< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

34/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ المطهرات العشرة \ حكم الصلاة مع النجاسة وأحكام الآنية
 ثمَّ إنَّ ما ذكرناه من الاحتياط بتكرارِ الصَّلاةِ في كلِّ واحدٍ منهما إنَّما هو بناءً على أنَّ حرمةَ الصَّلاة في الثوب المتنجِّس حرمةٌ تشريعيَّة ، كما هو الإنصاف ، لا حرمة ذاتيَّة ، لِعدم ثبوتها ، لأنَّ الأخبار الناهية عن الصَّلاة في النجس قاصرة عن إثباتها ، فإنَّ المتبادر منها إرادة المانعيَّة من الصَّلاة ، أي : بأنَّها إرشاد إلى مانعيَّة النجس ، وليس نهياً مولويًّا .
 وعليه ، فلا حرمة تشريعيَّة هنا ، إذ لا تشريعَ مع الاحتياط ، لأنَّه يأتي بها هنا برجاء المطلوبيَّة ، أي : نصلِّي في كلِّ واحدٍ من الثوبَيْن برجاء المطلوبيَّة .
 ثمَّ إنَّه ما الحكم لو قلنا: بأنَّ الصَّلاة في النجس محرمة بالذات ؟ .
 قد يُقال: إنَّ الاحتياط متعذِّر ، لأنَّ أمر الصَّلاة الواقعة بكلٍّ من الثوبَيْن يدور بين الحرمة والوجوب ، ومقتضى الأصل هو التخيير .
 والإنصاف: أنَّه لا بدَّ من رعاية ما هو الأهمّ في نظر الشارع المقدَّس ، فإنَّ كان التكليف الوجوبي أهمّ وجب الصَّلاة في كلٍّ من الثوبَيْن حتَّى يحصل القطع بفراغ الذمَّة ، وإنِ استلزم المخالفة القطعيَّة ، باعتبار أنَّه منهيّ عن الصَّلاة في الثوب المتنجِّس .
 وإن كانت حرمة الصَّلاة في الثوب المتنجِّس أهمّ فيتعيَّن القول : بوجوب الصَّلاة عارياً ، تحصيلًا لموافقة النهي عن الصَّلاة في النجس ، وإنِ استلزم العلم بمخالفة الأمر بالصَّلاة في الثوب الطاهر .
 نعم ، مع عدم إحراز الأهميَّة يتخيَّر حينئذٍ .
 لا يُقال: إنَّه مع فرض أهميَّة أحدهما فإنَّ مقتضى القاعدة هو الاقتصار على الصَّلاة في الثوب الواحد ، لأنَّ الموافقة الاحتماليَّة في كلا التكليفَيْن أَوْلى بنظر العقل في مقام الإطاعة من الموافقة القطعيَّة في أحدهما ، والمخالفة القطعيَّة في الآخر .
 فإنَّه يُقال: إنَّ الموافقة الاحتماليَّة في كِلا التكليفَيْن يعارضها احتمال المخالفة في كِلَيهما ، المستلزمة لفوات الأهمِّ ، وحصول نقيضه ، فلا يستقلّ العقل بالأولويَّة ، بل يُحكم بترجيح جانب الأهمّ .
 والذي يهوِّن الخطب في المقام أنَّ الحرمة الذاتيَّة هنا غير ثابتة .
 وعليه ، فلا إشكال في الاحتياط في إتيان الصلاة في كلٍّ منهما ، لا سيَّما مع وجود النصِّ الخاصِّ ، فالقول : بالصلاة عُرياناً ، اجتهاد في مقابل النصِّ ، المعمول به لدى الأصحاب (رضوان الله عليهم) ، ولعلَّ ذهاب ابن إدريس إلى الصَّلاة عُرياناً ، بناءً على مسلكه من عدم العمل بأخبار الآحاد ، وإن كانت صحيحة السند ، والله العالم .
 قال المصنف: ( ولو تعدَّدت زاد على عدد النجس واحداً )
 لو كانت الثياب متعدِّدة وتعدَّدت النجاسة أيضاً ، بأن علم بنجاسة أربعة ، صلَّى خمس صلوات ، في خمسة منها منفردة ، فيعلم إجمالًا بصحَّة إحدى صلواته وبالجملة ، لا إشكال بين الأعلام في هذه المسألة .
 قال المصنف: ( ولو جهل العدد صلَّى في الجميع )
 إذا لم يعلم عدد النجس ، فإن كانت الشبهة محصورة ، ولم يكن بعض أطرافها خارجاً عن محل ِّالابتلاء ، ولم يكن أيضاً بعض أطرافها منجّزاً بمنجِّز سابقٍ على العلم الإجمالي ، ونحو ذلك من الأمور التي لا ينحلّ معها العلم الإجمالي ، ففي هذه الحالة يصلِّي في الجميع حتَّى يتيقَّن ببراءة الذمَّة .
 وأمَّا إذا كانت الشبهة غير محصورة ، أو كانت محصورة ، ولكن بعض أطرافها خارج عن محلِّ الابتلاء ، أو كان منجّزاً بمنجِّزٍ سابقٍ على العلم الإجمالي ، ونحو ذلك ، ممَّا يوجب انحلال العلم الإجمالي ، فيكفيه حينئذٍ أن يصلِّي صلاة واحدة في بعض أطراف الشبهة ، لجريان أصالة الطهارة فيها من غير معارض ، لأنَّ الفرض أنَّها لا تجري في الطرف الخارج عن محلِّ الابتلاء ، أو المنجّز بمنجِّزٍ سابق ، لِعدم الأثر لذلك ، فتجري حينئذٍ في الطرف الآخر ، بلا معارض ، وإذا أردت المزيد من ذلك فعليك بمراجعة مبحث العلم الإجمالي ، والله العالم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo