< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / درس 29 في لباس المصلَّي /

ومنها : رواية مالك بن أعين (قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، وعَلَيْه مِلْحَفَةٌ حَمْرَاءُ (جَدِيدَةٌ خ ل) شَدِيدَةُ الْحُمْرَةِ، فَتَبَسَّمْتُ حِينَ دَخَلْتُ، فَقَالَ : كَأَنِّي أَعْلَمُ لِمَ ضَحِكْتَ (ضَحِكْتَ خ ل) مِنْ هَذَا الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ عَلَيَّ، إِنَّ الثَّقَفِيَّةَ أَكْرَهَتْنِي عَلَيْه وأَنَا أُحِبُّهَا، فَأَكْرَهَتْنِي عَلَى لُبْسِهَا، ثُمَّ قَالَ : إِنَّا لَا نُصَلِّي فِي هَذَا، ولَا تُصَلُّوا فِي الْمُشْبَعِ الْمُضَرَّجِ، قَالَ : ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْه وقَدْ طَلَّقَهَا، فَقَالَ : سَمِعْتُهَا تَبَرَّأُ مِنْ عَلِيٍّ (عليه السلام)، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُمْسِكَهَا وهِيَ تَبَرَّأُ مِنْه)[1]، ولكنَّها ضعيفة بعدم وثاقة مالك بن أعين، سواء كان أخا زرارة وحمران، أم كان الجهني، إذ كلّ منهما غير موثّق، والرّوايات الواردة في مدح مالك بن أعين الجهني هو روايها، فلا تفيد شيئاً .

قوله : (وفي ثوب ممثّل، أو معلّم، أو خاتم أو سيف ممثَّلين)

قال المصنِّف (عليه السلام) في الذكرى : (يُكرَه في ثوب فيه تماثيل، أو خاتم، أو سيف ممثَّلين، سواء الرَّجل والمرأة، ويظهر من كلام الشيخ، وابن البرَّاج، التحريم في الثوب والخاتم مع التماثيل ... )، وفي الجواهر - تعليقاً على القول بالكرهة - : (على المشهور بين الأصحاب، بل عن المختلف نسبته إلى الأصحاب ... ).
أقول : يدلّ على الكراهة عدّة أخبار، بل استفاضت الأخبار في ذلك، وبعضها وإن كان ظاهراً في الحرمة إلّا أنّه محمول على الكراهة جمعاً بين الأخبار، وإليك هذه الأخبار :
منها : صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (أنَّه سأله عن الصَّلاة في المعلَّم، فَكَرِه ما فيه من التماثيل)[2].
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (أنَّه كَرِه أن يصلّي وعليه ثوب فيه تماثيل)[3].
ومنها : صحيحة علي بن جعفر عن أبيه - حيث ورد في ذيلها - (قال : وسألته عن الثوب يكون فيه التماثيل، أو في علمه، أيصلي فيه ؟ قال : لا يصلّي فيه)[4].
ومنها : موثّقة عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - (عن الثوب يكون في علمه مثل طير، أو غير ذلك، أيصلّي فيه ؟ قال : لا، وعن الرّجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير، أو غير ذلك ؟ قال : لا تجوز الصَّلاة فيه)[5] (5).
ومنها : صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث (أنَّه أَرَاه خاتم أبي الحسن (عليه السلام)، وفيه وردة وهلال في أعلاه)[6].
ومنها : رواية الحسين بن زيد عن جعفر بن محمّد عن أبيه - في حديث المناهي - (قال : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن ينقش شيء من الحيوان على الخاتم)[7]، ولكنَّها ضعيفة لِمَا عرفت أنّ حديث المناهي ضعيف بجهالة الحسين بن زيد وشعيب بن واقد، كما أنَّ إسناد الصَّدوق (عليه السلام) إلى شعيب فيه حمزة بن محمّد العلوي، وهو مهمل، وعبد العزيز بن محمد بن عيسى الأسبري
وهو مجهول، وكذا غيرها من الروايات .
ثمَّ إنَّ الرّوايات الظاهرة في الحرمة محمولة على الكراهة للصحيحتين الأولتين المعبَّر فيها بلفظ الكراهة، فإنَّ لفظ الكراهة أصبح حقيقة متشرعيَّة في زمن الصَّادقين • في جائز الفعل وراجح الترك .
ويؤيِّده : فهم الأصحاب، فإنَّ المشهور بينهم شهرة عظيمة هو الكراهة الاصطلاحيّة، وهناك بعض القرائن الأُخر يفهم منهم الكراهة الاصطلاحيّة، مثل : (لا أحب)، و (لا أحب) الواردة في بعض الروايات في المسألة .
وعليه، فهذا التعبير ظاهر في الكراهة الناشئة مرجوحيّة الترك شرعاً، لا على سبيل لزوم الترك، بحيث يكون من المحرّمات .
ويؤيِّد ذلك أيضاً : كثرة استعمال (لا يجوز) في الرّوايات في شدّة الكراهة .
ثمّ إنّه تزول أو تخف بتغيير الصّورة، أو حكايتها ناقصة، ولو في بعض الأجزاء، كما في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) (قال : لا بأس أن تكون التماثيل في الثوب إذا غيّرت الصّورة منه)[8].
ويؤيِّده : ما ورد في خبر الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : ربّما قمت أصلّي وبين يدي وسادة، فيها تماثيل طائر، فجعلت عليه ثوباً، وقال : وقد أهديت إليّ طِنْفِسَة من الشَّام، عليها تماثيل طائر، فأمرت به فغيّر رأسه، فجعل كهيئة الشجر، وقال : إنّ الشّيطان أشدّ ما يهمّ بالإنسان إذا كان وحده)[9]، وإنّما جعلناه مؤيّداً لضعفه بالإرسال، ولأنّه في غير مسألتنا، لأنّ البحث عن اللباس التي فيها التماثيل، والطِنْفِسَة : هي بالبساط الذي له حمل رقيق .
ويؤيِّده أيضاً : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (قال : سألته عن البيت فيه سورة سمكة، أو طير، أو شبهها، يعبث به أهل البيت هل تصلح الصَّلاة فيه ؟ فقال : لا، حتّى يقطع رأسه منه، ويفسده، وإن كان قد صلى فيه فليس عليه إعادة)[10] [11]، وهذه الرّواية ضعيفة في قرب الإسناد بعبد الله بن الحسن فإنّه مهمل، إلّا أنّها رويت في كتاب المحاسن بطريق صحيح .
ويؤيِّده أيضاً : مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال : سألته عن التماثيل تكون في البساط، لها عينان، وأنت تصلِّي، فقال : إن كان لها عين واحدة فلا بأس، وإن كان لها عينان فلا)[12]، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال، وإنّما جعلناهما مؤيّدتين، لأنّ الكلام في اللباس، مضافاً لضعف المرسلة، وأيضاً يتوقف على كون المراد من نفي البأس هو نفي الكراهة .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo