< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/03/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : لباس المصلي/ فقه الصَّلاة / في لباس المصلي /
وأمَّا قول أبي الصّلاح - من أنّ العورة ما بين السّرة إلى نصف السّاق - فلا دليل عليه، إلَّا أن يكون مقصوده ما ذكره القاضي +، والزيادة من باب المقدّمة العلميّة، والله العالم .
ثمّ إنّ اللازم هو ستر لون البشرة دون الحجم، إذ لا دليل على ستره، لعدم صدق النظر حينئذٍ إلى العورة .
وعليه، فلا بأس بلفّ العورة بساتر ملصق بها حاكٍ لحجمها، على ما هي عليه .
وممَّا يؤيِّد عدم وجوب ستر الحجم روايتان :
الأُولى : رواية عبيد الله الرافقي - في حديث - (أنَّه دخل حمَّاماً بالمدينةِ، فأخبرَه صاحبُ الحمامِ أنّ أبا جعفر & كان يدخُلُه، فييبدأُ فيَلِي عانتَه، وما يليها، ثمّ يلفّ إزارَه على أطرافِ إِحْليله، ويدعوني، فأطلي سائر بدنه، فقلت له يوماً من الأيام : إنَّ الذي تكره أن أراه قد رأيته، قال : كلا، إنَّ النورة سِتْرة (ستره خ ل) )[1]، ولكنَّها ضعيفة بعبيد الله الرافقي، فإنّه مهمل، وبمحمّد بن زياد الأشجعي الواقع في طريق الصَّدوق + إلى الرافقي، فإنّه أيضاً مهمل، كما أنّ جعفر بن محمّد بن مسرور الواقع في الطريق غير موثّق .
أضف إلى ذلك : أنّ صاحب الحمام غير معلوم فتكون مرسلة، مضافاً إلى أنّه من البعيد جدًّا أنّ الإمام × كان يفعل ذلك، بل لا يفعل ذلك شخص عادي، فضلاً عن المعصوم × .
ومهما يكن، فهي قد تصلح للتأييد فقط .
الرواية الثانية : مرسلة محمّد بن عمر عن بعض من حدّثه أنّ أبا جعفر × كان يقول : (مَنْ كان يُؤمِن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلَّا بمئزر، قال : فدخل ذات يوم الحمام فتنوّر، فلما أطبقت النورة على بدنه ألقى المئزر، فقال له مولى له : بأبي أنت وأمي، إنّك لتوصينا بالمِئزر ولزومه، ولقد ألقيته عن نفسك، فقال : أما علمت أنّ النورة قد أطبقت العورة)[2]، ولكنّها أيضاً ضعيفة بالإرسال، وبغيره أيضاً .
والخلاصة : أنّه لا يجب ستر الحجم .
ومن هنا قال المصنِّف + في الذكرى : (لو كان الثوب رقيقاً يبدو منه الحجم، لا اللون، فالاكتفاء به أقوى، لأنّه يعدّ ساتراً ... ) .
ثمّ إنّه قد يُستدلّ لوجوب ستر الحجم بأمرَيْن :
الأوَّل : تبادره من ستر الواجب .
وفيه : أنّه لا يتبادر ستر الحجم من أدلّة وجوب السّتر، كما لا يخفى .
الثاني : مرفوعة أحمد بن حمّاد إلى أبي عبد الله × (قال : لا تصلّ فيما شفّ، أو وصف)[3]، بناءً على ضبطه بواوَيْن، كما هو المعروف بينهم، ومنهم المصنّف + في الذكرى، ومعنى وصف : أي حكى الحجم، وفي خطّ الشيخ + : (أو صفَّ بواو واحد ) .
وفيها أوّلاً : أنّها ضعيفة بالسيّاري، وبالرفع، وبعدم وثاقة أحمد بن حمّاد .
وثانياً : لو قطعنا النظر عن ضعف سندها إلَّا أنّها لا تدلّ على وجوب ستر الحجم، لأنّه من المعلوم أنَّ الحجم يرى مع ستره بالجلد، ومع ذلك لا إشكال في كفاية السّتر بذلك عند الأعلام، والله العالم .

قوله : (وبدن المرأة، ورأسها عورة)
اِختلف الأعلام فيما يجب ستره من المرأة، ففي التذكرة والمختلف : (عورة المرأة الحرّة جميع بدنها إلّا الوجه بإجماع علماء الأمصار)، وقال الشيخ + في الاقتصاد : (فأمَّا المرأة الحرّة فإنّ جميعها عورة يجب عليه ستره في الصّلاة، ولا تكشف غير الوجه فقط)، وكلامه يقتضي منع كشف غير الوجه من الكفَّيْن والقدمَيْن باطناً وظاهراً .
وحكى عن العلَّامة + في المنتهى : (بدن المرأة الحرة عورة، بلا خلاف بين كلّ مَنْ يُحفَظ عنه العلم)، ولعلّ عدم استثناء الوجه اعتماد على ما ذكره في طيّ كلامه من أنَّه لا يجب ستر الوجه في الصّلاة .
وقال ابن الجنيد + : (الذي يجب ستره من البدن العورتان، وهما القُبُل والدُّبُر من الرجل والمرأة، ثمَّ قال : ولا بأس أن تصلّي المرأة الحرّة وغيرها وهي مكشوفة الرأس، حيث لا يراها غير ذي مَحْرم لها)
أقول : يظهر من كلام ابن الجنيد + أنّ كلامه الأولى مسوق لبيان ما يجب ستره عن الناظر المحترم، كما بيّنا ذلك في مبحث التخلّي، وأمّا هنا فخلافه إنّما هو في جواز كشف الرأس .
ثمَّ إنَّ دليل الشيخ + في الاقتصار على وجوب ستر الجميع هو أنّ بدن المرأة كله عورة .
ومن هنا قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء + - بعد أنّ ذكر أنّ مقتضى الإجماع والأخبار وجوب ستر ما سمّي عورة - : (لا شكّ أنّ المرأة كلّها عورة، لغةً وعرفاً، أمَّا لغةً فظاهر، وأمَّا عرفاً فلأنّ المتعارف التعبير عنها بالعورة، وإطلاق هذه اللفظة عليها شائع ذائع، مع عدم صحة السلب، على أنَّه قد ثبت كونها عورة شرعاً من الأخبار، مثل أنّ النساء عيّ عورات، وغيره، والإجماع، فإنَّ الفقهاء قدِ اتفقت كلمتهم على أنّ المرأة كلّها عورة، ثمّ يستثنون شيئاً منها ... ) .
وفيه : ما لا يخفى، فإنَّ إطلاق العورة عليها لغةً وعرفاً لبعض الاعتبارات لا يصحِّح كونها مصداقاً حقيقيّاً لاسمها على الإطلاق، بل إطلاق العورة عليها مجاز .
وأما الإجماع على أن المرأة كلها عورة .
ففيه أوَّلاً : أنَّه غير ثابت .



[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب18 من أبواب آداب الحمام ح1 .
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب18 من أبواب آداب الحمام ح2 .
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، باب21 من أبواب لباس المصلّي ح4 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo