< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : لباس المصلي/ فقه الصَّلاة / في لباس المصلي /
{درس 29}
قوله : (يجب سترة العورة في الصلاة وهو شرط في صحتها)
قال في المدارك : (وجوب سترة العورة في الصَّلاة، وهو قول علماء الإسلام، قاله في المعتبر، وعندنا الأكثر أنَّه شرط في الصحَّة، مع الإمكان ... )، وفي الحدائق : (أجمع العلماء كافَّةً على وجوب ستر العورة في الصَّلاة ... )، وفي الجواهر : (إذا لم يستر القُبُل والدبر مختاراً في الصَّلاة، فإنَّها تبطل حينئذٍ، للإجماع بقسمَيْه منا، ومن أكثر العامَّة، على اشتراط الصحَّة معه ... ).
أقول : هناك تسالم بين الأعلام على اشتراط السّتر في الصّلاة، سواء كان هناك ناظر محترم أم لا، بحيث خرجت المسألة عن الإجماع المصطلح عليه بين الأعلام .
ومع ذلك قد يستدلّ لذلك بعدَّة أدلَّة :
منها : قوله تعالى (خذوا زينتكم عند كل مسجد، بناءً على ما حكاه المصنِّف & في الذكرى بلفظ القيل، من أنَّه (اتّفق المفسّرون على أنّ الزينة هنا ما يواري به العورة للصّلاة والطّواف، لأنّهما المعبّر عنهما بالمسّجد ... ).
وفيه : أنَّه لا عبرة بقول المفسّرين بما هم مفسّرون إلّا إذا ثبت وصول التفسير إليهم بطريق صحيح عن أهل البيت عليهم السلام، والمفروض أنّه لم يصلّ .
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم - في حديث - (قال : قلت لأبي جعفر ‘ : الرّجل يصلّي في قميص واحد، فقال : إذا كان كثيفاً فلا بأس به، والمرأة تصلّي في الدّرع، والمقنعة، إذا كان الدّرع كثيفاً، يعني إذا كان ستيراً)(1).
ومفهومها : أنّه إذا لم يكن كثيفاً، أي : رقيقاً، غير ساتر، ففيه بأس، والبأس هنا يراد به الفساد، كما لا يخفى .
ومنها : صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ‘ (قال : سألته عن الرّجل قطع عليه، أو غرق متاعه فبقي عرياناً، وحضرت الصّلاة، كيف يصلّي ؟ قال : إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتمّ صلاته بالرّكوع والسّجود، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم)(2)، وكذا غيرها من نصوص العاري المشتملة على إبدال الرّكوع والسّجود بالإيماء، والقيام في بعض الأحوال بالقعود، ولو لم يكن السّتر واجباً فيها، وشرطاً في حصتها، لما سقط لأجل فَقْده الرّكوع والسّجود، واكتفى بالإيماء مع أنّهما من أركان الصّلاة، كما لا يخفى .
والخلاصة : أنّ شرطيّة السّتر في الجملة من الواضحات، فلاداعي لإتعاب النفس في الاستدلال لذلك، ولا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة .
_________
(1) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب21 من أبواب لباس المصلّي ح1 .
(2) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب50 من أبواب لباس المصلّي ح1 .

قوله : (وهي السّوأتان من الرّجل، لا الإليتان والفخذان، وأوجب الحلبي والطرابُلْسي : ستر ما بين السُّرّة إلى الركبة، وهو أحوط)
المعروف بين الأعلام أن العورة في الرجل القبل والبيضتان والدبر، أي نفس المخرج، وفي الجواهر : (هو المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا، بل في الخلاف، وعن السرائر الإجماع عليه، كم اعن المعتبر والمنتهى الإجماع على أن الركبة ليست منا لعورة، وفي التحرير وجامع المقاصد وظاهر التذكرة الإجماع على خروجها، والسرة من العورة ... ) .
ونقل عن ابن البراج : أنها ما بين السرة والركبة، وعن أبي الصلاح : أنه جعلها من السرة إلى نصف الساق .
وقدِ استُدلّ للقول الأوّل المشهور بينهم بعدّة أدلّةٍ :
منها : الإجماع المدعى .
وفيه : أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد لا يصلح للاعتماد عليه .
ومنها : مرسلة الواسطي عن بعض أصحابه عن أبي الحسن الماضي × (قال : العورة عورتان، القُبُل والدُّبُر، والدُّبُر مستور بالإليتين، فإذا سترت القضيب والبيضيتين فَقْد سترت العورة)(1)، ولكنّها ضعيفة بالإرسال، وبجهالة سهل بن زياد أبي يحيى الواسطي .
ومنها : مرسلة الكافي، حيث قال : (وفي رواية أخرى : فأمَّا الدُّبر فَقْد سَتَرتْه الإليتان، وأمَّا القُبُل فاسْتره بيدك)(2)، وهي ضعيفة أيضاً بالإرسال .
ومنها : مرسلة الصَّدوق + ( قال : قال الصَّادق & : الفخذ ليس من العورة)(3)، وهي أيضاً ضعيفة بالإرسال .
ومنها : صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر & (قال : وسألته عن الرّجل يكون ببطن فخذه، أو إلْيَته، الجرح، هل يصلح للمرأة أن تنظر إليه، وتداويه، قال : إذا لم يكن عورة فلا بأس)(4)، ولكنَّها غير واضحة الدّلالة .
وقد يُستدلُّ لابن البراج بثلاثة روايات :
الأُولى : معتبرة الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه ‘ (قال : إذا زوَّج الرَّجل أمته فلا ينظرنّ إلى عورتها، والعورة ما بين السرة والرّكبة)(5)، وهي موثّقة، فإنّ الحسين بن علوان ثقة، كما تقدَّم .
وأماَّ القول بأنَّ ذلك مختصّ بالأمة أو المرأة دون الرجل : ففي غير محلَّه، وذلك لأنّ الألف واللام في قوله ‘ : (والعورة ... ) ليس للعهد، وإن تقدّم ذكر الأمة، بل قوله : (والعورة ... ) أي جنس العورة .
الثانية : رواية الخِصال - في حديث الأربعمائة - عن عليّ & (إذا تعرَّى أحدكم نظر إليه الشّيطان فطمع فيه، فاستتروا، ليس للرّجل أن يكشف ثيابه عن فخذيه، ويجلس بين قومه)(6)، ولكنّها ضعيفة، كما عرفت بجهالة القاسم بن يحيى، وجدّه الحسن بن راشد .
والثالثة : رواية بشير النبال - في حديث - (أنَّ أبا جعفر ‘ دخل الحمام فاتّزر بإزار، وغطّى ركبتيه، ثمّ أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجاً من الإزار، ثمّ قال : أُخرج عنّي، ثمّ طلى ما تحته بيده، ثمّ قال : هكذا فافعل)(7)، ولكنّها ضعيفة جدًّا بسهل بن زياد، وبجهالة كلّ من بشير النبّال، وإسماعيل بن يسار، وعثمان السّدوسي، بل لعلّه مهمل .
وعليه، فما ذكره القاضي إن لم يكن هو المتعين فلا أقلّ من الاحتياط الوجوبي، وذلك لموثّقة الحسين بن علوان .
ولا موجب لحملها على التقيّة، لأنّ الحمل على التقيّة إنّما هو إذا لم يمكن الجمع بين الأخبار، وقد استقرّ التعارض، وأمَّا فيما نحن فيه فلا تعارض بين الأخبار، كما عرفت .
_________
(1) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب4 من أبواب آداب الحمام ح2 .
(2) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب4 من أبواب آداب الحمام ح3 .
(3) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب6 من أبواب آداب الحمام ح24 .
(4) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب4130 من أبواب مقدمات النكاح ح4 .
(5) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب44 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح7 .
(6) وسائل الشيعة، الحر العاملي، 10 من أبواب أحكام الملابس ح3 .
(7) وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب31 من أبواب آداب الحمام ح1 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo