< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

36/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الصَّلاة في جلد الميتة.
فقه الصَّلاة / درس 30 - الصَّلاة في جلد الميتة /
وممَّا يؤيِّد عدم الإطلاق في هاتين الصحيحتين للنساء أنَّ جلّ الأصحاب لم يفهموا منه ذلك، فيبقى حكم النساء على وفق الأصل، وهو الجواز .
هذا، وقد ذكر بعض الأعلام أنَّه على فرض تمامية إطلاق أدلة المانعية إلا أنَّه معارَض بإطلاق ما دلّ على جواز لبسهن للحرير الشامل للصلاة بالعموم من وجه، والترجيح له بفهم الأصحاب، ولو فرض التساوي فالحكم هو التساقط، والرجوع إلى أصالة عدم المانعية .
وفيه - مع قطع النظر إلى أن الدليل الأساسي لحلية لبسهن فيه هو التسالم، وإلا فإن الأخبار الواردة في جواز لبسهن فيه جلها ضعيف السند - : أنَّ دليل الجواز لا يستفاد منه أكثر من الجواز التكليفي دون الوضعي فشموله لحال الصلاة لا ينافي المانعية .
وعليه، فلا تعارض بين الدليلين .
ومن جملة الأمور التي استدل بها على المنع رواية جابر الجعفي قال : سمعت أبا جعفر ’ يقول : ليس على النساء أذان – إلى أن قال : - ويجوز للمرأة لُبْس الديباج والحرير في غير صلاةٍ وإحرامٍ، وحرم ذلك على الرجال إلا في الجهاد ...[1]، وهي وإن كانت واضحة الدلالة إلا فيها ضعيفة السند بجهالة كل من أحمد بن الحسن القطان والحسن بن علي العسكري، وجعفر بن محمد بن عمارة، وأبيه
ومنها : صحيحة زرارة قال : سمعت أبا جعفر’ ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء، إلا ما كان من حرير مخلوط بخزّ، لحمته أو سداه خزّ، أو كتان، أو قطن، وإنَّما يُكره الحرير المحض للرجال والنساء[2]، والرواية صحيحة، لأنّ موسى بن بكر والواسطي الواقع في السند من المعاريف الكاشف ذلك عن حسنه، ووثاقته .
وبالجملة، فإنَّ هذه الرواية وإن كانت صحيح إلا أنَّها ظاهرة في المنع عن اللبس تكليفاً، فحملها على المانعية، وإرادة الحرمة الوضعية المختصة بحال الصلاة، من المؤوَّل الذي ليس بحجة عندنا، فلا موجب لصرفها عن ظاهرها .
نعم، يحمل النهي على مطلق المرجوحية، بإرادة الحرمة النفسية بالنسبة إلى الرجال، والكراهة بالنسبة للنساء، بقرينة ما ثبت من التسالم على جواز لُبْسهنّ فيه .
ومن جملة الأدلّة ما دل على أنَّه لا يجوز للمرأة الإحرام في الحرير، بضميمة ما دل من النص على أنَّ ما تجوز الصلاة فيه يجوز الإحرام فيه، كما في صحيحة حريز عن أبي عبد الله ’ قال : كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أنْ تحرم فيه[3].
وفيه أولاً : أنَّه يتوقف على المنع من لُبْسها الحرير في الإحرام وهو محال منع حيث ذكرنا في مبحث الحج أنه يجوز لها ذلك على كراهة .
وثانياً – مع التسليم بالمنع من لبسها الحرير في الإحرام - : يتوقف على أنَّ القضية حجة في عكس نقيضها، أعني كل ما لا يجوز الإحرام فيه لا تجوز الصلاة فيه، وهو غير ثابت كما ذكرنا في علم الأصول في مبحث العام والخاص عند دوران الأمر بين التخصيص والتخصُّص .
وحاصله : أنَّ من ذهب إلى حجية القضية في عكس نقيضها تمسك بأصالة العموم، فإنَّها من الأمارت، ومثبتات الأمارة حجة، ومنها عكس نقيضها، فإنَّ عموم كل عالم يجب إكرامه يثبت عكس نقيضه وهو ما لا يجب إكرامه ليس بعالم .
ويرد عليه أنَّ أصالة العموم وإن كانت من الأمارات إلَّا أنَّ مرجعها إلى الظهورات، ودليل حجيتها سيرة العقلاء، وهو دليل لبّي، يُقتصر فيه على القدر المتيقن .
وبالجملة، فإنّ ما قيل من أن مثبتات الأمارة حجة في مدلولها الالتزامي ليس على إطلاقه، بل يختلف باختلاف مقدار دلالة دليل الحجية، فإن كان مطلقاً اقتضى حجية اللازم مطلقاً .
وأمَّا إن كان دليل الحجية مهملاً اقتصر على القدر المتيقن من دلالته، وحيث إنَّ دليل حجية الظهور بناء العقلاء الذي هو من الأدلّة اللبية كان اللازم الاقتصار على المتيقن من دلالته، ولم يثبت بناء العقلاء على حجية الظهور بالإضافة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo