< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فقه الصَّلاة / في لباس المصلَّي /

قوله : (وفي الرقيق غير الحاكي)
قال في المدارك :(المراد حكاية اللون خاصَّة، لا الحجم، كما صرّح به في المعتبر، وإنّما كُرِهت الصَّلاة في الثوب الرقيق غير الحاكي تحصيلاً لكمال السَّتر ... ).
أقول : ذهب المشهور من الأعلام إلى كراهة الصلاة في الرقيق، ولكنّ إقامة الدليل على الكراهة في غاية الإشكال .
وقدِ استُدلّ لها بعدَّة أمور :
منها : أنَّه تحصيل لكمال السَّتر .
وفيه : أنّه لا يصلح دليلاً، كما لا يخفى .
ومنها : صحيحة محمَّد بن مسلم المتقدِّمة في أوَّل الباب ©قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام الرّجل يصلّي في قميص واحد، فقال : إذا كان كثيفاً فلا بأس به، والمرأة تصلّي في الدّرع والمقنعة، إذا كان الدّرع كثيفاً، يعني إذا كان ستيراً)[1].
وجه الاستدلال : أنَّ المراد بالستير هو إرادة الكامل بالستر منه، ولكن ذكرنا سابقاً أنَّ المراد بالصحيحة ما يفيد نفس السَّتر، لا الكمال، فمفهومها إذا لم يكن كثيفاً - أي : كان رقيقاً غير ساتر - ففيه بأس، والبأس الفساد .
ومنها : مرفوعة أحمد بن حماد إلى أبي عبد الله عليه السلام ©قال : لا تصل فيما شفّ، أو وصف)[2]، بناء على ضبطه بواوين، كما هو المعروف بينهم .
ولكن فيها أوّلاً : أنّها ضعيفة بالسياري، وبالرفع، وبعدم ثاقة أحمد بن حماد .
وثانياً : أنّ المراد من قوله : ©لا تصلِّ فيها فيما شف أو وصف)، أي : مع حكاية اللون أو الحجم، كما عن بعضهم، ولكن قلنا سابقاً : إنَّها لا تدلّ على وجوب ستر الحجم .
ومنها : قول أمير المؤمنين عليه السلام - في حديث الأربعمائة - ©قال : عليك الصفيق من الثياب، فإنَّ مَنْ رقّ ثوبه رقّ دينه، لا يقومن أحدكم بين يدي الرب - جلّ جلاله - وعليه ثوب يشفّ ...) [3]،
فإنَّ سَوْقَ الرّواية يُشعِر بإرادة الكراهة، ولكنَّها ضعيفة، لِمَا عرفت في أكثر من مناسبة أن حديث الأربعمائة ضعيف بالقاسم بن يحيى، وجدّه الحسن بن راشد، فإنّهما غير موثَّقين .
والخلاصة : أنَّ القول بالكراهة مبنيّ على التسامح في أدلّة المكروهات .

قوله : (واللثام غير المانع من الكلم الواجبة، والنقاب للمرأة كذلك)
المشهور بين الأعلام كراهة اللثام للرجل غير المانع من القراءة وغيرها من الأذكار الواجبة، وكذا كراهة النقاب للمرأة منهما، وأمَّا مع المنع فلا إشكال في حرمتهما .
وقدِ استُدل للكراهة بالإجماع المدّعى في الخلاف .
وفيه : أنَّ هذا الإجماع المنقول بخبر الواحد يصلح للتأييد فقط، كما عرفت في أكثر من مناسبة .
وقد استدلّ أيضاً برواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ©قال : قلت له : أيصلّي الرجل وهو متلثّم ؟ فقال : أمَّا على الأرض فلا، وأمَّا على الدابّة فلا بأس)[4]، ظاهرها نفي الكراهة في حال الركوب، وهو مخالف لفتاوى الأعلام، إذ لم يفصلوا في الكراهة بين ما لو كان على الأرض، أو حال الركوب .
ومن هنا حملت الرواية على خفّة الكراهة في حال الركوب للاحتياج إلى اللثام حينئذٍ توقياً من الغبار .
ثمّ إنّ هذا كلّه على تقدير صحّة الرّواية، ولكنّها ضعيفة بطريق الكليني والشيخ الراوي عنه، لأن محمد بن إسماعيل الراوي عنه ليس هو ابن بزيع الثقة الذي يروي عن الإمام الرضا عليه السلام، بل هو النيشابوري البندقي المجهول الحال، كما أنَّها ضعيفة بطريق الشيخ الصَّدوق رحمه الله، لأنّ إسناده إلى محمّد بن مسلم فيه عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه، وهما غير مذكورين في علم الرجال .
وعليه، فلم تثبت الكراهة .
ثمّ إنّه مع قطع النظر عن ضعف السند، فإنّ ظاهر قوله عليه السلام : ©وأمَّا على الأرض فلا) هو الحرمة، وإن لم يمنع من القراءة والذكر الواجبَيْن، ولعلّه لذلك نسب إلى الشيخ المفيد رحمه الله القول بالحرمة .
والإنصاف : أنّه - مع قطع النظر عن ضعف السند - يحمل النهي في الرواية على الكراهة، وذلك جمعاً بين الأخبار لورود عدَّة من الأخبار بالجواز :
منها : صحيحة عبد الله بن سنان ©أنّه سأل أبا عبد الله عليه السلام هل يقرأ الرّجل في صلاته وثوبه على فيه ؟ قال : لا بأس بذلك)[5].
ومنها : صحيحة الحلبي ©قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام هل يقرأ الرّجل في صلاته وثوبه في فيه، فقال : لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة)[6]، وسماع الهمهمة كناية عن تحقق القراءة، فإنّها متى تحققت سمع القارئ الهمهمة إذا صحّ سمعه .
ومنها : موثَّقة سماعة ©قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلّي، ويقرأ القرآن، وهو متلثم، فقال : لا بأس)[7].


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo