الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
34/06/14
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ المعفو عنه
وأمَّا الاستدلال للإلحاق: بالحرج والمشقة .
ففيه: ما لا يخفى ، فإنَّ الحرج الشخصي إذا فرض تحقّقه يكون نافياً للتكليف ، ولا يثبت الغسل في النهار مرَّة
أضف إلى ذلك: أنَّه لا يمكن أن يكون الحرج دليلًا لجميع أفراد المسألة ، إذ ربَّما يكون ذلك حرجيًّا على شخص دون آخر ، وفي وقت دون وقت آخر ، فهو يختلف باختلاف الأشخاص ، والأزمنة ، ونحو ذلك .
والخلاصة: أنَّ عدم الإلحاق هو الأقوى ، والله العالم .
قال المصنف: ( وعن النجاسة مطلقاً مع تعذّر الإزالة )
لا إشكال في العفو عمَّا يتعذَّر إزالته من النجاسة ، من أيِّ نوع كانت ، وكأنَّه لوضوح المسألة لم يتعرَّض لها الأعلام .
وقد يُستدلّ لها: بالأخبار المتقدِّمة ، الواردة في المسلوس والمبطون ، فإنَّها واضحة جدًّا في الصلاة بالنجاسة ، لأجل الضرورة ، ونكتفي بذلك بما ورد في حسنة منصور بن حازم قال: ( قلت لأبي عبد الله ع : الرجل يعتريه البول ، لا يقدر على حبسه ، قال : فقال لي : إذا لم يقدر على حبسه ، فالله أولى بالعذر ، يجعل خريطة )
[1]
أضف إلى ذلك: ما ذكرناه في أكثر من مناسبة من أنَّ الضرورات تبيح المحذورات ، والله العالم .
قال المصنف: ( الدرس 21 : إذا صلَّى مع نجاسة بدنه أو ثوبه ، عالماً مختارًا ، بطلت )
هذا هو المعروف بين الأعلام ، قديماً وحديثاً ، وعليه الإعادة في الوقت ، والقضاء خارجه
قال المحقِّق في "المعتبر": ( وهو إجماع من جعل طهارة البدن والثوب شرطاً ... ) ، وفي الجواهر: ( لِمَا عرفته سابقاً : منِ اشتراط صحَّة الصَّلاة بذلك ، إجماعا محصلًا ومنقولًا ، ونصوصاً مستفيضة ، إن لم تكن متواترة ، بل هي كذلك معنى ، كما لا يخفى على السارد لها ، بعد جَمْع شتاتها ، بل وكذا مع الجهل الحكم ، ولو لنسيانه ، كما صرَّح به بعضهم هنا ، لإطلاق النصوص ، والفتاوى ، بل لعلَّهما أوضح شمولًا لها من صورة العلم ، خصوصاً النصوص ، ضرورة وضوح بطلان الصلاة منه ، لو قلنا : بتصور وقوعها من مثله ، فحملها عليه حينئذٍ بيان للبديهيَّات ... )
وصرَّح العلَّامة ، وكثير من الأعلام ، بأنَّ جاهل الحكم عامد ، لأنَّ العلم ليس شرطاً للتكليف .
وأمَّا صاحب الحدائق : ففرق بين الجهل بالحكم على قسمين :
أحدهما : أن يراد به الغفلة عن الحكم الشرعي بالكليَّة ، وهو الجهل الساذج ، وهذا هو الذي يجب القول بمعذوريته في جميع الأحكام .
ثانيهما : أن يراد به الغير العالم ، وإن كان شاكّاً ، أو ظانّاً ، وهذا هو الذي يجب أن يُقال : بعدم معذوريته.
ثمَّ ذكر أنَّ الجاهل بالمعنى الأول: لا إعادة عليه ، لا وقتاً ، ولا خارجاً ، لعدم توجُّه الخطاب إليه بالكليَّة .
وأمَّا الجاهل بالمعنى الثاني: فتجب عليه الإعادة ، وقتاً وخارجاً ، وذلك لتوجُّه الخطاب إليه ....
أقول: أمَّا بالنسبة للعالم العامد المختار - مضافاً إلى التسالم بين جميع الأعلام في جميع الأعصار والأمصار على وجوب الإعادة في الوقت ، والقضاء في خارجه - يدل عليه : الروايات المتواترة الآمرة بغسل الثياب والبدن من النجاسات ، للصلاة .
وفي الواقع هذه الأوامر: إرشادية إلى اشتراط صحَّة الصلاة ، بخلوها عن نجاسة البدن والثوب ، فإذا صلَّى عالماً عامداً بالنجاسة ، فلم يأتِ بالمأمور به على وجهه ، فكيف يسقط الأمر ، بل كيف تتأتى منه قصد القربة مع علمه بذلك ؟! .
[1] - الوسائل باب19 من أبواب نواقض الوضوء ح2