< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / في لباس المصلَّي /

قوله : (والصَّلاة في ثوب المتَّهم بالنجاسة، أو الغصبيَّة)
المشهور بين الأعلام كراهة الصَّلاة في ثوب المتّهم بعد توقّي النجاسات، سواء كان ذلك لعدم مبالاته بالنجاسة، أو لعدم تدينه بها كالكافر، ويظهر من الشيخ (رحمه الله) في المبسوط الحرمة، حيث قال (رحمه الله) فيه :(إذا عمل كافر ثوباً لمسلمٍ فلا يصلِّي فيه إلَّا بعد غسله، وكذلك إذا صنعه له، لأنَّ الكافر نجس ... )، واختاره ابن إدريس (رحمه الله) .
هذا، وقد يُقال : إنَّ مراد الشيخ (رحمه الله) الكراهة، لا سيَّما وأنَّه ذهب إليها في النهاية .
ومهما يكن، فلا إشكال في ضعف القول بالحرمة، كما يتضح لك، إن شاء الله تعالى، وقد يستدلّ لقول بالكراهة بعدَّة رواياتٍ :
منها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) - في حديث -(قال : سألته عن رجل اشترى ثوباً من السَّوق للُّبس، لا يدري لمن كان، هل تصلح الصلاة فيه ؟ قال : إن كان اشتراه من مسلم فليصل فيه، وإن اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله)[1].
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان(قال : سأل أبي أبا عبد الله عن الرَّجل يعير ثوبه لمن يعلم أنَّه يأكل الحِبْرِيَّ (الجري خ ل) ويشرب الخمر، فيردّه، أيصلّي فيه قبل أن يغسله ؟ قال : لا يصلّي فيه حتّى يغسله)[2].
ومنها : صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام)(في الرجل يصلّي في إزار المرأة، وفي ثوبها، ويعتمّ بخمارها، قال : نعم إذا كانت مأمونة)[3]، وهي صحيحة بطريق الشيخ الصَّدوق (رحمه الله)، وهي دالّة بمفهومها على المنع من غير المأمونة .
وإنّما قلنا : يكره، ولا يحرم، لأجل عدَّة من الرِّوايات دلَّت على الجواز :
منها : صحيحة عبد الله بن سنان(قال : سأل أبي أبا عبد الله (عليه السلام) - وأنا حاضر - إنِّي أَعير الذميّ ثوبي، وأنا أعلم أنّه يشرب الخمر، ويأكل لحم الخنزير، فيردّه عليَّ، فأغسله قبل أن أصلّي فيه ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : صلِّ فيه، ولا تغسله من أجل ذلك، فإنَّك أعرته إياه وهو طاهر، ولم تستيقن أنَّه نجَّسه، فلا بأس أن تصلِّي فيه حتّى تستيقن أنّه نجَّسه)[4].
ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار(قال : سألت أبا عبد الله ‘ عن الثياب السابريَّة، يعملها المجوس، وهم أخباث (أجناب) وهم يشربون الخمر، ونساؤهم على تلك الحال ألبسها، ولا أغسلها، وأصلّي فيها ؟ قال : نعم، قال معاوية : فقطعن له قميصاً، خططته، وفتلت له أزرارا، ورداء من السابري، ثمّ بعثت بها إليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار، فكأنّه عرف ما أريد، فخرج بها إلى الجمعة)[5].
وممَّا يؤيِّد الحمل على الكراهة : رواية أبي علي البزَّاز عن أبيه(قال : سألت جعفر بن محمد ‘ عن الثوب يعمله أهل الكتاب، أصلّي فيه قبل أن يُغسل ؟ قال : لا بأس، وأن يغسل أحبُّ إليّ)[6]، وإنَّما جعلناها مؤيِّدة، مع أنّها واضحة في الجمع بحمل الأخبار الناهية على الكراهة، لكونها ضعيفة السَّند بجهالة أبي علي البزَّاز وأبيه، وإهمال عبد الله بن جميل بن عيَّاش .
أضف إلى ذلك : أنَّ الأصل في الأشياء الطهارة، ولا يخرج عن هذا الأصل بمجرد ظنّ النجاسة، بل لا بدّ من العلم بها .
وأمَّا كراهة الصَّلاة في ثوب المتَّهم بالغصبيّة فقد صرّح بذلك الشهيدان وبعض الأعلام، ولكن لا دليل على الكراهة، وقياسها على المتّهم بالنجاسة في غير محلّه، كما لا يخفى، والله العالم .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo