النجس إذا استحال مِلْحاً ، أو تراباً وأدوات الاستنجاء وإسلام الكافر )
لا إشكال في مطهِّريَّة الاستحالة ، وتقدَّم الكلام بالتفصيل عن استحالة النجس ، والمتنجِّس ، عند الكلام عن مطهِّريَّة النار .
تقدَّم الكلام في مطهِّريَّة حَجَر الاستنجاء وخِرَقه ، ونحوهما ، مفصَّلا في مبحث التخلّي ، عند قول المصنف: ( وغسل مخرج الغائط مع التعدِّي ، حتَّى تزول العين ، والأثر ، ولو لم يتعدَّ أجزأ ثلاث مسْحات بجسم طاهر ... ) ، فراجع .
أما الكافر: فلا إشكال بين الأعلام في كون الإسلام مطهِّراً لبدن الكافر ، وعن بعض الأعلام - منهم المصنِّف في "الذكرى" - : دعوى الإجماع عليه ، وفي "المستند" : دعوى الضرورة ، ولا فرق في ذلك بين المرتدّ الأصلي ، والمرتدّ الملِّي ، وهو المرتدّ الذي لم يكن أحد أبوَيْه مسلماً ، حال انعقاد النطفة .
وأمَّا المرتدّ الفطري ، وهو المرتدّ الذي انعقدت نطفته ، وأحد أبويه مسلماً ، أو كلاهما مسلم ، فالمعروف أنَّ الرجل خاصَّة لا تقبل توبته ، دون المرأة .
وبالجملة ، هناك خلاف في هذه المسألة ، أي النسبة للمرتدّ الفطري ، فنُسب إلى ظاهر المشهور ، وصريح جملة من الأعلام : عدم القبول .
وعن جماعة من المتأخرين : القبول مطلقاً .
وعن بعض الأعلام : القبول باطناً ، لا ظاهراً .
ولعلَّ المراد من عدم القبول ظاهراً : هو تحتُّم قتله ، وتَبِين منه زوجته ، وتعتدّ منه عدّة الوفاة ، وتقسَّم أمواله بين ورثته .
والمراد من القبول الباطني: هو ما عدا ذلك من عباداته ، ونحوها .
وليس المراد من القبول الباطني : مجرد سقوط العقاب عنه في الآخرة ، وإن حكم بنجاسته في الدنيا ، وببطلان عباداته .
وليس المراد أيضاً من القبول الباطني : قبولها في ذلك بالنسبة إليه خاصة ، دون غيره ، ممَّن يباشره .
ومهما يكن ، فقد أطلق الفاضل الأصبهاني في "كشف اللثام" - في باب المواريث - : الإجماع على عدم قبول توبته .
وفي الجواهر : ( أنَّ ذلك معروف في كلمات الأصحاب ، حتَّى أرسلوه إرسال المسلَّمات ) .
وقدِ استُدل أيضاً ببعض الأخبار:
منها: حسنة ابن مسلم قال: ( سألت أبا جعفر ع عن المرتدِّ ، فقال : مَن رغِب عن الإسلام ، وكفر بما أُنزل على محمدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد إسلامه ، فلا توبة له ، وقد وجب قتله ، وبانت منه امرأته ، ويقسم ما ترك على ولده )
[2]
ومنها: موثَّقة عمَّار الساباطي قال: ( سمعت أبا عبد الله ع يقول: كلّ مسلم بين مسلمِين ارتدَّ عن الإسلام ، وجحد محمداً نبوته ، وكذَّبه ، فإنَّ دمه مباح لِمَن سمع ذلك منه ، وامرأته بائنة منه يوم ارتدَّ ، ويقسَّم ماله على ورثته ، وتعتدُّ امرأته عدَّة المتوفّى عنها زوجها ، وعلى الإمام أن يقتله ، ولا يستتيبه )
[3]
[1] - الوسائل باب7 من أبواب ما يكتسب به ح1
[2] - الوسائل باب1 من أبواب حد المرتدّ ح2
[3] - الوسائل باب1 من أبواب حد المرتدّ ح3